مقابلات

معارض مصري: المشاركة بأي انتخابات "خيانة وطنية"

الناشط السياسي محمد سعد خير الله قال إن جميع الوزراء والمحافظين بمصر ليسوا أكثر من "أطقم سكرتارية ومنفذي تعليمات للعسكر"- عربي21
الناشط السياسي محمد سعد خير الله قال إن جميع الوزراء والمحافظين بمصر ليسوا أكثر من "أطقم سكرتارية ومنفذي تعليمات للعسكر"- عربي21

 

* أدعو لتجميد نشاط الأحزاب المصرية بالكامل بدلا من استخدامها كديكور من قبل النظام

 

* مستوى الانتقادات الدولية لنظام السيسي في تصاعد.. والمصالحة الخليجية لن تغير الأوضاع بمصر

 

* عصابة السيسي أسوأ بكثير من الاحتلال الأجنبي.. ومصر في طريقها للتلاشي

 

* لا توجد أي معارضة داخل مصر الآن.. والسياسة داخليا وُأدت بالكامل

 

* أدعم أي وثيقة وطنية تؤدي في النهاية إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة

 

دعا الناشط السياسي والمعارض المصري محمد سعد خير الله، إلى ضرورة "تجميد العمل الحزبي داخل مصر الآن بشكل كامل، بدلا من الاستخدام الديكوري لوجود معارضة من قبل النظام".

وشدّد، في مقابلة مع "عربي21"، على رفضه التام للمشاركة في "أي انتخابات في ظل حكم السيسي تحت أي مبرر"، مؤكدا أن "أي مشاركة في أي انتخابات تُعد خيانة وطنية، وشرعنة لمزيد من الاستباحة والقمع والظلم والتنيكل بالمصريين على اختلاف أطيافهم".

وخلال الأيام الماضية، اجتمعت أحزاب سياسية مصرية (معظمها مؤيدة للنظام وقليل منها يصف نفسه بالمعارض) فيما يُسمى بجلسات الحوار الوطني الثاني المنعقد بحزب مستقبل وطن، والذي أصبح حزب الأغلبية البرلمانية، من أجل بحث الاستعداد للانتخابات المقبلة سواء مجلس شيوخ أو نواب أو محليات.

 

اقرأ أيضا: الإفراج عن عنان.. إعادة تموضع السيسي داخل مؤسسات الدولة

وهاجم خير الله، المُقيم حاليا بالسويد منذ نحو عامين، حركة التغييرات الوزارية والمحافظين الأخيرة، قائلا: "جميع الوزراء والمحافظين ليسوا أكثر من أطقم سكرتارية ومنفذي تعليمات الجنرالات، هم مجرد أصفار لا أكثر ولا أقل، وبالتالي ما جدوى ذهاب صفر والإتيان بصفر آخر".

وفيما يلي نص المقابلة:

 

كيف ترى المشهد السياسي في مصر حاليا؟

 

نحن بصدد "عصابة حاكمة" تقهر شعب بأكمله، وتستبيحه بكافة الصور، وترهن قرار الوطن ومقدراته بإرادات دول ومؤسسات إقليمية وأجنبية من أجل استمرار الاستعباد، ولو تمت مقارنة هذه العصابة الحاكمة بالمحتل الأجنبي ففي هذا ظلم كبير للدول التي قامت باحتلالنا في السابق، ولو نظرت للاحتلال البريطاني والفرنسي ستجد لهم بعض الإيجابيات والإضافات الهامة جدا في تاريخ مصر على عكس من يحكموننا الآن، وأتحدى أي منصف لو جاء بإيجابية واحدة فقط من النظام الحاكم.

وعصابة السيسي أسوأ بكثير من أي احتلال أجنبي لمصر التي هي في طريقها للتلاشي وعن عمد، إلا إذا حدثت معجزة من السماء؛ فهناك جيش احتكر الاقتصاد بالكامل بعد أن أمّم المجال العام وأمات السياسية، وسيّطر على الأخضر واليابس في بلادنا.

يتردد أن هناك خلافات وصراعات مكتومة داخل أجهزة ومؤسسات الدولة.. فكيف تنظر لتلك التفاعلات؟


بالفعل هناك خلافات حادة وصراعات ضارية وصلت مستويات خطيرة للغاية، ولابد من ربط ذلك بما يحدث من تطورات في إسرائيل والرحيل المرتقب لـ "نتنياهو" الراعي والمُسوق الحصري للنظام المصري. هذه المعركة تتحدث عن فصولها الصحافة الغربية بكثير من الاستطراد، وأتوقع بأن تتوسع وتتفاقم أكثر خلال الأيام المقبلة.

وأسباب تلك الصراعات الشرسة تعود إلى أن هناك ارتباكا غير عاديا داخل مطبخ صنع القرار؛ فهناك جهات تدير القاهرة من خلال وكلائها في الداخل، وقد ترحل بعض تلك الجهات قريبا وبعضها الآخر في طريقه للرحيل كالرئيس الأمريكي دونالد ترمب وغيره، وبالتالي فما جدوى وجود هؤلاء الوكلاء الذين كانوا ينفذون التعليمات؟

وأرى أن الإشكالية الكبرى للسيسي هي انكشافه أمام العالم بأنه ليس من أنصار السلام، بل هو تابع ذليل ومنفذ لليمين العنصري الإسرائيلي، ولابد هنا من طرح سؤال هام جدا: خلال الستة أعوام الماضية بمن ألتقى السيسي من أنصار السلام في أمريكا أو أوروبا أو حتى إسرائيل أو غيرها؟، لا يوجد، ولن يحدث. هو يلتقي فقط بدوائر اليمين المتطرف، وكل من ينتمي للوبي الصهيوني حول العالم.

ما أثر حركة المحافظين والتغييرات الوزارية الأخيرة على الأحداث بمصر؟


جميع الوزراء والمحافظين ليسوا أكثر من أطقم سكرتارية ومنفذي تعليمات الجنرالات، هم مجرد أصفار لا أكثر ولا أقل، وبالتالي ما جدوى ذهاب صفر والإتيان بصفر آخر. وفي واقعنا الكارثي هناك أشخاص يبذلون كل ما لديهم ويبيعون ويتنازلون عن الغالي والرخيص ليكون يوما "صفرا" أو حذاءً في قدم أسيادهم العسكر.

الحالة التي يمثلها الفنان والمقاول محمد علي.. هل انتهت برأيك؟


لقد أعلنت دعمي وتقديري له في عدة لقاءات لي، انصافا له، بعدما فجّر حالة من الوعي والاهتمام لدى قطاعات دائما ما كانت بعيدة كل البعد عن السياسة والشأن العام، بينما الآن أصبحت هذه القطاعات داخل معادلة التغيير في مصر، وأتمنى بأن يفطن جيدا إلى أن استقلاليته هي مصدر قوته الأهم في الزخم الكبيرة التي تمتع بها سابقا.

واستمرار حالة الزخم التي يتمتع بها محمد علي يتوقف على طرحه الجديد، ومن معه بخصوص "وثيقة مستقبل مصر"، وبأن يعي قدراته جيدا؛ فهو ليس "مُنظر سياسي"، ولا يجب تحميله أكثر مما لا يحتمل، وقد نجح بجدارة ككاشف للفساد، وتطهر من داخل مطبخ وأروقة السلطة الفاسدة. وأنصح المقربين منه بالتعامل معه في هذا السياق دون تقديمه للناس باعتباره ناعوم تشومسكي أو حنة آرنت، فهم بذلك يضرونه بالغ الضرر.

وهناك تطور إيجابي جدا لدرجة كبيرة في الحالة التي يمثلها محمد علي، ولابد من استغلاله بخروج "إعلان المبادئ" كأساس قوي يرسخ لقواعد التغيير في مصر، وهذا الإعلان أعلنه المفكر السياسي أمين المهدى منذ أيام، وأرى أنه لابد من أن يكون هذا الإعلان حجر أساس في إعداد أي وثيقة، لأنه يسطر طريقا للخلاص وليس لاستدعاء انقلاب على الانقلاب، والانتقال من سيسي للاتيان بسيسي بشرطة.

ما هو موقفك من الوثيقة التي سيعلن عنها الفنان محمد علي الجمعة؟


أنا داعم لأي وثيقة وطنية تؤدي في النهاية إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة - أو لنكن أكثر وضوحا دولة علمانية- ليتم الفصل التام بها بين ما هو ديني وما هو سياسي ومجتمعي، وبها جيش يحمي ولا يحكم، ومجتمع هو سيد الموقف برمته.

كيف تقارن أوضاع معارضة الداخل بمعارضة الخارج؟


لا توجد أي معارضة داخل مصر حاليا. كل معارض حقيقي بالداخل الآن هو بالسجن أو قيد إجراءات قمعية ومراقبة وتدابير احترازية، أما الأحرار الطلاقاء فهؤلاء تابعون بطريقة أو بأخرى للنظام، ومنهم شرفاء تابعين دون وعي ومعرفة، وهذا يصب في مصلحة النظام كثيرا ويميل عمره، في حين يتخيل هؤلاء أنهم يناضلون وفق ما هو متاح، بينما هم يستخدمون لترسيخ واقع كارثي مأساوي. ولكم كنت أتمنى وجود رائد مسرح العبث "صامويل باركلى بيكيت" ليخرج لنا بنص يناسب ذلك تلك المرحلة السريالية الجنونية.

ولابد أن نسمي الأمور بما يجب وأن نصارح أنفسنا بالحقيقية مهما كانت قاسية. السياسة الآن داخليا وُئدت بالكامل، والحل بات بيد معارضة الخارج بشرط أن نقدم أنفسنا كجزء من العالم الحر وليس كبديل ناقم على الجنرالات وفقط، وكأننا في عداء مع العالم أجمع، ونتفنن في إنتاج خطاب حنجوري هزلي أصبح مكانه الأوحد "غرف الانتيكات البالية".

لماذا فشلت كل محاولات الاصطفاف بين مختلف قوى المعارضة؟


لأن الأغلبية إلى الآن تكابر عن الاعتراف بالأخطاء الدرامية من بعد ثورة يناير التي أنتجت هذا الواقع الممسوخ، والحل أو بداية الحل هو الاعتراف والتطهر الحقيقي وليس البرجماتي.

هل تؤيد دعوات تجميد الأحزاب السياسية لإعلان وفاة الحياة السياسية بمصر؟


بالطبع أؤيد وبشدة إعلان تجميد العمل الحزبي بشكل كامل بدلا من الاستخدام الديكوري لوجود معارضة من قبل النظام، مع العمل بأقصى طاقة ممكنة لإشراك كل قطاعات المجتمع المصري وتوعيتهم بما حقيقية ما يجري، ولكن يؤسفني القول إن ذلك لن يحدث، وفي فمي ماء لأسباب كثيرة لا أود الإفصاح عنها في الوقت الراهن.

هل أنت مع أم ضد المشاركة في الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة؟


المشاركة في أي انتخابات الآن – سواء كانت نقابية أو محلية أو برلمانية أو رئاسية- تحت أي مبرر هي خيانة وطنية، وشرعنة لمزيد من الاستباحة والقمع والظلم والتنيكل والبيع والتفريط في مقدرات الوطن وخيراته، وهؤلاء الذين قد يضفون شرعية على أبشع نظام انقلابي مستبد هم أسوأ بكثير من رجال النظام، فما يجري مسرحية مخابراتية بامتياز وتقسيم أدوار بين الأجهزة الأمنية ورجالها المباشرين وغير المباشرين مثل ما يُعرف بتكتل 25- 30.

ومن يتوهم أن هذا النظام المجرم سيُقدم على فتح المجال العام يوما ما، فيؤسفني أن أصدم هؤلاء بأن هذا من رابع المستحيلات، فالنار والماء لا يجتمعان، والزيت والماء لا يختلطان مهما حاولت الدنيا بأكملها.

برأيك: ما هي انعكاسات المصالحة الخليجية المرتقبة على الأوضاع المصرية؟

 

لن يحدث تغيير كبير، كما يظن البعض. ستبقى الأمور في الأزمة المصرية مُجمدة في الكثير من الملفات. وبعيدا عن مصر يبدو أن هذا الملف الخليجي متعثر وسيأخذ الكثير من الوقت حتى يصل لمحطته النهائية التي ستكون بعيدة عن القاهرة، مهما سعى القزم إلى أن يكون رقما صعبا في تلك المعادلة.

كيف ترى الانتقادات الدولية لانتهاكات النظام؟

 

مستوى الانتقادات الدولية لنظام السيسي في تصاعد بعد أن أدرك العالم أجمع أن الإرهاب جزء كبير منه صناعة نظامية لاستمرار هذه الأوضاع، وقد أدرك العالم أن ما يحدث في سيناء تحديدا إبادة جماعية، وجرائم ممنهجة ضد الإنسانية، وتطهير عرقي مكتمل الأركان، وهذا لن يسقط بالتقادم.

أما أن النظام لا يعبأ بذلك فهو نظام غبي يتخيل أن تنازلاته غير المسبوقة وتفريطه في الأمن القومي المصري سيكون حماية أبدية له وفيتو ضد كل ما تم ويتم وسيتم من انتقادات دولية. ولكن مع أي حراك حقيقي ستتغير هذه المعادلة وسيتقدم الصفوف لمطالبة النظام بالمحاكمة الدولية من كان حاميا بالأمس، وسيقدمون السيسي نفسه كقربان وككبش فداء انحيازا للخيار الديمقراطي.

التعليقات (0)