ملفات وتقارير

لماذا تخشى أمريكا و"قسد" عودة اللاجئين إلى "المنطقة الآمنة"؟

أشار أردوغان إلى أن هناك مهلة للأمريكان حتى نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الجاري لتشكيل المنطقة الآمنة- جيتي
أشار أردوغان إلى أن هناك مهلة للأمريكان حتى نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الجاري لتشكيل المنطقة الآمنة- جيتي

ارتفعت حدة التهديدات التركية باللجوء إلى خيار التحرك الأحادي، في شمال سوريا بهدف إنشاء منطقة آمنة، على خلفية الاتهامات التركية للولايات المتحدة بعدم اتخاذ خطوات جدية على الأرض، إلى جانب ما يبدو خلافا طارئا حول عودة اللاجئين إلى هذه المنطقة.

ففي حين تؤكد أنقرة أنها تخطط لإعادة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في أراضيها إلى "المنطقة الآمنة"، بدأت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي تشكل الوحدات الكردية عصبها الرئيسي، بالحديث عن شروط لعودة اللاجئين إلى "المنطقة الآمنة".

ومن الشروط التي وضعتها "قسد"، أن يكون اللاجئون من أبناء المناطق ذاتها، وذلك في تطابق واضح مع موقف الولايات المتحدة، حيث سبق وأن أكدت خارجية الأخيرة، أن عودة اللاجئين السوريين إلى شمال شرق سوريا ممكنة، لكن لأبناء المنطقة فقط.

بدوره قال المتحدث باسم "قسد"، كينو غابرييل، في تصريحات إعلامية، أدلى بها الأربعاء، لقناة "روسيا اليوم" أن قواته ترحب بعودة اللاجئين، لكن بشروط محددة، منها أن تتكفل المنظمات الدولية بتقديم الخدمات لهم، وأن لا يكونوا من المنتسبين للتنظيمات "الإرهابية".

 

اقرأ أيضا: وزير الدفاع التركي يكشف: هذه خطط أنقرة شرق الفرات

والسؤال: لماذا تخشى الولايات المتحدة، وحليفتها "قسد" عودة اللاجئين السوريين إلى "المنطقة الآمنة"؟

الخوف من ضياع السيطرة

من جهته، أرجع الكاتب الصحفي التركي، عبد الله سليمان أوغلو، عرقلة "قسد"، والولايات المتحدة لإعادة اللاجئين السوريين إلى المنطقة التي يتم العمل على تأسيسها، إلى الخوف من انفراط عقد السيطرة على المنطقة.

وأوضح في حديث خاص لـ"عربي21" أن تغيير التركيبة السكانية للمنطقة من أكثرية موالية لـ"قسد" ولأمريكا بطبيعة الحال، إلى أكثرية معارضة لهما، وأقرب لتركيا، يشكل تهديدا صريحا لمصالح واشنطن في الشمال السوري.

ومتفقا مع سليمان أوغلو، أكد الناطق باسم "مجلس القبائل والعشائر السورية" مضر حماد الأسعد، أن النسبة الكبيرة من اللاجئين السوريين هم من أبناء المكون العربي.

قطع الطريق على مخطط "قسد"

وأوضح، أن المليشيات الكردية سعت منذ الأيام الأولى لتشكيلها، إلى إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة، وعملت على ارتكاب الانتهاكات بحق العرب، الانتهاكات التي وثقتها منظمات محلية ودولية، لإجبار أبناء العشائر العربية على مغادرة المنطقة.

 

اقرأ أيضا: غضب تركي بعد تسيير الدوريات المشتركة شرق الفرات.. لماذا؟

وقال الأسعد في حديث لـ"عربي21"، إن سياسات المليشيات الانتقامية والعنصرية أجبرت قسما كبيرا من السكان العرب تحديدا على النزوح، الأمر الذي يساعدها على الإدعاء بأن غالبية سكان تلك المنطقة هم من القومية الكردية، علما بأن الواقع على الأرض ينفي تلك الإدعاءات.

ومن هنا، فإن عودة اللاجئين والسكان الأصليين إلى المناطق التي تسيطر عليها "قسد"، سيقطع الطريق على مخططها الانفصالي، وفق الأسعد، الذي طالب بالسماح بإعادة اللاجئين السوريين إلى منازلهم دون شروط، مشددا على القول "طالبنا من قبل، والآن نطالب المجتمع الدولي بذلك".

وفي هذا الصدد، اعتبر المتحدث العشائري أن بقاء "قسد" في "المنطقة الآمنة" أو منحها أي دور-مهما كانت طبيعته- يحول دون عودة اللاجئين، وخصوصا أن الثقة مفقودة بهذه المليشيات التي ارتكبت جرائم مروعة بحق السكان".

واتهم الأسعد وحدات الحماية الكردية بتجريف قرى عربية بأكملها في أرياف مدينة الحسكة، فضلا عن أعمال الخطف والتجنيد الإجباري بحق الشباب.

وأردف أن "عودة اللاجئين، تعني مزيدا من الرفض لسيطرة المليشيات الكردية على المناطق السورية، وهذا الأمر تدركه المليشيات الكردية، وتسعى لعرقلته".

وكانت منظمة العفو الدولية "أمنستي" منظمة العفو الدولية" قد أكدت في العام 2015، أن "وحدات حماية الشعب الكردية، مارست التهجير القسري للسكان وارتكبت جرائم حرب شمالي سوريا".


وأوضحت المنظمة في تقرير لها نشر على موقعها الرسمي، في حينها، تحت عنوان "لا مكان نذهب إليه"، أن "الإدارة الذاتية، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، أحرقت قرى عربية وتركمانية شمالي سوريا، وأجبرت السكان على المغادرة تحت التهديد بالقتل" لافتة أن "بعض القرى الكردية أيضاً عانت من ممارسات الحزب".
وجاء في التقرير أن "أعمال هدم المنازل بدأت عندما انتقلت المنطقة من سيطرة تنظيم الدولة إلى سيطرة الوحدات الكردية في العام 2015".

 

اقرأ أيضا: أردوغان: لم يعد بإمكاننا استقبال موجة هجرة جديدة من سوريا

وفي السياق ذاته، أشار الأسعد بعين الريبة إلى حديث "قسد" عن منع الأهالي تحت ذريعة "الانتساب لمنظمات إرهابية"، وقال من الواضح أن "قسد" تضع العراقيل لحرمان قسما كبيرا من أبناء المنطقة، وتحديدا من الشباب من العودة إلى المنطقة، معربا عن استغرابه من حديث "قسد" عن منظمات إرهابية، علما بأنها هي من أخطر التنظيمات الإرهابية.

وقال "الغريب أن تتحدث "قسد" عن التنظيمات الإرهابية، وهي تقاد من حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا على اللائحة الدولية، حتى اللوائح الأمريكية للإرهاب".

فرصة أخيرة

وفي سياق الحديث عن "المنطقة الآمنة"، وصف الكاتب الصحفي التركي، عبد الله سليمان أوغلو، اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب،على هامش افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع القادم، بالفرصة الأخيرة، لتجنب عمل عسكري تركي منفرد.

ومن المرجح أن يناقش الرئيس أردوغان مع نظيره ترامب، خطط إقامة "المنطقة الآمنة"، بعد أن بدأ تسيير دوريات عسكرية تركية أمريكية مشتركة في المنطقة.


وأكد في تصريحات سابقة أن إقامة منطقة آمنة بعمق 32 كيلومترا في شمال شرق سوريا ستسمح للاجئين السوريين في تركيا "بالعودة لأرضهم وتسمح بالوفاء بكل احتياجاتهم من تعليم وصحة ومأوى، وستسمح لهم بالعيش في أرضهم والابتعاد عن حياة المخيمات".


وأشار أردوغان إلى أن هناك مهلة للأمريكان حتى نهاية شهر أيلول/سبتمبر الجاري، لتشكيل المنطقة الآمنة سوية دون اللجوء إلى الخيار العسكري، وإلا ستقوم تركيا بتنفيذها لوحدها.

وفي معرض تعليقه على ذلك، لفت سليمان أوغلو إلى أن تركيا حاولت خلال القمة الثلاثية الأخيرة  كسب روسيا وإيران إلى جانبها في حال اللجوء إلى الخيار العسكري، وهذا ما نعكس على البيان الختامي برفض أي مبادرة لخلق حقائق جديدة في الميدان تحت ستار مكافحة الإرهاب، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير المشروعة في سوريا والتأكيد على ضرورة التصدي للأجندات الانفصالية التي تهدف لإضعاف سيادة سوريا وسلامة أراضيها، وتهدد الأمن القومي لدول الجوار.

وتابع بأن تركيا هددت سابقا بفتح الأبواب تجاه أوروبا وعدم ضبط حركة المهاجرين غير الشرعيين تجاهها في حال عدم مساعدتها بتحمل عبء اللاجئين وكذلك المساعدة في تنفيذ "المنطقة الآمنة".

 

اقرأ أيضا: أردوغان يتهم واشنطن بالسعي لمنطقة آمنة للوحدات الكردية

خيارات تركيا

وإزاء ذلك، رجح الناشط السياسي أحمد الصالح في حديثه لـ"عربي21" أن تحافظ تركيا على النهج الذي يحافظ بالحد الأدنى على التوافق مع الولايات المتحدة في ملف إنشاء المنطقة الآمنة.

ورأى أن تركيا ستحاول البحث عن بدائل لخيار التدخل العسكري، منها دعم قوات محلية محسوبة على المعارضة، مثل قوات النخبة التابعة لـ"تيار الغد"، أو قوات "جيش مغاوير الثورة" المتواجدة في منطقة "التنف" والتي تتلقى تدريبات من "التحالف الدولي" هناك.

وفي سياق الحديث عن الخيارات التركية، لم يستبعد الصالح أن تقدم تركيا على التدخل عسكريا في نهاية المطاف، على غرار عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، بدون التنسيق مع الولايات المتحدة، منهيا بقوله "لكن هذا الخيار يبدو مستبعدا حتى الساعة".

0
التعليقات (0)

خبر عاجل