قضايا وآراء

منْ يُطارد منْ في العراق؟

جاسم الشمري
1300x600
1300x600
منذ عشرة أيّام والشارع العراقيّ لا يعرف الهدوء، وأرصفة غالبيّة المدن طُليت بدماء الشهداء، وضجّت الأرجاء بصرخات المتظاهرين الغاضبين، والجرحى، ودعوات الأمّهات، وبضجيج الرصاص الحيّ المعلوم المصدر والمجهول، والذي قتل العراقيّين في وضح النهار!

المسؤول (أيّ مسؤول) حينما لا يضبط عمله دين (أيّ دين) أو قانون، أو ضمير، لا شك أنّه سيكون ساعتها كأداة تخريبيّة تدميريّة للدولة، أو الموقع الذي يتسلّمه!

مظاهرات العراق السلميّة المستمرّة منذ عشرة أيّام، والمعتّم عليها بقطع الإنترنت وترهيب الفضائيّات والصحافة، واجهتها حكومةعادل عبد المهدي بقسوة لم تكن متوقّعة!

وخلال اجتماع مجلس الوزراء يوم الأحد الماضي، قال عبد المهدي إنّهم كانوا في حالة الاضطرار للقسوة، وكانوا بين أن يكونوا مع الدولة، أو اللا دولة، وبين النظام، أو الفوضى!

ولا ندري هل الذي يقتل الأبرياء العزل سيقود البلاد إلى طريق بناء الدولة والنظام، أم إلى دهاليز الفوضى والخراب؟

الفشل الحكوميّ في التعامل العقلانيّ مع شباب العراق المتظاهرين جعل شوارع البلاد تمتلئ بالكراهية، وصار الكلّ يُطارد الكلّ!

المواطن بمطالباته المشروعة والمعقولة يُطارد الحكومة!

وقوّات مكافحة الإرهاب، ومعها الجيش والشرطة والاستخبارات والحشد الشعبيّ.. جميعهم يُطاردون المواطن لدفعه للصمت!

وفي لحظات الخوف من الموت والاعتقال، تُطارد عيون المتظاهرين مسار الموت بأسلحة لقوّات يفترض أنّها "عراقيّة"!

وبالمحصّلة الكلّ يطارد الكلّ!

في السابق كانوا يتّهمون المظاهرات التي تخرج في مدن الشمال، أو الشرق بأنّها مظاهرات "بَعْثيّة، وإرهابيّة"، ومظاهرات اليوم غالبيّها "شيعيّة" أصيلة، ورغم ذلك بدأنا نسمع بعض الاتّهامات لها!

ما يجري في العراق، وبلا خلاف، هي ثورة شعبيّة عفويّة، بدليل أنّ رئيس حكومة بغداد أكدّ لمجلس الوزراء أنّه حينما طلبت الحكومة حضور قيادات المظاهرات لم تكن هنالك قيادات لهذه المظاهرات، وهذا يؤكّد عفويّتها وشعبيّتها.

الثورة ليست دعوة للفوضى، وإنّما هي خطوة اضطراريّة لبداية مرحلة جديدة، ولترتيب أفضل يمكن معه أن نضمن الرفاهية والسعادة والأمان للوطن والمواطن، ولهذا منْ يسعى لطعن المظاهرات باتّهامات باطلة، وبالذات مع مرحلة القنص والقتل العمد، أرى أنّ هذه المساعي "مليئة بالحقد والكراهية" ليس على المتظاهرين فحسب، بل على العراق بكلّ طوائفه وأعراقه!

القوّة الحكوميّة المُفرطة والمُميتة ضد المتظاهرين لا يمكن تبريرها على الرغم من محاولة الحكومة القول إنّ هنالك قوى إرهابيّة هي التي قتلت المتظاهرين، وحتّى لو سلّمنا لهذه الفرضيّة نقول:

يمكننا تقبّل مقتل خمسة، أو حتى 30 من المتظاهرين برصاص "الغُرباء"، فمنْ الذي قتل بقيّة الـ165، وجرح أكثر من 6100، بحسب وزارة الصحّة العراقيّة؟

ثمّ أين دور الحكومة في وجوب حماية المواطنين؟

العلاقة بين الدولة والمواطن تصل إلى مرحلة الخراب، حينما يكون العلاج الرسميّ لاعتراضات الناس ومشاكلهم باستخدام العصا ولغة الترهيب والدم!

حكومة بغداد الآن في مأزق حقيقي لا يمكنها أن تخرج منه بسهولة، ذلك لأنّه في الأدبيات العسكريّة لا يمكن لأيّ عسكري أن يطلق رصاصة واحدة دون أوامر القائد الأعلى، وعليه أتصوّر أنّ القائد العامّ للقوّات المسلّحة ورئيس الوزراء هو المسؤول مسؤوليّة مباشرة عن دماء شباب العراق الذين قتلوا، وهنا يأتي دور البرلمان في ضرورة مساءلة رئيس الوزراء عن الشخص الذي أصدر الأوامر بضرب المتظاهرين، وإلا فإنّ كلّ الإجراءات الحكوميّة هي إجراءات ثانويّة؛ لأنّ أرواح المواطنين وسلامتهم أهم وأكبر من كلّ الإصلاحات، أو القرارات الترقيعيّة!

الحلول الحكوميّة والزاعمة بتوفير 450 ألف فرصة عمل للعاطلين؛ غير ممكنة التطبيق لأنّ غالبيّة  المشاريع الحكوميّة مشلولة، وهنالك عجز في الموازنة يتجاوز 60 مليار دولار، فكيف ستتمكّن الحكومة من الوفاء بتعهّداتها؟

الاستغراب الأكبر والسؤال الأبرز هو: إذا كانت حكومة المهدي قادرة على ترتيب هذه الحزمة من القرارات العاجلة، وهذا الكمّ الهائل من الوظائف، والمنح، والأراضي  المجّانيّة، فلماذا لم تطبّقها قبل المظاهرات؟

حكومة بغداد تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء، وأدخلت البلاد في فوضى عارمة لا ندري عند أيّ نقطة ستقف ارتداداتها!
التعليقات (2)
علياء أحمد
الجمعة، 11-10-2019 08:34 م
الشيعة ما كانوا ليصدقوا بأنهم قد حصلوا على الحكم!فكيف يمكن أن يسمحوا للجماهير الغاضبة أن تهز هذا الحكم؟والعامري طلب من أنصاره القضاء على كل من يهدد ثورة الحسين أو يحاول تغيير هذه الحكومة والكلام كتبه بخط يده ووزعه على جميع فروع منظمته وشكرهم في هذه الوثيقة التي كتبها بخط يده لقتلهم عدد من الرجال الذين أمر بقتلهم وقد ذكر أسماؤهم وطلب منهم في نفس الوثيقة إن يقتلون بعض الرجال وذكر أسماؤهم أيضا وأغلبهم من محافظة ديالى وقد سربت هذه الوثيقة وعرف بها الكثير من الناس وقاموا بنسخها نسخ كثيرة ومن ثم قاموا بلصقها على جدران المناطق المستهدفة والمطلوب قتل رجالها وهم كلهم سنة. وهم حصلوا على الحكم فيما يشبه الحلم فهل سيسمحون لأي من كان أن يهدد حكمهم ويخرجه من أيديهم بلا شك أنهم لن يتورعوا عن ذبح آلاف الشباب من أجل أن يستمر حكمهم وتبقى السيطرة المطلقة لإيران على العراق خاصة وهم لم يتوقفوا منذ 16سنة عن شن الحروب المميتة والمدمرة على مدن السنة بحيث أنهم لا يريدون لهذه المدن أن تنهض من تحت الأنقاض وتستعيد عافيتها وقوتها وتبني مدنها من جديد طيب هؤلاء الذين هم في حرب مستمرة ومتواصلة ويخسرون فيها ملايين الدولارات على الأسلحة وتضحيات بشرية كثيرة من أجل ألا يخرج الحكم من أيديهم فهل يعقل أن هؤلاء يمكن أن يسمحوا لأحد أن يهز حكمهم أظن ان دون مذابح مروعة تكون قريبا ضد كل من يهدد ثورة الحسين
ابتسام الغالية
الجمعة، 11-10-2019 07:21 م
سبق وأن تم قمع المظاهرات وامتصاص غضب الشارع بوعود ترقيعية لم نشهد لها تطبيق على أرض الواقع. بعد هذه المظاهرات وسقوط العديد من الشهداء والجرحى على الشارع العراقي لايلدغ من جحره مرتين. ربي ينصرنا على القوم الظالمين. حياك الله دكتور.