كتاب عربي 21

موسم الهجوم على تركيا وما وراءه

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

 لا حاجة لكثير من المتابعة كي يدرك المرء أن تركيا صارت متقدمة على إيران في أجندة الثورة المضادة العربية، بحيث يتفوق الهجوم عليها ذلك الهجوم المماثل على إيران.

من يتابع إعلام الثورة المضادة العربية؛ بجانب جملة المواقف السياسية، سيلاحظ ذلك بكل تأكيد. وحين يصل الأمر حدم تقديم الدعم السياسي والمالي للمليشيات الكردية التي تشتبك مع تركيا في سوريا، فإن الموقف يغدو أكثر وضوحا، بجانب الهجوم الإعلامي اليومي، والذي وصل حد إنتاج مسلسل يهاجم التراث العثماني. ولا تسأل بعد ذلك عن الصراع الراهن على قضية التنقيب على النفط والغاز، ولا نريد أن نضيف إلى ذلك بالطبع ما خفي من تآمر عبر تحريض القوى الكبرى، وفي مقدمتها أمريكا، وقبلها اللوبيات الصهيونية.

وإذا جئنا نفتش عن أسباب الهجمة التي نتحدث عنها، فسيخرج عليك من يرفعون راية العروبة في مواجهة العثمانية. واللافت أن يلتقي على هذا الشعار كل من فريق التشبيح الإيراني، بما في ذلك المنحازين إليه من يساريين وقوميين، إلى جانب فريق الثورة المضادة.

 

هجمة الثورة المضادة لها حسابات أخرى لا تتصل بكل تأكيد بالخوف من احتلال تركي


والحال أن حكاية العثمانية هذه تبدو بلا قيمة من الناحية العملية، ذلك أن استعادة الزمن القديم في ظل تعقيدات الواقع الراهن تبدو أكثر من مستبعدة، حتى لو أظهر خطاب أردوغان شكلا من أشكال الحنين للزمن العثماني، فمن يقاتل من أجل تماسك بلده، ويحارب من يهددون بالانفصال عنه، لا يمكن أن يذهب بعيدا نحو فكرة الخلافة، كما أن الظروف الموضوعية الراهنة إقليميا ودوليا لا تسمح بذلك.

الخلاصة أن من يرفعون شعار العثمانية كتبرير للحرب على تركيا، لا يمكن أن يكونوا مقتنعين بأن أردوغان يفكر في احتلال بلادهم، لكنهم يتخذون منه هذا الموقف بناءً على معطيات أخرى.

فالشبيحة إياهم أخذوا منه هذا الموقف بسبب سوريا على وجه التحديد، بجانب انحيازه للإسلاميين وللربيع العربي الذي صار عندهم مؤامرة صهيونية أمريكية حين وصل سوريا، فيما يأتي تواطؤ إيران مع الهجوم إياه لأن تركيا هي المنافس الإقليمي الأكبر (سوريا نقطة اشتباك بالطبع)، حتى لو اضطر الطرفان إلى تعاون اقتصادي، ولا تسأل بعد ذلك عن تراث الصراع الصفوي العثماني الذي يحضر على نحو من الأنحاء.

على أن هجمة الثورة المضادة لها حسابات أخرى لا تتصل بكل تأكيد بالخوف من احتلال تركي، ولا من خلافة عثمانية زاحفة، بقدر صلتها بالخوف من الإسلاميين الذين يدعمهم أردوغان، ويمنحهم فرصة التعبير عن أنفسهم عبر منابر تبث من تركيا. ولكن السؤال: هل يتعلق الأمر بالأيديولوجيا؟

حدث قدرا أن الربيع العربي قد جاء وسط صعود للصحوة الإسلامية، لكن ما يجب أن لا ينساه المعنيون هو أن صراعا سابقا قد خاضه أركان الثورة المضادة العربية مع المد اليساري والقومي، وتم استخدام الإسلاميين في ذلك الصراع مطلع الثمانينيات قبل أن يتحوّلوا همْ إلى قوة المعارضة الرئيسية بعد حرب الخليج الثانية، وليتم الانقلاب عليهم من جديد، وإن لم يكن بالحدة الراهنة.

 

لم تعد الشعوب تثور من أجل الأيديولوجيا، بل من أجل الحرية والتحرر والعدالة


هذا البعد يذكّرنا بجواب السؤال أعلاه، ممثلا في أن هنا أنظمة لا تحارب أو تتخذ المواقف من منظور أيديولوجي، بل من منظور يتعلق بسيطرة نخبها على السلطة والثروة. ولو كان غير الإسلاميين هم من يطالبون بتغيير ذلك، لما تغير الموقف منهم قيد أنملة، ولتمت شيطنتهم بأدوات مختلفة، وعبر حلفاء من نوع أخر، كما حدث في السياق الآنف الذكر مع اليساريين والقوميين.

هناك كان الحديث عن الكفر والإيمان، وهنا يتم الأمر من خلال شيطنة العثمانية، والإخوانية، والاستعانة بأصوات تشيطن تاريخ هذا وذاك، وواقعه الراهن أيضا.

هي إذن معركة واحدة دائما. معركة ضد أشواق الشعوب في الحرية والتحرر والاستقلال والكرامة، وأيا ما كان اللون الأيديولوجي الذي يتصدرها، فإن اللعبة لم تتغير، ولكن تتغير الأدوات والأعوان ولون الخطاب لا أكثر.

والنتيجة أنها معركة فاشلة، ذلك أن الشعوب لم تعد تثور من أجل الأيديولوجيا، بل من أجل الحرية والتحرر والعدالة، وهي لن تقبل أبدا باستمرار التعامل مع دولها كمزارع يملكها ولاة الأمر ويتصرفون فيها كما يشاؤون، ومن ينحاز إلى مطالبها ستنحاز إليه، ومن وقف ضدها، ستثور عليه، أيا ما كان الشعار الذي يرفعه.

4
التعليقات (4)
محمد قذيفه
الأربعاء، 11-12-2019 10:59 ص
عندما ينتدها خصومها معنى هذا انها في الطريق السليم وفقها الله
ايراني مسلم
الإثنين، 09-12-2019 09:15 ص
لم نحصل من التکفير شيئا الا دمار عالمنا الإسلامي. کل الإيرانيون مجوس، کل باکستانيون هندو و کل الأتراک هم صليبيون اذن يمکن أن ننقل الکلام إلي الشام و شمال افريقيا و حتي نفس حجاز و نسميهم بعبدة الأوثان. هذا کلام العصبية التي زال بالإسلام. نحن کلنا مسلمون و لکن الدولة الوحيدة التي يدعم الفلسطين بالسلاح هو إيران. هل توجد دولة عربية مسلمة (بتعبيرکم) يقبل أن يعطي السلاح و يعطي ثمن هذا الدعم بالحصار العالمي من جانب الولايات المتحدة و اللوبي الصهيوني؟ و لايزال السفارة الإسرائيلية مفتوح في ترکيا و الطيران اليومي الي تلاويو من مطار اسطنبول موشر لأن العالم الإسلامي لايتخلي عن مصالحه المادية في العلاقة بالإقتصاد العالمي الذي هو بيد اليهود فضلا عن يعطي السلاح و يدعم المقاومة بالصاروخ
من سدني
الأحد، 08-12-2019 11:06 م
اللعبه لم تتغير من يوم ان اتخذ الصفويين المجوس عقيدة قتل (العرب ) واحتلال مكه ولا خلاف عند العامه من أمة الاسلام ان ايران في خانة الاعداء وكذالك من يوم ان اتخذ الغرب الصليبي الاسلام والمسلمين عدواً له والذي كان يتمثل بالدوله العثمانيه في ذاك الوقت و كذالك الدوله اللقيطه الموجودة على ارض فلسطين الذي زرعها الغرب في خاصرة الامه والذي تغير هو ظهور قبايل وعشاءر وأقليات تعيش بيننا وتتكلم بلساننا وبعد صعودها واستيلاءها على الحكم نرى ان ولاءها الى لورانس وسايكس وبيكو وأحفادهم وان عداءها لشعوبها وحاضنتها لايقل عن عداء ايران والصهاينه لهذه الامه وعليه يتم توجيه السهام الى تركيا وجعلها مرمى لكل أحقادهم وللتغطية على حجم خيانتهم وغدرهم لامة التوحيد
ahmed
الأحد، 08-12-2019 09:22 ص
عموما نقرأ أوراق الکتاب المحترم و نراه متعلق بالشأن الإيراني و فوجئنا بورقة يتعلق بترکيا و عندما قرأته وجدته بنفس المخطط. کاتب فلسطيني و عداء إيران بهذا المبلغ الذي لايتخلي عن هذه المهمة غريب جدا. ياليت کان الکاتب إسرائيلي کي يمکنني أن أفهم مواقفه بشکل واضح