ملفات وتقارير

هل تستجيب هيئة تحرير الشام لمطالب الحل؟ مراقبون يجيبون

أنباء عن مهلة للهيئة لحل نفسها أعطيت من قبل أطراف إقليمية ودولية- جيتي
أنباء عن مهلة للهيئة لحل نفسها أعطيت من قبل أطراف إقليمية ودولية- جيتي

يعود الحديث من جديد عن حل "هيئة تحرير الشام" إلى الواجهة، لكن هذه المرة مترافقا مع أنباء عن مهلة أُعطيت للهيئة، من قبل أطراف إقليمية ودولية.


وبحسب معلومات أولية، فإن الهدنة التي أعلنت روسيا عنها قبل ثلاثة أيام، مشروطة بحل "تحرير الشام" و ذراعها المدنية "حكومة الإنقاذ"، وتمكين "الحكومة المؤقتة" التابعة للائتلاف المعارض بدلا عنها، وفتح الطرق الدولية برقابة مشتركة تركية وروسية.


وبات من شبه المؤكد، أن حل "تحرير الشام" بات مطلب الجميع، حتى على المستوى الشعبي، الذي خرج بتظاهرات في ريف إدلب الشرقي، مطالبة بحل "تحرير الشام" وحكومتها "الإنقاذ"، سدا للذرائع المفضية إلى مواصلة الهجوم على إدلب.


وعلى مدار اليومين الماضيين، تظاهر المئات، في مدن وبلدات عدة بمحافظة إدلب شمال سوريا، ضد "تحرير الشام" وزعيمها "أبي محمد الجولاني".


تزامنا مع ذلك، خرجت بعض الأصوات من المعارضة، المطالبة بحل "تحرير الشام" قطعا للطريق على هجوم روسي على مدينة إدلب.


وهو الأمر الذي عبر عنه، مسؤول المكتب السياسي في "لواء المعتصم"، مصطفى سيجري، قائلا على حسابه الشخصي في تويتر قبل أيام: "ليعلم أهلنا في ادلب وما حولها أنه مازال لدينا فرصة لوقف الهجمات الروسية الإرهابية فورا، وقطع الطريق على العدو، ويتمثل ذلك في الإعلان عن حل تنظيم الجولاني وحكومته "الإنقاذ" والتحاق العناصر بالجبهة الوطنية للتحرير، وتسليم إدارة المنطقة للحكومة المؤقتة لإعادة استئناف الدعم الأوروبي".

 

اقرأ أيضا: إلى متى سيصمد وقف إطلاق النار بإدلب؟.. مراقبون يجيبون

وحتى الآن، لم تعلّق "تحرير الشام" على ما يتم تناقله من أنباء، في ظل تباين في آراء المراقبين حول مدى استجابة "تحرير الشام" لتلك الدعوات، لكن مصادر محلية ألمحت إلى وجود مفاوضات بين "تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير"، بوساطة تركية، للتوصل إلى صيغة تضمن ذوبان "تحرير الشام".

 

اعتبارات تحتم الاستجابة


من جانبه، بدا مدير "المرصد الاستراتيجي"، الدكتور بشير زين العابدين، مقتنعا بأن "تحرير الشام" باتت أقرب إلى الإعلان عن حل نفسها، مرجعا ذلك في حديثه لـ"عربي21" إلى اعتبارات عدة.


وشارحا الاعتبارات هذه، أشار زين العابدين إلى الخلافات الدائرة بين مختلف أجنحة "تحرير الشام" والانشقاقات الناتجة عنها، ما يسهم في تضييق الخناق على قادة التنظيم، ودفعهم للقبول بصفقة تخرجهم من الأزمة الخانقة التي يعيشونها.


وأضاف: "لقد أخفق تنظيم القاعدة في تأسيس إدارة مركزية تلم شتات الجماعات الجهادية المتنافرة تحت راية واحدة، حيث يستحكم الخلاف بين حراس الدين والحزب التركستاني الإسلامي والهيئة التي أعلنت فك ارتباطها بالتنظيم عندما كانت تطلق على نفسها اسم جبهة النصرة".


والاعتبار الآخر الذي لا يمكن التقليل من شأنه، من وجهة نظر العابدين، هو متعلق بشخص زعيم "تحرير الشام" أبي محمد الجولاني، مضيفا أنه "يمزج الجولاني بين الغموض والبراغماتية، حيث انتقل بطريقة بهلوانية أثناء وجوده في سوريا بين تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة، وجبهة النصرة، وتحرير الشام، وأبرم سلسلة من تحالفات المصلحة التي ربطته ببعض الفصائل في مراحل مختلفة، ما يرجح فرص لجوئه إلى حل تنظيمه الجديد، والبحث عن آفاق جديدة للعمل خارج إطار التشكيل التقليدي والمجال الجغرافي الذي بات ضيقا عليه في إدلب".


كذلك ألمح زين العابدين، إلى إجماع كل الأطراف الفاعلة دوليا على إنهاء ملف "تحرير الشام" في إدلب، ما يجعل منها مضطرة إلى الموافقة على ذلك، بدلا عن خيار المواجهة الذي لا يصب في صالحها.


خيارات محدودة


الباحث بشؤون الجماعات الجهادية، خليل المقداد، قال إن "خيارات تحرير الشام باتت محدودة للغاية"، مشيرا إلى التسريبات التي تتحدث عن عرض تركي لحل "تحرير الشام" ودمجها بـ"الجيش الوطني" وكذلك "حكومة الإنقاذ" وضم كوادرها إلى "الحكومة المؤقتة".


وأضاف لـ"عربي21" أن القرار اليوم متوقف على موقف "تحرير الشام"، باختيار المضي في المواجهة أو الموافقة على حل نفسها.


ومن خلال مراقبة سلوك "تحرير الشام" منذ نشأتها، يتضح للمقداد أنها نجحت حتى الآن في التماهي مع المطالب الدولية والإقليمية، حيث نجحت قيادتها في التخلص من العناصر التي توصف بـ"التشدد"، ودجّنت عددا منهم.

 

اقرأ أيضا: صحيفة للنظام السوري تتحدث عن حل "تحرير الشام" خلال 8 أيام

وعلى ذلك، ليس مستبعدا أن تتماهى "تحرير الشام" وتحديدا زعيمها الجولاني، مع المطالب الجديدة، والحديث للمقداد، الذي أضاف أن "حيز المناورة هذه المرة بات محدودا جدا، لأن المطلوب إدلب، ما يعني أن "تحرير الشام" باتت أمام خيارين، إما التسليم أو القتال".


حل وسط

 
وعلى الرغم مما سبق، يعتقد المقداد، أن تذهب "تحرير الشام" إلى حل وسطي، أي الموافقة على "حكومة الإنقاذ"، والاعتراف بـ"الحكومة المؤقتة"، وأن توافق على الانضمام لتشكيل عسكري مع كل الفصائل، للخروج بتسوية جديدة تضمن إبقاء إدلب خارج سيطرة النظام السوري.


وقال إن "المؤشرات تشي بأن هناك توافقا على أن تكون إدلب تحت الوصاية التركية، إلى حين التوصل إلى حل سياسي سوري"، مستدركا بأن "كل ذلك يبقى في إطار التكهنات، وهو رهن بقرار الجولاني".


وفي السياق ذاته، أشار المقداد إلى وجود الكثير من الرافضين للطروحات تلك، من عناصر "تحرير الشام" ومن الفصائل الأخرى التي توصف بـ"المتشددة".


وأضاف: "كما أن تحرير الشام محاصرة بكثير من المتربصين بها من الفصائل، ما يعني أن احتمال تصادمها مع هؤلاء يبقى أمرا واردا".


الآلية غير واضحة

 
الكاتب الصحفي إبراهيم إدلبي، تساءل في حديثه عن مصير قيادات "تحرير الشام" وتحديداً من المتشددين، وقال: "في حال أن تحرير الشام استجابت فعلا لحل نفسها، فإن دخول تلك القيادات على جسم عسكري آخر، سيعطيه الطابع القاعدي، ما يعني بقاء الذرائع لضرب إدلب".


وأردف في حديثه لـ"عربي21"، بأن كل ذلك يعني أن آلية حل "تحرير الشام" لن تكون بالأمر السهل.
لكنه، تساءل عن الضمانات التي تمنع ضرب إدلب في حال وافقت "تحرير الشام" على حل نفسها، وقال: "لم تقدم روسيا ضمانات، ولا يؤمن غدر روسيا، التي تريد بقاء الحجج لمواصلة الهجوم على إدلب، تحت عنوان محاربة الإرهاب".


وفي السياق ذاته، أشار المحلل السياسي، أسامة بشير، إلى الأنباء غير المؤكدة التي تتحدث عن استجابة "تحرير الشام" للمطلوب منها دوليا وإقليميا، أي حل نفسها.


وتساءل بالمقابل: "ماذا عن مصير قياداتها؟"، وأجاب: "لا زالت الآلية غير واضحة، والأمور معقدة كثيرا".


لن يكون سياسيا

 
من جهة أخرى، اعتبر الكاتب الصحفي إبراهيم إدلبي، أن حل "تحرير الشام" بات مطلبا دوليا وشعبيا، لأن وجودها جر الويلات على الثورة.


وقال إن "الواضح أن حل هذه التنظيمات لن يكون ناجما عن مجهود سياسي، وإنما بحاجة إلى عمل عسكري، والمنطقة لم تعد تحتمل تبعات ذلك العمل".


إلى جانب ذلك أشار إدلبي إلى وجود تنظيمات أخرى تعتبر "متشددة"، و"التحالف الدولي" يضعها على قائمة أهدافه، وعلق قائلا: "من الواضح أن الأطراف الدولية خلقت أكثر من ذريعة لاستمرار ضربها مناطق إدلب".


وعن الدور التركي، قال: "تركيا تحاول تقليل المخاطر عن المناطق المدنية، من خلال الاستمرار بعملية المفاوضات، لأنها غير مستعدة لفتح حدودها أولا، وثانيا لأنها ليست في وارد خسارة إدلب".

التعليقات (0)