ملفات وتقارير

مع اقتراب انتهاء فترة زعامته للنهضة.. ما مصير الغنوشي؟

الغنوشي رئيس للنهضة منذ 1991م- صفحته الرسمية
الغنوشي رئيس للنهضة منذ 1991م- صفحته الرسمية

ينص القانون الداخلي لحركة النهضة التونسية على أن يستلم رئيسها منصبه لدورتين فقط، ويتسلم رئاستها حاليا راشد الغنوشي الذي تقلد منصبه في عام 1991، وتنتهي ولايته عام 2020.

ويثير استمرار الغنوشي في منصبه رئيسا للنهضة منذ عام 1991 إلى الآن تساؤلات المتابعين، خاصة أن حركته من الأحزاب التي تطالب بالتغيير والتجديد والديمقراطية، وتتعلق هذه الأسئلة حول دوافع الحركة لإبقاء رئيسها هذه المدة الطويلة في منصبه.

الخوف من التجديد

 

 يجيب القيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي على هذا التساؤلات بالقول: "الحركات السياسية هي وليدة مناخها الثقافي مهما ادعت حرصها على تغييره، ونحن أبناء مجتمعات تعودت المحافظة والخوف من التجديد".

 

اقرأ أيضا: الغنوشي: تشكيل الحكومة لم يستكمل.. توقع إعلانها قريبا

ويضيف الجلاصي في حديث لـ"عربي21": "لكن الآن بعد ثورات الربيع العربي وبعد الثورة التكنولوجية و توسع التعليم ومواكبة التجارب المتقدمة، نحن بصدد بناء ثقافة وتقاليد سياسية جديد تقترب إلى قواعد الحوكمة الرشيدة والإدارة الديمقراطية الحقيقية بمعاييرها المتعارف عليها".

دور الغنوشي

 

 وبالسؤال عن دور الغنوشي السياسي في الحركة بعد تنصيبه رئيسا لمجلس النواب التونسي بالتزامن مع انتهاء فترة رئاسته للنهضة، اعتبر الجلاصي بأن "هكذا سؤال لا يُطرح إلا في المجتمعات المحافظة والراكدة التي تخاف التغيير وتَطرح الأسئلة الخاطئة".


وأضاف: "لا يمكن أن يتصور أحد طرح السؤال التالي في الدول الديمقراطية: ماذا سيفعل الزعيم بعد انتهاء عهدته سواء على رأس دولة أو حزب أو منظمة؟ ولا أن يُطرح سؤال ما هو مصير الدولة أو الحزب أو المنظمة بعد مغادرة الزعيم".


وأوضح بأن "الرئاسة هي وظيفة تعاقدية مرتبطة بأجل أو بتحقيق أهداف، وها نحن نرى زعامات أحزاب يستقيلون من مهامهم لعدم نجاحهم في تحقيق برامجهم أو أهدافهم".


وأردف الجلاصي: "آن لنا في منطقتنا العربية أن نفكر التفكير السوي، وأن نعتمد قواعد المنطق السليم إذا أردنا الخروج من الأحزاب الوراثية أو الجمهوريات الملكية".

 

ويتابع قائلا: "أظن أن التداول في النهضة سيحرر الغنوشي من إدارة الشأن اليومي للتفرغ لرئاسة البرلمان، وهي مهمة محورية في وضع تونس الحالي، إضافة لمساهمته في إفادة المنطقة بخبرته انطلاقا من اقتداره الفكري والسياسي وتجربته في التحكيم وإدارة الأزمات".

 

مؤتمر النهضة العام


وحول إمكانية تغيير النظام الداخلي لحركة النهضة ليُمكّن للغنوشي البقاء في منصبه كرئيس للحركة، أكد القيادي في النهضة بأن "الحركة وعلى أهمية دور الغنوشي وباقي الزعامات فيها، إلا أنها لن تتوقف عليهم، بل ستجد آليات للاستفادة من زعاماتها ولو من مواقع غير قيادية".


ويعتقد القيادي بالنهضة أن "الوضع الديمقراطي في تونس لن يقبل تكييف القانون لشخص، ولا المزاج النهضوي ولا الأستاذ الغنوشي نفسه يقبل ذلك، وهو الذي نذر حياته للتبشير بالديمقراطية والتداول والتجديد".

 

يُذكر بأن الغنوشي قال في رده على دعوى قيادي بالحركة لاعتزاله السياسة على خلفية نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية المبكرة: "من ينصّب رئيس الحركة ويعزله هو مؤتمرها العام".

وكان عضو مجلس شورى "النهضة"، زبير الشهودي، دعا رئيس الغنوشي إلى "اعتزال السياسة" على خلفية نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية المبكرة.

الغنوشي ورئاسة البرلمان

 

ووفق الموقع الالكتروني لحركة النهضة، ينعقد المؤتمر العام وهو أعلى سلطة في الحزب مرة كل أربع سنين، ورشحت بعض الأخبار أن المؤتمر القادم سيعقد عام 2020.

 

من جهته قال نائب رئيس الحركة نور الدين البحيري: "الاستاذ راشد  الغنوشي هو مؤسس الحركة ورئيسها، وهو زعيم وطني لا ينكر أحد مكانته الوطنية والإقليمية والدولية، وهو العنوان الأبرز للحركة".

وتابع البحيري في حديث لـ"عربي21": "لكن نحن لم نبدأ إلى الان في الاعداد للمؤتمر العام القادم في 2020، والمؤتمر هو سيد نفسه في كل قراراته، والغنوشي يستلم اليوم رئاسة الحركة ومجلس النواب، وهو العنوان الأبرز لحركة النهضة كمشروع وطني حضاري تقدمي".

وأشار إلى أن "المؤتمر العام يمكن أن ينعقد بموعده أو يتأخر حسب انشغالات الحركة في الاولويات الوطنية مثل الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة وتوفير الحماية للشعب التونسي ضد الارهاب ومحاربة الفساد وتوفير الشغل".


وحول إمكانية تغيير النظام الداخلي لحركة النهضة ليُمكّن للغنوشي البقاء في منصبه كرئيس للحركة، قال البحيري: "كل شيء وارد ولما لا يتم ذلك؟ فالقوانين الداخلية ليست آيات وأحكام قرآنية، فهي تعتمد على اجتهاد أبناء الحركة وإذا ارتأى الأعضاء والمؤتمر العام بأنه ما زال هناك حاجة للأستاذ راشد الغنوشي من أجل كسب المزيد من المكاسب للحركة وللوطن والمنطقة ولكل قوى الخير يمكن أن يحدث التعديل".

وأضاف: "حركة النهضة لن تكون الحزب الأول ولا الأخير الذي يدخل تعديلات على نظامه الداخلي من أجل المصلحة العليا فالضرورات تبيح المحظورات وأينما تكون المصلحة نكون، لكن في النهاية القرار يبقى دائما بين أيدي أبناء الحركة من خلال مؤتمرهم العام".   


في المقابل وردا على تساؤل إذا ما كانت تنحية الغنوشي عن رئاسة الحركة تعطيه الحق الدستوري بالبقاء في رئاسة البرلمان، أجاب الكاتب والمحلل السياسي التونسي، نور الدين العلوي، بأنه "لا تأثير لترك الغنوشي منصبه في رئاسة الحركة على بقائه في موقعه كرئيس للبرلمان".


وأضاف العلوي في حديث لـ"عربي21": "رئاسة الغنوشي للبرلمان تم وفق القانون النيابي وليس قانون حزبه، بل من المفترض به أن يستقيل من قيادة الحركة ليكون رئيسا للبرلمان فقط، أيضا لا يُشترط أن يكون رئيس البرلمان هو نفسه رئيس الحركة أو الحزب".

انتحار سياسي

 

 وتبقى إمكانية تمديد فترة رئاسة الغنوشي للحركة أمر وارد، خاصة أن هناك مؤشرات على أنه يريد ذلك عبر تأجيل المؤتمر العام، وفقا لما يراه الكاتب العلوي.

ويقول العلوي: "موضوع التمديد تحول إلى صراع بين الغنوشي وجنرالات الحركة مثل الجلاصي والمكي، لكن هل يفلح الغنوشي في تأجيل المؤتمر هذا الذي لا نعلمه إلى الآن".


وتابع العلوي: "الغلبة الآن للغنوشي بما يمتلكه من نفوذ مالي على الحركة، أيضا له أنصار يرغبون في بقائه بمنصبه مدى الحياة".

 

اقرأ أيضا: الغنوشي.. من حكم بالإعدام والسجن المؤبد إلى "قصر باردو"


ويعتبر العلوي أن "بقاء الغنوشي في منصبه كرئيس للحركة يُعد بمثابة انتحار سياسي، وذلك لأنه بصفة عامة تجديد القيادات يُجدد الأحزاب لكن دون تخصيص الأمر كقاعدة عامة".


وتابع مستدركا بالقول: "ولكن الغنوشي يملك ميزات لا تتوفر في غيره، فهو قناة اتصال الحركة مع الخارج ويحظى بثقة أصدقاء حزبه مثل تركيا وقطر والتنظيم الدولي للإخوان الذي لا أعلم مدى عمق علاقته مع النهضة، فظاهريا هي ليست جزء منه، ولكن لا نعلم هل هي كذلك في الباطن أم لا".

رأي الشارع التونسي

وحول تقديره لردة فعل الشارع التونسي حال التجديد للغنوشي برئاسة النهضة، يرى المحلل السياسي نور الدين العلوي بأن "الغنوشي سيتعرض للسخرية إذا فعل ذلك، خاصة أن المواطن العادي يتلقف لغو مواقع التواصل الاجتماعي بكل حماقة" على حد تعبيره.

وأضاف العلوي: "أيضا سيسخر أعداء الغنوشي منه إذا فعل ذلك، باعتبار أن حركة النهضة التي تزعم الديمقراطية مسيرة  بطريقة غير ديمقراطية، وهو ما فعلوه بحمة الهمامي زعيم الجبهة اليسارية الذي رفض الطغاة حتى تكسرت الجبهة".

وأكد على أن "صورة الغنوشي في نظر المواطن ستزداد سوء في حال تم التمديد له".

1
التعليقات (1)
مصري جدا
الإثنين، 16-12-2019 04:06 م
ثقافة المنطقة تجعل من التداول السلمي للمسؤلية والسلطة مسالة خياة او موت او ولادة قيصرية متعسرة في احسن الاخوال ،،، ينطبق هذا على انظمة الحكم وقيادات الاحزاب وكذلك قيادة الجماعات الإسلامية العاملة في مجال السياسة ،،، ثقافة اختزال الكيان في شخص الحاكم او القائد ، ما يترتب عليه الترويج ان بقاء الكيان مرتبط بوجود القائد على قمة الهرم الإداري او التنظيمي ، خطيئة تقع فيها الأحزاب والجماعات كما تقع فيها الانظمة ،، المدهش ان كليهما يتكلم طوال الوقت عن الحريات والديمقراطية وتداول المناصب والمسؤوليات وتمكين الشباب ،، لكنها الفجوة الكبيرة التي تعانيها المنطقة بين القيم والإجراءات ، بين ما تقول وما تفعل ،، والسؤال ألمطرح ،، ما مصير فلان بعد تركه للمنصب ،،،سؤال غير منطقي وغير حقوقي وغير ديمقراطي ،، مصيره يخصه هو دون غيره ،، يعتزل العمل العام ويتفرع للعمل المهني هذا شأنه ،، يتفرغ للعمل الثقافي والفكري او الاجتماعي هذا شأنه ،،، لكنه السؤال الأزمة الذي يؤكد أن الفن الوحيد الذي تجيده النخبة هو تولي المناصب ، وبعيدا عنها لا تكون ،،، عشرات الرؤساء ورؤساء الوزاراء في العالم المتحضر انتهت فترة ر ىاستهم ولم ينشغل أحد بهم ،، او يهتم بصيرهم إلا في اللقاءات الإعلامية وهو سؤال روتيني لا قيمة له ،،، المهم الا تكرر الأحزاب ما يكرره رؤساء الاستبداد في تعديل الدساتير وهي موضة عربية سيئة السمعة ،، المهم الا تعدل اللوائح الداخلية وتفصل تفصيلا وعبر مؤسسات الحزب او الجماعة ،، لأنها في جميع الأحول خطيئة، ، تجعل الشباب الواعي الناضج وليس التابع القناع ،، يكفر بقياداته وأفكاره وقيمه ،،، فليرحل الغنوشي في سلام كما رحل المرزوقي وأغلق حسابه على الفيس وكما وعد عبد الفتاح مورو بالرحيل ،، أرحلوا جميعا مفعور لكم ، واتركوا الفرصة للأجيال القادمة والتي اقتدت بكم ردحا من . ،،،

خبر عاجل