قضايا وآراء

ماذا يفعلون في السودان ؟!

عدنان حميدان
1300x600
1300x600

بعد مرور عام على الثورة في السودان ضد نظام الرئيس عمر البشير الذي جاء بانقلاب عسكري في 1989 وبقي يعدل ويغير بالقوانين ليتمكن من البقاء رئيسا للبلاد ورئيسا للحركة الإسلامية فيها كما يقول وهي حركة غير حركة الإخوان المسلمين أو يمكن أن تسميها منشقة عنها من قبل ذلك الانقلاب بسنوات تحت قيادة الشيخ الراحل حسن الترابي في حينه والذي عاد البشير ليتمرد عليه لاحقا و يزج به في السجن عدة مرات خلال الثلاثين عاما التي مضت.


وربطا لوضوء المسلم بإبريق الماء " الكوز " جاءت التسمية لأتباع البشير بالكيزان وهم المتدينون الذين كانوا يطمحون بحكم إسلامي عادل نموذجي في البلاد. 


وكان البشير يقدم في خطاباته ذلك رافعًا الشعارات الدينية الملهمة وفي ممارساته على الأرض فتح أبوابه للمظلومين والمضطهدين و دعم المقاومة في فلسطين بشكل أضر كثيرا بعلاقاته بالولايات المتحدة حتى فرضت عقوبات قاسية عليه.


بعد كل هذا  خرج الشارع بمطالب اقتصادية مشروعة؛  فقد لمس  ارتفاع  سعر الدولار وتضخم الأسعار بما فيها سعر  رغيف الخبز الذي أصبح يباع بسعرين؛الأول المدعوم من الدولة تحتاج فيه للوقوف  بطوابير  طويلة  بجنيه للرغيف بينما النوع الثاني الذي يسمى التجاري يباع بضعف السعر ، ناهيك عن طوابير أطول في محطات الوقود.


ومع أن البشير كان مطاوعا للسعودية والإمارات فيما يريدون منه إلا أنهم كانوا يشتغلون ضده على الأرض.


و في النهاية بعد ثورة قدّم الشعب السوداني فيها العشرات من الشهداء و المئات من الجرحى تمت الإطاحة عسكريا بالبشير و جاء عدد من ممثلي الأحزاب اليسارية والشيوعية والنقابات المهنية في البلاد لتقاسم الحكم مع العسكر تحت اسم المجلس الانتقالي بصلاحيات واسعة و فترة حكم تمتد إلى ثلاث سنوات دون إجراء أي انتخابات!


أراهم بذلك متشبثين  بالكراسي يحاولون التمكين  لأنفسهم في البلاد  قبل أن يفكروا بالدعوة لانتخابات أو غيرها، وذلك فيما يبدو  بعد أن يضمنوا  تفصيل القوانين اللازمة لفوزهم و إبعاد الخصوم الذين يمكن أن يتفوقوا عليهم.


والمحزن فوق ذلك أنهم صرفوا جل العام الأول بعد الثورة  في الانتقام من خصومهم من الإسلاميين والسعي  لإقصائهم و تهميشهم واعتبار  ذلك أولوية على حساب  الانصراف لبناء السودان وتحقيق السمن والعسل الذي وعدوا الناس به.


وأتساءل هنا عن المنح والقروض والمساعدات التي تعهدت بها كل من السعودية والإمارات و أين هي وهل جاءت أصلا ؟! ولماذا لم يلمس المواطن السوداني المسحوق أثرها على أرض الواقع. 


المواطن السوداني الفقير لمس أثرًا عمليًا لحكام البلاد الجدد بإغلاقهم أكثر من 30 جمعية خيرية محسوبة على النظام السابق كانت تعيل آلاف الأسر الفقيرة دون أن يقدموا بديلا لأولئك المحتاجين !!
وتجدهم يتخبطون في عدد من القرارات المصيرية حيث قالوا برفع الدعم عن الوقود ثم عادوا و تراجعوا عن ذلك وهذا غيض من فيض في هذا المجال .


الدولار الأمريكي رغم تقربهم الشديد من واشنطن خلاف اشتراكيتهم التاريخية واصل الارتفاع بشكل مخيف.


وهنا يتدخل المجلس السيادي المسيطر عليه عسكريا قائلا أن الاقتصاد ليس من مسؤولياته و تسارع حينها قوى الحرية والتغيير الحاكمة في المجلس الانتقالي لرفض الموازنة التي أيدها مجلس الوزراء، وهكذا دواليك تدور في دوامة مفرغة.


وصاية وإقصاء دون تفكير حقيقي بالنهوض بالبلاد و دفع عجلتها الاقتصادية.


بل إن الوصاية التي يريدها البعض على البلاد ككل دفعتهم لمطالبة رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك بإقالة وزير الزراعة لديه لأن أفكاره لا تنسجم مع أفكارهم اليسارية !! 


وهم بذات المنطق الإقصائي يغلقون قبل أيام نحو عشر قنوات فضائية محسوبة على الإسلاميين حتى لو كان بعض هذه القنوات رافضا  لتورط من تورط  في دماء المتظاهرين.


وعلى أرض الواقع يحكمون بإعدام 29 عنصر مخابرات  بتهمة قتل متظاهر واحد تحت التعذيب  دون أن يشمل الحكم أي ضابط أو مسؤول !!فهل يعقل أن يتصرف أولئك العناصر من صغار الجنود على رأسهم دون تعليمات من المسؤولين عنهم وكيف استطاعوا إثبات مشاركة أولئك ال 29 بقتله و حصولهم جميعًا على نفس الحكم؟


وكيف أمكنهم الوصول لأولئك ال 29 في حين لم يصلوا لمن قتل مئة أمام أعين الناس.


ممثلو الثوار - كما يسمون أنفسهم - يحتفظون في سياستهم الخارجية بعلاقات متميزة مع السعودية والإمارات و رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح برهان يغازل علانية  حكام "أبو ظبي".


ليس هذا فحسب بل ويعملون معهم


بإرسال قواتهم إلى اليمن و جنودهم بهيئة "مرتزقة" للقتال مع الانقلابي حفتر في ليبيا ، ثم يحدثك بعض المسؤولين في الخرطوم عبثا  عن استقلاليتهم وعدم تبعيتهم لأحد! 


إن اجتماع الانبطاح لسياسة الرياض وأبو ظبي مع سياسة الإقصاء في محاربة إرث العهد السابق لا تخدمان برأيي سياسة النهوض بالبلد ولا الخروج من كبوته الاقتصادية.


والعقلاء في السودان مطالبون بالتيقظ التام حفاظًا على ثورتهم حتى لا تسرق منهم وهم ينظرون.

1
التعليقات (1)
سوداني
الأربعاء، 01-01-2020 08:19 م
يبدو ان الكاتب لا يعلم اي شيء عن ما يدور في السودان والافضل له ان لا يكتب فيما لا يعلم