صحافة دولية

إنترسبت: تقارير عن حالات اعتقال وتعذيب للمحتجين اللبنانيين

إنترسبت: قال متظاهرون إنهم تعرضوا للتعذيب على يد قوات الأمن اللبناني- جيتي
إنترسبت: قال متظاهرون إنهم تعرضوا للتعذيب على يد قوات الأمن اللبناني- جيتي

نشر موقع "ذي إنترسبت" تقريرا أعده كل من دانيال مدينة وكريم شهيب، يتحدثان فيه عن احتجاجات لبنان التي مر عليه مئة يوم. 

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن متظاهرين قولهم إنهم تعرضوا للتعذيب على يد قوات الأمن اللبناني، مشيرا إلى أن علي باسل وسامر مزة تركا مكان التظاهر في وسط بيروت في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 ليجدا نفسيهما محاطين بمجموعة من الرجال، وليس بعيدا عن شارع الجميزة، الذي تنتشر على جانبيه الحانات، وفي الوقت الذي حاول فيه أحد الرجال اعتقال مزة، حاول باسل سؤال الرجال عن هويتهم. 

ويفيد الكاتبان بأن عربة عسكرية وصلت بعد دقائق وفيها رجل قدم نفسه على أنه من المخابرات العسكرية، مشيرين إلى قول باسل: "أخذ الضابط برفع يدي فوق رأسي.. جاء آخر على دراجة نارية وضربني من الخلف وشعرت بضربة قوية في ظهري". 

ويذكر الموقع أن الرجلين اعتقلا ونقلا إلى مركز عسكري، ويقول الرجلان إنهما كانا في ساحة الاحتجاج يهتفان ويطبلان على الأواني، واتهما أثناء التحقيق برمي الحجارة على قوات الأمن، لافتا إلى أن باسل ومزة كانا من بين 450 معتقلا اعتقلهم الجيش وقوات الأمن الداخلي منذ بداية الثورة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

ويورد التقرير نقلا عن منظمة "أمنستي إنترناشونال"، قولها إن ثمانية منهم تعرضوا للتعذيب، دون أن تعلق الصحافة المحلية على ما جرى لهم، مشيرا إلى آنه مع الإعلان عن الحكومة اللبنانية الجديدة بدأت تظهر انتهاكات قوات الأمن اللبناني للعلن، وفي يوم الخميس ناشدت "أمنستي إنترناشونال" الحكومة الجديدة بردع قوات الأمن عن قمع المحتجين.

 

ويجد الكاتبان أن الأساليب الشديدة التي يقوم بها الجيش ستضر تحديدا به، مشيرين إلى أنه هو المؤسسة التي يزداد تأثيرها في البلد الذي يشهد أوضاعا سياسية فوضوية. 

وينقل الموقع عن باسل، قوله إنه تعرض للتعذيب الذي أدى إلى كسر في أضلاعه، وأشار إلى أن السلطات قامت بعملية إعدام وهمي له، وأضاف: "كانوا يأخذوننا خارج البناية وكنا نشعر بهذا؛ نظرا لوجود الهواء في المساحة المفتوحة"، حيث كان هو ومزة معصوبي العينين، وقال: "فجأة، جاء أحدهم وطلب منا الركوع، ودفعنا إلى الأرض، وبدأ بتعبئة كلاشينكوفه، وكان ينتظر قليلا ثم يعيدنا إلى الداخل مرة أخرى". 

وتحدث الموقع مع ثلاثة أشخاص اعتقلوا وكشفوا للموقع عن تجربتهم، وتم التأكد من التفاصيل التي قدموها بمقارنتها بالتقارير الطبية وشهادات آخرين اعتقلوا معهم. 

ويشير التقرير إلى أن الجيش اللبناني حصل على مديح المجتمع الدولي نظرا لضبط النفس الذي مارسه في مواجهة المتظاهرين الذين خرجوا بالملايين، لافتا إلى انتشار أشرطة فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأولى تظهر المحتجين وهم يعانقون الجيش. 

ويقول الكاتبان إن المؤسسة العسكرية، التي كانت عامل استقرار للبلد بعد نهاية الحرب الأهلية، حافظت على احترامها، مشيرين إلى قول المحلل السياسي اللبناني حليم شبيعة: "في البداية كان هناك قرار من الجيش وقوات الأمن الداخلي بعدم الإفراط باستخدام القوة"، وأشار إلى مرحلتين في موقف الجيش قبل وبعد 29 تشرين الأول/ أكتوبر من استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، فبعد الاستقالة زاد الضغط على الجيش من المؤسسة السياسية التي طالبته وقوات الأمن بوقف المتظاهرين الذين بدأوا بإغلاق الشوارع.

ويورد الموقع نقلا عن الجيش وقوات الأمن، قولهم إنهم يستطيعون التظاهر لو التزموا بالبقاء في الساحات العامة، مشيرا إلى أنه بعد إعلان الجيش تعرض المتظاهرون لحملات قمع هي الأسوأ مع نهاية عام 2019، وتم اعتقال وجرح المئات في المواجهات التي دارت بين المتظاهرين وقوات الأمن. 

ويلفت التقرير إلى أن حلفاء الجيش في الحكومة دافعوا عن أساليب الجيش، وقارنوا موقفه مع رد فعل القوات الأمنية في العراق وإيران، ففي العراق قتل 600 شخص منذ اندلاع الانتفاضة في 1 تشرين الأول/ أكتوبر، وفي إيران لا تزال منظمات حقوق الإنسان تبحث عن العدد الحقيقي، مشيرا إلى أنه في لبنان لم يقتل سوى أربعة أشخاص. 

وينوه الكاتبان إلى أن وسائل الإعلام في لبنان لم تهتم بما حدث للمعتقلين الذين وصفوا لمنظمات حقوق الإنسان حالات مماثلة مثل باسل: أي تم اعتقالهم في الشارع بعد مهاجمة الجيش لهم وضربهم والتحقيق معهم في مراكز سرية في بيروت وحول البلاد، مشيرين إلى أن الاعتقال جاء على هوامش التظاهرات، وبعيدا عن عدسات التلفزة، كما تقول نمرين السباعي التي تعمل في "المفكرة القانونية"، التي تعاملت مع عدد من حالات المعتقلين. 

وينقل الموقع عن سباعي، قولها: "تم اعتقالهم على يد المخابرات العسكرية ولا نعرف مكانهم.. لا توجد شفافية على الإطلاق في تعاملهم معنا"، أي المحامين، وقارنت سباعي بين تظاهرات اليوم وتلك التي اندلعت بسبب تراكم النفايات عام 2015، التي لم يؤد فيها الجيش أي دور، وفي عام 2019 أدى الجيش دورا، وقالت سباعي: "عمليات الاعتقال هذه غير قانونية". 

وبحسب التقرير، فإن عددا من المتظاهرين زعموا أن الجيش قام بتعذيبهم خلال التظاهرات وبعدها، وتحدث خلدون جابر في ساحة الشهداء، مركز الاحتجاج عن تجربته، ففي 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 شارك في التظاهرات في منطقة بعبدا في الطريق السريع الذي يقود إلى القصر الجمهوري، وتم تنظيم التظاهرة على عجل بعدما انتقد الرئيس ميشيل عون المتظاهرين، وبعد ساعتين من التظاهر والهتافات ضد عون جاءه رجلان بالزي المدني وطلبا منه التحدث بعيدا عن المتظاهرين، و"فجأة ألقوني على الأرض ثم جروني نحو قوات الأمن، وبدأ حوالي 30 شخصا بضربي". 

ويورد الكاتبان نقلا عن جابر، قوله إن هؤلاء الرجال كانوا بالزي المدني، لكنهم يرتدون شارات عليها شعار الأمن الداخلي والحرس الجمهوري، وأضاف أنه سجن في زنزانة انفرادية ولم يعرف أحد مكانه لمدة 18 ساعة، فلم يكن قادرا على التحدث مع محاميه أو إخبار عائلته. 

ويذكر الموقع أن المحققين معه ركزوا على معرفة إن كان قد حصل على أموال من سفارة أجنبية للتظاهر، مشيرا إلى أنه مع زيادة إحباط المحققين منه زاد ضغطهم النفسي والعاطفي عليه، واستخدموا أساليب تعذيب مثل ضربه على ظهره وأطرافه بعصا. 

ويشير التقرير إلى أن جابر، الذي كان في أذنه ثقبا، سئل إن كان من المثليين، أو له علاقة بمشروع ليلى الذي أثار ضجة صيف العام الماضي بعد اتهام الكنيسة المارونية لأفراده بالكفر، و"توقف التعذيب والضرب بعدما بدأ يبزق دما". 

ويقول الكاتبان إنه في حالة ثالثة كان بشير نخلة يأكل مع أصدقائه في شارع رياض الصلح حين سمع ضجيجا قرب تجمع للشرطة، ويقول: "أخذت هاتفي للتصوير ورأيت أشخاصا يهرعون باتجاهنا"، ويضيف نخلة أن شرطة مكافحة الشغب تعرضت للهجوم وبدأت بملاحقة المتظاهرين. 

ويلفت الموقع إلى أن نخلة توقف عن التصوير، حيث تقدم منه ضابط ملوحا بعصاه، وضرب نخلة على ظهره، وبعد ذلك "حاصرني عدد منهم وأخذوا يضربوني"، وجره رجال الشرطة بكوفيته إلى الحاجز، حيث قيد مع عدد من المحتجين، مشيرا إلى أن نخلة تعرض لضربة في وجهه وبدأ يبصق دما، وطلب منه ضابط أن يناديه "سيدي"، وحرم هو من معه من العناية الطبية، وقضوا ليلتهم في السجن العسكري. 

ويفيد التقرير بأنه بعد زيادة عدد المعتقلين شكلت لجنة لتقديم المساعدة للمعتقلين، وتقديم الدعم الصحي والمساعدة القانونية لهم، وقدمت صفحتها على "فيسبوك" معلومات حول مراكز المعتقلات والمحاكم وكل شيء يتعلق بالمعتقلين، مستدركا بأن المحامين يواجهون عقبات نظرا لأن بعضهم متفاعل مع المتظاهرين، وتقول سباعي إن "الجيش لا يتعاون". 

وينوه الكاتبان إلى أن الاتهامات بالتعذيب تأتي في وقت يواجه فيه لبنان أسوأ أوضاعه الاقتصادية منذ 1990 بعد نهاية الحرب الأهلية، مشيرين إلى أن استقالة الحريري خلقت فراغا في السلطة، حيث تنافست المؤسسة على ملئه، وجرى اختيار الأستاذ الجامعي ووزير التعليم السابق حسان دياب، الذي لم يكن يعرفه الكثيرون، لتشكيل الحكومة في كانون الأول/ ديسمبر. 

ويشير الموقع إلى أنه في خلفية الأحداث زادت أمريكا من مساعداتها للجيش اللبناني، وفي الشهر الماضي أفرجت الإدارة عن موافقة في الكونغرس لتزويد الجيش اللبناني بالمساعدات بعد توقيفها لعدة أسابيع، لافتا إلى أن واشنطن علقت المساعدة بعد إعلان الحكومة نظرا لصلات الأخيرة بحزب الله.

ويلفت التقرير إلى أن واشنطن قدمت منذ عام 2010 مساعدات بقيمة 1.7 مليار دولار، وذهبت معظم المساعدات لشراء المعدات العسكرية وتدريب القوات الأمنية، مشيرا إلى أن هذه المساعدات تأرجحت صعودا وهبوطا نظرا لحاجة أمريكا لحماية مصالحها، خاصة في الفترة ما بين 2014 – 2015.

 

ويذكر الكاتبان أن الإدارة الأمريكية تعاملت مع الدعم العسكري للجيش على أنه وسيلة لتقويته في بلد تؤدي فيه التحالفات الطائفية دورا مهما، مشيرين إلى أن وزارة الخارجية رفضت التعليق على طبيعة الدعم الأمريكي للجيش اللبناني.

ويختم "إنترسبت" تقريره بالإشارة إلى أنه عندما سئل متحدث باسم الإدارة عن دعم دافع الضريبة الأمريكي لمؤسسة تمارس الاعتقال والتعذيب، فإنه أجاب قائلا: "تقوم الإدارة وبشكل مستمر بمراجعة وتقييم الدعم الأمريكي الأجنبي، والتأكد من صرف الأموال في مجالات تخدم السياسة الخارجية الأمريكية ومصالح الأمن القومي، ولا تخدم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أعداءها".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)