ملفات وتقارير

خبراء: الجزائر تعود للملف الليبي وتنخرط في مسار التسوية

الرئيس الجزائري التقى نظيره الليبي وسط حراك دبلوماسي تشهده البلاد- مكتب المجلس الرئاسي الليبي
الرئيس الجزائري التقى نظيره الليبي وسط حراك دبلوماسي تشهده البلاد- مكتب المجلس الرئاسي الليبي

يجمع مراقبون على أن الجزائر عادت مجددا لتأدية دور في حل الأزمة الليبية، بعد أن لزمت الحياد لسنوات عديدة، ونأت بنفسها عما يجري في البلد المجاور، الذي يشهد حربا بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والحكومة الشرعية في العاصمة طرابلس.

 

وأطلقت الجزائر تصريحات غير مسبوقة تجاه ما يجري من تطورات بليبيا، حين اعتبرت أن "طرابلس خط أحمر ترجو عدم تجاوزه".

وشهدت الجزائر، خلال الأسبوع الجاري حركية دبلوماسية حثيثة، حيث استقبلت في ظرف يومين رئيس الحكومة الليبية فايز السراج مرفوقا بوفد وزاري مهم، كما استقبلت وزراء الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو والإيطالي لويجي دي مايو والمصري سامح شكري.


قبل أيام، قطعت الجزائر أول خطوة لها على طريق العودة للملف الليبي، بعدما اكتفت لسنوات بمراقبة الوضع وإسداء النصيحة لليبيين بتبني "حل داخلي توافقي وسلمي".
وأطلقت الرئاسة الجزائرية تصريحات غير مسبوقة تجاه ما يجري من تطورات بليبيا، حين اعتبرت أن "طرابلس خط أحمر ترجو عدم تجاوزه"، في إشارة للهجوم المتعثر الذي يشنه خليفة حفتر على طرابلس منذ 4 نيسان/ أبريل 2019، والمدعوم بمرتزقة متعددي الجنسيات.


كما وضع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، المنتخب حديثا، الانخراط "الدبلوماسي" في مسار تسوية الأزمة الليبية على رأس أولويات سياسته الخارجية.
وقال في خطاب تنصيبه الشهر الماضي، إن بلاده "لن تقبل بإقصائها من الحلول المقترحة لتسوية الأزمة في ليبيا".


فيما كشف تبون عن أول ملامح خارطة الطريقة المنتهجة تجاه الوضع في ليبيا، عندما قال خلال استقباله الاثنين، رئيس حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، فايز السراج مرفوقا بوزيري الخارجية والداخلية، أن "طرابلس في نظر الجزائر تعتبر خطا أحمر ترجو عدم تجاوزه".


وأثار هذا التصريح اهتمام الصحافة المحلية، التي اعتبرته عودة "قوية" للدبلوماسية الجزائرية.
وكتبت صحيفة "المجاهد" الناطقة بالفرنسية (مملوكة للدولة)، على صفحتها الأولى لعدد الأربعاء: "الوضع في ليبيا الدبلوماسية الجزائرية.. المرور إلى الفعل"، فيما أبرزت صحيفة الخبر (خاصة)، في واجهتها عبارة "طرابلس خط أحمر".


من المراقبة إلى الفعل


وبحسب خبراء، فإنه بتلك التصريحات والمواقف، تكون الجزائر قد أنهت سنوات من الاكتفاء بدور "المراقب".
وعن دلالات التحرك الجديد للدبلوماسية الجزائرية، وصدور تصريحات شديدة اللهجة من رئاسة الجمهورية، وليس وزارة الخارجية، اعتبر المحلل السياسي لزهر ماروك، أن السياسة الخارجية الجزائرية استعادت "ديناميكيتها القوية"، بعد سنوات من الغياب بسبب مرض الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

 

اقرأ أيضا: الوفاق الليبية تسعى لاستمالة الجزائر لدعم مواقفها.. هل تنجح؟

وقال ماروك، إن الحركية الملفتة للدبلوماسية، "طبيعية" لأن الأمر يتعلق "بأخطر أزمة على الأمن القومي الجزائري"، في الوقت الحالي.
ورأى في تصريح رئاسة الجمهورية بأن "طرابلس خط أحمر لا يجب تجاوزه"، إبرازا "لسقف الموقف الجزائري"، بمعنى "أنها لا يمكن أن تتسامح مع سقوط العاصمة الليبية في يد مليشيات حفتر".
وتابع: "سقوط طرابلس في يد هذه المليشيات، يعني سقوط الشرعية (حكومة الوفاق المسيطرة على العاصمة معترف بها دوليا)، ويكرس واقعا أمنيا خطيرا جدا؛ لأنه ستصبح بجوارنا دولة تحكمها المليشيات".


واتخذت الجزائر موقفا واضحا من هجوم خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، وقالت إنه "مرفوض"، كما أدانت الهجوم على الكلية العسكرية بطرابلس.


هل تتدخل الجزائر؟

 
أثار تصريح الرئاسة الجزائرية بشأن طرابلس، تكهنات عديدة، بشأن ما ستفعلها لحماية طرابلس من الانهيار، وما إذا كانت ستلجأ للتدخل عسكريا؟
غير أن الخبير في الشؤون الأمنية، محمد خلفاوي، استبعد قيام الجزائر بتدخل عسكري "مهما كان نوعه" في ليبيا، بسبب المانع الدستوري  وعوامل "تكتيكية" وأخرى "مبدئية".
وتقول المادة 29 من الدستور الجزائري: "تمتنع الجزائر عن اللّجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسّيادة المشروعة للشّعوب الأخرى وحرّيّتها... وتبذل جهدها لتسوية الخلافات الدّوليّة بالوسائل السّلميّة".


وقال خلفاوي، إن "تصريح الرئيس، بأن طرابلس خط أحمر، يفهم بأن سقوطها سيضع الأمن القومي الجزائري، أمام خطر فعلي، أي إن درجة التأهب ستتلون بالأحمر".
وأفاد بأن "الأزمة الليبية، خرجت من أيدي الليبيين أنفسهم، وعندما نتبع خيوط الأزمة، نجد أن المتحكم الحقيقي في الوضع هم الأعضاء الدائمون لمجلس الأمن (أمريكا، روسيا، فرنسا وبريطانيا)".
وتابع: "الجزائر ستقدم القراءة المناسبة لقطعة الشطرنج في ليبيا قبل الإقدام على أية خطوة".


وتملك الجزائر في رصيدها تجربة ناجحة في التدخل العسكري "الدقيق" في ليبيا، وحدث ذلك سنة 2014، عندما قامت فرقة من نخبة القوات الخاصة بسحب السفير الجزائري عبد الحميد بوزاهر رفقة 50 موظفا من السفارة الجزائري في طرابلس.


ورصدت المخابرات الخارجية الجزائرية، وقتها تخطيط جماعات مسلحة في ليبيا لاختطاف السفير وطاقمه ونفذت عملية الإنقاذ بسرعة ودقة، دون أية احتكاك مع جهات مسلحة ليبية.
وبغض النظر عن الموانع الدستورية، يسجل التاريخ للجزائر قدرتها الكبيرة على التأثير في مجريات الأحداث على الأرض، حيث قدمت سنوات الستينيات والسبعينيات دعما قويا "بالسلاح"، لحركات التحرر في مختلف البلدان الأفريقية على غرار أنغولا والرأس الأخضر رغم بعد المسافة.


الوجود التركي يخدم الجزائر

 
وفي السياق، قال الخبير الأمني محمد خلفاوي، "إن تقدم (الجزائر) دعما لشعب من أجل الاستقلال عن مستعمر شيء، وأن تدعم فصيلا مسلحا (مليشيا) على حساب آخر في بلد جار شيء ثان".
وتابع خلفاوي، "إن الجزائر متحكمة جدا في حدودها، ولا يمكنها أن تخشى شيئا على الصعيد الأمني"، معتبرا أن " الوجود العسكري التركي في طرابلس، يصب في مصلحة الجزائر لأنه يسهم في ردع قوات حفتر، والدفع بالقوى الكبرى لإيجاد تسوية فيما بينهم تنهي الأزمة".
وقال إن وزن الجزائر سيساهم رفقة دول أخرى عبر الحنكة التفاوضية على ردع الأطراف المتناحرة على الأرض وإيقاف الحرب.

 

اقرأ أيضا: تركيا والجزائر تتفقان على بذل الجهود لوقف إطلاق النار بليبيا

وشهدت الجزائر، خلال الأسبوع الجاري حركية دبلوماسية حثيثة، حيث استقبلت في ظرف يومين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز السراج مرفوقا بوفد وزاري مهم.
كما استقبلت وزراء الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو والإيطالي لويجي دي مايو والمصري سامح شكري.


واتفقت الجزائر وتركيا على ضوء الزيارة التي دامت يومين على "تجنب أي إجراء عملي يزيد في تعكير الأجواء في ليبيا، وبذل كل الجهود لوقف إطلاق النار"، وفق بيان للرئاسة الجزائرية نقلته وكالة الأنباء الرسمية.
وفي السياق قال، لزهر ماروك، إن "الجزائر ستستخدم ثقلها السياسي والدبلوماسي وآليات تفاوضية من أجل التوصل إلى تسوية ملائمة للأزمة الليبية".


ورأى المحلل السياسي ذاته، أن الجزائر شرعت فعليا في تنسيق جهودها مع دول شريكة مثل دول الجوار المنطقة المغاربية (تونس) وتركيا والدول الأوروبية، و"ستكثف اتصالاتها مع روسيا والولايات المتحدة، من أجل الدفع لتحقيق تسوية سياسية منسجمة مع رؤيتها للحل".


والأربعاء، دعا الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في بيان مشترك عقب اجتماعهما باسطنبول، إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا يبدأ منتصف ليل الأحد.


وأعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دوليا، والمجلس الأعلى للدولة (استشاري نيابي)، ومجلس النواب الليبي بالعاصمة طرابلس، الأربعاء، ترحيبهم بدعوة وقف إطلاق النار، والبحث عن حل دبلوماسي لإنهاء الأزمة.

التعليقات (1)
أمن المغرب العربي
الجمعة، 10-01-2020 09:36 ص
مصلحة الجزائر هو الشرعية و حكومة الوفاق ، يمكن للجزائر المشاركة و التنسيق في الدفاع الجوي و إرسال بعض المعدات هذا أضعف الإيمان أما الدستور فهو حكاية قديمة