ملفات وتقارير

خبير: 3 أسباب مكنت تركيا من استثمار "نبع السلام" سياسيا

أردوغان عقد اتفاقين بشأن مناطق شرقي الفرات الأول مع أمريكا والآخر مع روسيا- جيتي
أردوغان عقد اتفاقين بشأن مناطق شرقي الفرات الأول مع أمريكا والآخر مع روسيا- جيتي

يعزز الاتفاق الأخير بين الرئيس التركي رجب طيب أدوغان، ونظيره الروسي، مكاسب سياسية وميدانية لتركيا، خاصة أنه جاء بعيد تفاهم جرى بين أنقرة وواشنطن، حصلت بموجبه الأولى على الأهداف التي كانت قد رسمتها من وراء إطلاق عملية "نبع السلام" شرقي نهر الفرات في التاسع من الشهر الجاري.

 

وعقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقين بشأن المناطق الحدودية شرقي الفرات، في أقل من أسبوع، الأول مع أمريكا، والآخر مع روسيا، ما يدعم عملية "نبع السلام" في الشمال السوري.


وبموجب الاتفاق الأول، انسحبت بقية القوات الأمريكية من المنطقة، فيما أوقفت تركيا إطلاق النار لمدة 120 ساعة، بهدف السماح للوحدات الكردية بالانسحاب، أنا بموجب الاتفاق الثاني فتم تحديد مهلة 150 ساعة جديدة لانسحاب الأخيرة.


وتوصل الزعيمان التركي والروسي إلى اتفاق جديد، يقضي ببقاء الوجود العسكري لعملية "نبع السلام" في المنطقة الممتدة بين بلدتي رأس العين وتل أبيض، وبعمق 32 كيلومترا تقريبا، فيما يتم تنفيذ دوريات تركية روسية مشتركة على امتداد ما يتبقى من حدود كانت خاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، وبعمق 10 كيلومترات، باستثناء "القامشلي".

 

اقرأ أيضا: محللون أتراك: هذا ما يمكن فهمه من "سوتشي".. الأسد بالمعادلة

فكيف نجحت الدبلوماسية التركية في الموازنة بين اتفاقين منفصلين، مكنها من فرض رؤيتها على مناطق شرقي الفرات؟


وجوابا على هذا السؤال قال الخبير في الشؤون التركية، سعيد الحاج، إن تركيا حققت مكاسب دبلوماسية واضحة من عملية "نبع السلام" مشيرا إلى أن هذه المكاسب لم تكن لتتم، لا التقدم الميداني الذي حصل في الأيام العشرة الأولى للعملية.


وعدد الحاج ثلاث أسباب رئيسية قال إنها ساهمت في تحقيق مكاسب لتركيا على مستوى التفاهمات مع واشنطن و موسكو على حد سواء.


أولا، "الوضع الميداني المتغير"، وفسر ذلك بالقول، إن فرض أنقرة لمعادلات جديدة في الشمال السوري، مكنها من تحقيق كل ما كانت تطالب به في السابق، فيما واشنطن وموسكو تماطلان، لافتا في هذا الصدد إلى أن عمليات، درع الفرات، وغصن الزيتون، وأخير نبع السلام، منح تركيا موقفا أقوى على طاولة التفاوض، مع موسكو وواشنطن.


وثانيا، "تقطاع المصالح"، وأشار الحاج حول هذا السبب إلى أن تركيا حرصت على أن تكون مطالبها وأهدافها متقاطعة مع مصالح الأطراف المختلفة، وتحديدا الولايات المتحدة وروسيا، فرؤية ترامب بالانسحاب من شمال سوريا، وعدم التورط هناك، استغلتها تركيا، واستثمرت الخلاف القائم بين ترامب والبنتاغون حول هذا الموضوع لتحقيق أهدافها.


واستطرد: "من جهة أخرى كان هناك مصلحة روسية في الانسحاب الأمريكي، وخاصة فيما يتعلق بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) وأماكن تواجدها عقب الاتفاق، باعتبارها حليفا للولايات المتحدة، كما أن مآلات العملية أفادت النظام أيضا بحيث مكنته من العوة الى بعض المناطق، وبالتالي استثمرت تركيا هذه المصالح المتقاطعة لتحقيق أهدافها".


وثالثا، "الخطوط الحمراء"، ورأى الخبير، أن تركيا كانت حريصة في تقدمها الميداني، ولم تتجاوز خطوطا حمراء معينة سواء الروسية والأمريكية، ولم تورط نفسها بالتقدم داخل العمق دون حساب، وكان تقدمها محسوبا بحيث دخلت مناطق انسحبت منها القوات الأمريكية وقوات قسد، وهذا مكنها من استثمار هذه الظروف الميدانية في تحقيق مكاسب سياسية.

 

اقرأ أيضا: هذه مكاسب تركيا وروسيا من اتفاقهما بسوتشي.. ما الثمن؟

ورغم النجاح الدبلوماسي التركي، إلا أن الحاج قال، إن السياسة الخارجية التركية تعاني أزمات، مدفوعة بضغوط دولية كبيرة، ووجود حالة من عدم الرضا عن سياستها الخارجية، وأردف: "نستطيع القول أن كل ما حققته تركيا عبر سياستها الخارجية، لا تسجل على أنها نصر أو نجاح خالص، باعتبار أن السياسية الخارجية التركية ما زالت تعاتي من أزمة، فعملية مثل نبع السلام واجهت رفض دولي واسع، مقابل دول معدودة أبدت تفهمها للموقف تركيا، وهذا يشير إلى عدم نجاح الدبلوماسية التركية في إعطاء مشروعية دولية أكبر للعملية، وتأمين شبكة سياسية، حقوقية، قانونية، داعمة للعملية".


وتابع في هذا الإتجاه قائلا: "ما زال الموقف التركي من الأزمة السورية دفاعيا، فهو يدافع عن الأمن القومي والحدود التركية أكثر مما هو مبادر ويريد فرض معادلات جديدة، والأولوية التركية كانت وما زالت تتمثل في ضمان ابعاد العناصر التي تصفها بالارهابية عن الحدود، وكان لها ذلك".


وحول التنازلات التي قدمتها تركيا مقابل التفاهمات مع واشنطن موسكو قال الحاج: "كان واضحا أن تركيا قبلت بدخول النظام إلى بعض المناطق التي لم يدخلها في السابق"، وتابع قائلا: " جزئيا تم التخلي عن بعض مراحل هذه العملية، فقد كان هناك حديث عن كامل المنطقة الحدودية سابقا، وكانت بعرض 460 كم، وبعمق 30 كم، أما الآن نتحدث عن عملية اتفاق بعمق 30 كم، وبعرض 120، وأما المناطق المتبقية فستخضع لتواجد الشرطة العسكرية الروسية ودوريات مشتركة مع تركيا، وقد يكون هناك أمور أخرى غير معلنة".

التعليقات (0)