حقوق وحريات

لماذا تجاوز السيسي الخطوط الحمراء بحبس وإخفاء 164 طفلا؟

منظمة العفو الدولية انتقدت الاعتقال العشوائي الذي قامت بها السلطات المصرية خلال الأسابيع الماضية- أرشيفية
منظمة العفو الدولية انتقدت الاعتقال العشوائي الذي قامت بها السلطات المصرية خلال الأسابيع الماضية- أرشيفية

كشف مركز "بلادي" للحقوق والحريات، اعتقال السلطات المصرية لأكثر من 182 طفلا، على خلفية مظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر الماضي.

 

وأوضح أن من بينهم 34 طفلا مازالوا مختفين قسريا، بينما تم إطلاق سراح 18 آخرين، ويتبقى 130 رهن الحبس الاحتياطي بناء على قرارات من نيابة أمن الدولة العليا، بحبسهم 15 يوما على ذمة التحقيقات في القضية 1338 حصر أمن دولة.


وبحسب بيان إحصائي للمركز المعني بالدفاع عن حقوق الطفل، فإن محافظة القاهرة تحتل مقدمة المدن المصرية في الحملة الأخيرة باعتقال 48 طفلا، تليها السويس 36 طفلا، ودمياط 10 أطفال، و6 أطفال في كلا من الإسكندرية وبورسعيد، و5 أطفال في محافظة الغربية، وطفلين في كلا من محافظتي الجيزة والقليوبية، وطفل في محافظة بني سويف، بالإضافة إلى 67 طفلا غير معروف أماكنهم إلى الآن.

وانتقدت منظمة العفو الدولية الاعتقال العشوائي الذي قامت بها السلطات المصرية خلال الأسابيع الماضية، ووثقت المنظمة حالات 5 أطفال معتقلين، منهم ثلاثة كانوا يشترون لوازم وملابس مدرسية من وسط القاهرة، واثنان كانا عائدين لمنزلهما من المدرسة بالسويس.

وبحسب حقوقين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن الأطفال المعتقلين تم التحقيق معهم بنيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة، ووجهت لهم النيابة اتهامات، بمساعدة "جماعة إرهابية، ونشر معلومات كاذبة، وإساءة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والمشاركة في احتجاجات غير مصرح بها".

ويؤكد الحقوقيون أن عدد منهم تم ترحيلهم، لسجون مخصصة للبالغين، وآخرين تم إلحاقهم بمؤسسات الأحداث المخصصة لرعاية الأطفال أقل من 18 عاما، وتسمي "الإصلاحية"، والباقين تم سجنهم بمراكز الاحتجاز الموجودة بمعسكرات الأمن المركزي وأقسام الشرطة.

غياب المنطق

وفي تعليقه على توسع النظام المصري في ظاهرة اعتقال الأطفال، يؤكد المدير التنفيذي لمنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبد المنصف لـ"عربي 21"، أن "هناك مجموعة من القيم والأعراف الإنسانية كان متعارف عليها في مصر سابقا، وهي أن اعتقال الأطفال والنساء خط أحمر، لا يجب للأجهزة الأمنية الاقتراب منه".

ويضيف عبد المنصف: "الوضع اختلف بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح السيسي في 3 تموز/ يوليو 2013، حيث أصبح اعتقال الأطفال والنساء، وتعذيبهم، وإحالتهم لمحاكم الجنايات، وصدور أحكام قاسية بحقهم من الأمور المعتادة في مصر".

ويوضح عبد المنصف، أن "الاعتقال العشوائي الذي صاحب دعوات التظاهر ليوم الجمعة 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، هو نوع من أنواع القبض التعسفي، الذي لا يستند لمبرر أو سند قانوني أو قضائي، وهو إجراء مخالف للقانون الدولي والعهد الدولي لحقوق الإنسان، والمواثيق الأخرى الذي وقعت عليها مصر، التي تزداد الأمور فيها سوءا نتيجة غياب دولة القانون وكذلك لغياب المنطق".

وبحسب رأي الحقوقي المصري، فإن المشكلة الحقيقية بمصر، هي غياب الرقابة والمحاسبة، لأي شخص بالسلطة، وبالتالي فإن مفهوم الالتزام بالقانون أصبح غائبا، في إطار قيام نظام السيسي بتقنين الانتهاكات القانونية والحقوقية التي يقوم بها.

مأساة متنوعة

وتؤكد الخبيرة التربوية المهتمة بشؤون المعتقلين، منال خضر، لـ"عربي21"، أن "الأطفال المعتقلين يعانون من ظروف سجن سيئة، حيث يتم سجنهم إما مع البالغين في السجون وأماكن الاحتجاز المختلفة، أو في مؤسسات الأحداث العقابية، التي تعد في حد ذاتها عقوبة أخطر من عقوبة الحبس نفسه".

وتشير خضر إلى أن "فترة الاعتقال تمثل أزمة نفسية لدى الأطفال الذين تعرضوا لها، وتعمق لديهم الإحساس بعدم الانتماء للوطن، خاصة إذا تعرضوا لانتهاكات جسدية، سواء من أفراد الشرطة أثناء وبعد الاعتقال، أو من خلال الموظفين بدور الرعاية، وما يزيد من المعاناة إذا كانت التجاوزات من أقرانهم الجنائين في دور رعاية الأحداث".

وتؤكد خضر أنها رصدت مع غيرها من المهتمين بهذا الملف، "وجود عاهات مستديمة لدي العديد الأطفال بعد خروجهم من السجن، نتيجة الاعتداء عليهم في محبسهم، وكثير منهم أصيب بثقل النطق، وفقدان التركيز، وأمراض أخري مزمنة في الأعصاب".

وتُحَمِل خضر مؤسسات حقوق الطفل المصرية، المسؤولية الكاملة عن "التدمير الذي يحدث لهؤلاء الأطفال، لعدم تصدي هذه المؤسسات لانتهاكات السلطات الأمنية ضد الأطفال، سواء في اعتقاله منذ البداية، أو التحقيق معه في جهات قضائية مرعبة مثل نيابة أمن الدولة، أو سجنهم في أماكن وظروف حبس غير إنسانية".

وتضرب الخبيرة التربوية مثالين الأول بابنتي الصحفي حسن القباني، "حيث تم اعتقال والدتهما آية علاء، قبل أربعة أشهر، ثم تم إخفاء والدهم الذي سبق اعتقاله لمدة عامين، بعد استدعائه من قبل الأمن الوطني، منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، ومازال مصيره ومكانه مجهولا"، وفق قولها.

وبحسب خضر، فإن "البنتين اللتين تترواح أعمارهن بين التسع والست سنوات، قضيا الفترة الأكبر من عمرهما بين السجون والأقسام والمحاكم والنيابات، لرؤية وزيارة إما والدهم أو والدتهم، فهل يمكن أن تشعر هاتين البنتين، وغيرهما بأي انتماء للوطن في ظل هذه الإجراءات".

أما المثال الثاني، "فكان ببنات المهندس أيمن الزهيري الذي قتل في أحداث الحرس الجمهوري قبل فض اعتصام رابعة عام 2013، وظلت أمهم العائلة والراعية لهم، حتى تم اعتقالها مؤخرا، وغير ذلك من المناذج الفجة التي تقتل الأمل لدى الأطفال بما يدمر مستقبل الوطن"، على حد قولها.

التعليقات (1)
امازيغي
السبت، 12-10-2019 09:06 م
لماذا تجاوز السيسي الخطوط الحمراء ؟؟؟ ببساطة شديدة لانه يتحكم في شعب جبان ويعشق العبودية فقد اتته الفرصة في/ 20 /09/ ولكنه جبن بعد ذلك