سياسة عربية

"الإخوان" يعقدون مؤتمرهم الفكري الأول في إسطنبول

المؤتمر عقد تحت عنوان: "الإخوان المسلمون.. أصالة الفكرة واستمرارية الرسالة"- عربي21
المؤتمر عقد تحت عنوان: "الإخوان المسلمون.. أصالة الفكرة واستمرارية الرسالة"- عربي21

أكدت جماعة الإخوان المسلمين أنها "ما زالت بعافية، وستظل ماضية على طريق الدعوة إلى الله بكل جسارة، ودون وجل أو تردد"، متمسكة بالعمل السياسي، الذي قالت إنه لا ينفك عن العمل الدعوي، ومشدّدة على موقفها المبدئي الرافض للتطرف والإرهاب.

جاء ذلك خلال فعاليات المؤتمر الفكري الأول الذي تنظمه الجماعة بمدينة إسطنبول التركية، على مدار يومي السبت والأحد، تحت عنوان: "الإخوان المسلمون.. أصالة الفكرة واستمرارية الرسالة"، بمشاركة أكثر من 500 شخصية عربية وإسلامية من 20 دولة.

وفي اليوم الأول للمؤتمر، تم طرح خمسة أبحاث تتعلق بفكر الجماعة، ورؤاها للعديد من القضايا الفكرية والدعوية والمجتمعية والسياسية.

 

"رفض الإرهاب والتطرف"

وشدّد نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إبراهيم منير، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، على "موقف الإخوان المبدئي الرافض للتطرف والإرهاب، بكل أشكاله وأنواعه، أيا كان مصدره، قولا وعملا وسلوكا، وتربي أبناءها على ذلك".

ولفت إلى "رفض واستنكار الجماعة لقيام الأنظمة الدكتاتورية بممارسة العنف والإرهاب ضد شعوبها المطالبة بحقها في نيل حريتها تحت ستار مقاومة الإرهاب، ذلك الشعار الذي تتم المتاجرة به والتغطية من خلاله على انتهاكات حقوق الإنسان".

وقال إن "الإرهاب والتطرف في فهمنا يتمثل في ممارسة القهر والحرمان على الأفراد والشعوب، وهضم الحقوق، وفرض الرأي والمعتقد بقوة السلاح أو بأي لون من ألوان القوة، وترويع الآمنين، وارتكاب المذابح ضد الأبرياء، واحتلال الأرض بالقوة، كما أن احتكار الحقيقة والتعصب للرأي، ورفض أي آراء أخرى في القضايا محل النقاش، هو نوع من العنف الفكري نرفضه".

 

"لا انفصال بين الدعوي والسياسي"

وأشار منير إلى أن "المجال السياسي لدى جماعة الإخوان لا ينفك عن المجال الدعوي، والدعوي بغير السياسي لا يصلح ولا يصح، كما أن مجال السياسة لا يتحقق بغير نور الدعوة وضيائها؛ فهناك علاقة ترابط وتناغم بين المجالين، لا ينفصل أحدهما عن الآخر في نظر الإسلام".

وأردف: "تداول السلطة من الأمور الأساسية المترتبة على مبدأ احترام إرادة الشعوب، فهي صاحبة الحق في اختيار حكامها، وفق إرادتها الحرة، ووفق الآلية التي تختارها، والإخوان يؤمنون بهذا المبدأ دعوة وتطبيقا، وهم فصيل من الشعب ينزلون على إرادته، ويحترمون رغبته في الأقطار التي يعملون فيها".

وأوضح منير أن "الدولة الإسلامية المنشودة في مفهوم الإخوان هي دولة رسالة وإدارة، وبناؤها والتوصل إليها يكون بالوسائل المكافئة، وذلك من أولى واجبات الجماعة".

وأردف: "هدفنا تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل على صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها، ويسهم بإيجابية في تطور المجتمع الإنساني، وإفادته بما يمتلكه الإسلام من ثروة هائلة من القيم والمثل والمبادئ، وتسهم في استتباب الأمن والسلم، وإقامة علاقات إنسانية إيجابية".

ورأى أن "المواطنة أو الجنسية التي تمنحها الدولة لرعاياها قد حلت محل مفهوم (أهل الذمة)، وأن هذه المواطنة أساسها المشاركة الكاملة والمساواة التامة في الحقوق والواجبات، مع بقاء مسألة الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ومواريث طبقا لعقيدة كل مواطن".

وشدّد على رفض "الإخوان أن يحتكر أي شخص أو حزب وجماعة تمثيل إرادة الشعوب، أو الحجر عليها، أو إهمالها، أو تزييفها، ثم يدعي أنه القائم عليها، فإرادة الأمة المقرة دستوريا وشرعيا هي الإرادة الحقيقية دون خداع أو إكراه أو تزييف".

ولفت إلى أن جماعة الإخوان تعتبر "تقوية إرادة الأمة، وقوة تفاعلها مع الأحداث، وبلوغها درجة عالية من الفهم والوعي، ضرورة لازمة لإحداث التغيير والإصلاح المنشود".

وقال إنه: "في ظل حملة ضارية تتعرض لها جماعة الإخوان، يجتاز العالم مرحلة غير مسبوقة من تاريخه، تختلط فيها المفاهيم، وتتشابك الخيوط، وتسود الانطباعات الخاطئة عن الآخر، يذكي فيها الصراعات العرقية والطائفية والدينية، وهو ما يبعد الإنسانية عن الرسالة التي خلقت من أجلها، وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وإعمار الأرض".

وأكمل: "واجب الوقت يقتضي من كل القوى السياسية والنخب الفكرية والثقافية وكافة المهتمين بالشأن العام أن يقفوا صفا واحدا، ويلتفوا حول إطار عريض ينطلق من المقومات الأساسية لمجتمعاتنا، وأن يتعاونوا في المتفق عليه -وهو كثير- وأن يتحاوروا حول المختلف فيه -وهو قليل- من أجل الصالح العام لهذه الأمة".

بدوره، تحدث الأمين العام لجماعة الإخوان، محمود حسين، عن مبحث "منهج الإخوان المسلمين في الإصلاح والتغيير"، مؤكدا أن "منهج الإخوان منذ التأسيس إلى ما شاء الله سيظل واضحا ومحددا. لم ولن يعتريه تحويل ولا تحريف".

 

"تغيير في الوسائل"

وعن قول البعض بأن "إخوان اليوم يختلفون عن إخوان الأمس، وأن هناك اختلافا على ما أسسه منهج الإمام البنا قديما"، أكد حسين أن "هناك متغيرات في الوسائل والإجراءات، لكن، هناك ثبات في الثوابت والمنطلقات لم تتغير".

ولفت إلى أنه "تبلورت رؤية واضحة لدى الجماعة بأن الحملة الضارية لاغتيالها معنويا واستئصالها كليا، إنما جاءت بدافع كراهية النموذج الإسلامي في الحكم، بل كراهية الإسلام ذاته، باعتباره مهددا لمصالح الفسدة في الداخل ولقوى الهيمنة والاستكبار في الخارج، كما أنه مهدد وجودي للكيان الصهيوني".

وشدّد على أن "المرحلة الحالية التي يعيشها الإخوان تتطلب أعلى درجات اليقظة فيما يتعلق بقضية الإصلاح والتغيير، خاصة مع التحديات الجمة التي يواجهها الإخوان والحركة الإسلامية بشكل عام"، لافتا إلى أن "منهج التغيير لدى الإخوان معالمه واضحة، ومراحله محددة".

وذكر أن "فكرة الإخوان وهدفهم يمكن أن يوضح في جملة واحدة، إننا نريد أن نُحقق رسالة الإسلام؛ لأن الإسلام رسالة هي أكمل وأوسع وأتم الرسالات الكبرى"، لافتا إلى أن "الوسائل السلمية جذرية في الإصلاح، وثورية في مواجهة الظلم والفساد".

وردا على سؤال الأسباب التي تحول دون مناقشة خطط الإخوان في هذا المؤتمر، أجاب: "ليس مجال المؤتمر التحدث عن خطط الجماعة، لكن الحديث عن الرؤية والأهداف والاستراتيجيات العامة، فليس من العقل والحكم التحدث في التفاصيل في مثل هذا المؤتمر".

وانتقد القيادي بجماعة الإخوان محمد البشلاوي، في كلمة له، غياب عنصر الشباب عن حضور المؤتمر أو تفاعلهم داخل مؤسسات الجماعة، إلا أن متحدثي المؤتمر ردوا عليه بقولهم إنه لا يوجد غياب متعمد للشباب.

وقال الأمين العام للجماعة: "معظم الإخوة مُهاجرون بعائلات، ومعظمهم بتركيا من كبار السن، ونحن لم نمنع أحدا من الشباب من الحضور"، مشدّدا على أن هناك الكثير من الشباب فاعلون داخل مؤسسات الجماعة المختلفة.

 

"التنظيم وسيلة لا غاية"


وناقش رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، عماد الحوت، مبحث "الإخوان المسلمون: الرسالة والرؤية"، لإزالة "حالة الالتباس التي تحكم تصورات كثير من الناس عن جماعة الإخوان".

وذكر أن "تنظيم الجماعة وسيلة مشروعة وأساسية، وليس غاية لذاته، وأن عالمية الجماعة من عالمية الإسلام، ومشروع الجماعة يتمثل في إصلاح وبناء الفرد والأسرة والمجتمع وفق مبادئ وشريعة الإسلام".

وأجاب حوت عن سؤال: هل الإخوان طلاب سلطة؟ بقوله إنهم "ليسوا طلاب حكم كما يتوهم البعض، بل طلاب عدل واستقامة، أيا كان من يحكمهم".

كما تناول مفهوم الحكومة الإسلامية، موضحا أن "وجود الحكومة الإسلامية عامل مهم في قيام الدولة الإسلامية لا ينفك عنها"، مؤكدا أن الإخوان يرفضون مبدأ فصل الدين عن الدولة أو السياسة؛ لأن الإسلام عقيدة، وتأسيس الحكومة الإسلامية عقيدة وفريضة، ويرون أن قيام حكومة إسلامية مدنية واجب".

ورأى أن "الحكومة الإسلامية لها قواعد ومبادئ تقوم عليها؛ من مسؤولية الحاكم أمام الله، ثم الناس، ووحدة الأمة، فلها نظام واحد، هو الإسلام، واحترام إرادة الأمة، فلها الحق في مراقبة الحاكم ومحاسبته"، مضيفا: "نرى أن الحكومة الإسلامية حكومة شورى، والأمة تختار رئيس الدولة، ولها أن تعزله".

ولفت إلى أن "أول شيء يعترض طريق الإخوان هو الحكومات، ثم الغرب بما لديه من تصور سلبي عن الجماعة. والعقبة الثالثة هي الأقليات غير الإسلامية، وأخيرا المسلمون الذين يعملون في الحقل الإسلامي ويتخذون طرقا أخرى غير طريق الجماعة، وكذلك الجماعات التي ظهرت أو انسلخت عن الحركة".

واستعرض التحديات والمخاطر التي تتعرض لها الجماعة، ومنها ما وصفه بالتحدي غير المسبوق على صعيد الحركة والتنظيم، انطلاقا من المحاولات الاستئصالية التي يقوم بها حكام مسلمون ضد الجماعة وكوادرها وعناصرها وهيئاتها، ومرورا بالمواقف الدولية التي ترى في الجماعة خطرا على مصالحها، وانتهاء بالتصدعات التنظيمية التي حدثت نتيجة التحديات التي واجهتها الجماعة في أعقاب موجات الثورات العربية".

وأوضح أن "الإخوان يتصورون أن الوصول إلى مرحلة الاستقرار والبناء يتطلب مزيدا من رفع وعي الشعوب بحقوقها وواجباتها، ومزيدا من الثبات والمقاومة لكل المشروعات الانقلابية والتغريبية، وبذل أقصى جهد لترميم الصف الداخلي، وبذل كل جهد ممكن للتعريف بالدعوة ونشر الفكرة، وإصلاح الحكومات حتى تكون إسلامية بحق، والوصول إلى إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية".

المراقب العام السابق لجماعة الإخوان الأردنية همام سعيد، والأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان عزام الأيوبي، تحدثا عن مبحث "أهمية العمل الجماعي ومشروعيته والفكر التنظيمي في منهج الإخوان"، متطرقين لبعض المقاربات الفكرية حول فكرة التنظيم في منهج الإخوان، وبعض إشكالياتها المثارة من داخل هذا التنظيم أو من خارجه.

وقال البحث إن "الدارس لتنظيم الإخوان، والمتفحص في لوائحهم، سيكتشف أن هذا التنظيم بني من أول يوم على قواعد التنظيمات الراسخة التي انتهى إليها الفكر الإنساني، وهو كائن متطور بحسب البيئة والمراحل، فنجد فيه القيادة المسؤولة، والجندية المطيعة، والنظام الأساسي الناظم للعلاقات، المحدد للمسؤوليات والواجبات، المبين للأهداف والوسائل"، مؤكدا أن "العمل الجماعي لاستئناف الحياة الإسلامية واجب شرعي على المسلمين في شتى بقاع الأرض".

التعليقات (0)