صحافة دولية

وثائق: بريطانيا حاولت مواجهة حظر النفط العربي بنفط من إيران

ميدل إيست آي: سعت بريطانيا إلى إبرام صفقة نفط سرية مع إيران خلال أزمة 1973- أ ف ب
ميدل إيست آي: سعت بريطانيا إلى إبرام صفقة نفط سرية مع إيران خلال أزمة 1973- أ ف ب

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا، أعده ريتشارد نورتون-تايلور، يقول فيه إن وثائق بريطانية، رفع الحظر عن سريتها، كشفت عن أن مدير المخابرات البريطانية (أم آي6) التقى بشاه إيران في طهران عام 1973.

 

ويقول الموقع إن هذا اللقاء كان لإقناع الشاه بتزويد بريطانيا بكميات من النفط تعوض عن النقص الذي تسبب به قرار وقف الدول العربية إمدادات النفط بعد حرب عام 1973.


ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المدير السابق للمخابرات البريطانية سير ديك وايت عقد اجتماعا سريا مع شاه إيران محمد رضا بهلوي، في محاولة للتوصل إلى صفقة نفط خاصة أثناء أزمة النفط، وهي التي قامت خلالها الدول العربية المصدرة للنفط بحظر النفط إلى الغرب في أعقاب حرب عام 1973. 

 

ويلفت تايلور إلى أن سير وايت رافقه في اللقاء في طهران سير شابور ريبورتر، العميل الإيراني لـ"أم آي6"، الذي أدى دورا مهما في الانقلاب الذي دعمته المخابرات الأمريكية والبريطانية، الذي أعاد الشاه إلى العرش ضد حكومة محمد مصدق عام 1953.  

 

ويكشف الموقع عن أن ريبورتر ووايت التقيا بالشاه في مكان إقامته الخاص، وذلك في محادثات استمرت ثلاثة أيام في 10 أيلول/ سبتمبر 1973، مشيرا إلى أن الدول العربية كانت قد فرضت حظر النفط في تشرين الأول/ أكتوبر 1973 على الغرب لدعمه إسرائيل، ما أدى إلى أزمة نفط هزت الاقتصاد العالمي، وارتفعت أسعار النفط، التي أدت إلى انهيار الأسواق المالية والتضخم وارتفاع نسب البطالة في بريطانيا.

 

ويذكر التقرير أن اتحادات العمال طالبت في ظل هذه الأزمة بزيادة الأجور لمواجهة الأسعار المرتفعة، ما أدى إلى مواجهة بين عمال المناجم والحكومة في كانون الأول/ ديسمبر بسبب إجراءات "ثلاثة أيام في الأسبوع" لتخفيف حدة نقص الطاقة. 

 

ويفيد الكاتب بأنه بحسب الوثائق التي كشف عنها الأرشيف البريطاني، فإن وايت قام في اجتماع طهران بتوضيح "وضع الطاقة الخطير في بريطانيا بسبب منع المناجم من العمل لساعات إضافية، ومشكلات العمل الأخرى"، التي قال إنها تفاقمت بسبب حظر تصدير النفط العربي. 

 

وبحسب الموقع فإن اللقاء، الذي لم يكن معروفا إلا لحفنة من الأشخاص في مقر الحكومة، اقترحه لورد روتشيلد، وهو سليل عائلة مصرفية، لافتا إلى أن روتشيلد تقدم بالفكرة بعدما تحدث إليه ريبورتر، وأشار المدير السابق لـ"أم آي-6" إلى أن بريطانيا يمكنها الحصول على كميات من النفط الخام.  

 

وينوه التقرير إلى أن الانقلاب الذي أدى فيه ريبورتر دورا رئيسيا ضد مصدق جاء بعد تأميمه النفط الإيراني، مشيرا إلى أن روتشيلد، الذي وصف نفسه بـ"الصديق القديم" للشاه، كان يخطط لقيادة الوفد إلى طهران لكنه مرض. 

 

ويورد تايلور نقلا عن روتشيلد قوله في مذكرة سرية كتبها إلى الوزير سير جون هانت: "أقترح على رئيس الوزراء أن يحل مكاني سير ديك وايت، وهو شخصية معروفة للشاه وعلى علاقة جيدة معه"، وأضاف روتشيلد: "سير شابور ريبورتر بذل جهده لإنجاح هذه الزيارة". 

 

ويشير الموقع إلى أن وايت ترأس "أم آي6" من عام 1956- 1968، وكان مديرا لوكالة الاستخبارات المحلية "أم آي فايف" في الوقت الذي حدث فيه الانقلاب، لكنه أظهر اهتماما بالشرق الأوسط منذ أن خدم في الشرق الأوسط أثناء الحرب العالمية الثانية. 

 

ويفيد التقرير بأنه بعد اللقاءات الأولية بين ريبورتر ووايت والشاه، فإن لقاءات أخرى عقدت، شارك فيها من الجانب البريطاني، بالإضافة إلى وايت وريبورتر، كل من ويليام ويلدغريف، العضو في وحدة السياسة في وزارة إدوارد هيث، وجون سيلكوك من بنك "أن أم روتشيلد أند صنز"، فيما حضر من الجانب الإيراني مع الشاه ممثلون عن شركة النفط الإيرانية، واتفق الطرفان على "التعامل (مع النقاشات) بسرية عالية". 

 

ويكشف الكاتب عن أنه بحسب الوثائق، فإن الشاه عبر عن "تعاطفه مع مصاعب بريطانيا، وكان متفائلا بتسهيل الإطار الذي يجمع العلاقات الإيرانية البريطانية لترتيبات زيادة إمدادات النفط إلى بريطانيا من إيران". 

 

ويلفت الموقع إلى أنه بعد أيام من "النقاشات المكثفة" تم تقديم اتفاق حول قيام بريطانيا بـ"استقراض" كميات من النفط الخام الإيراني، يدفع ثمنه لاحقا، وتحصل إيران على حصص في واحدة من مصافي النفط البريطانية، مشيرا إلى أنه لم يحصل شيء من هذا؛ نظرا لأن المخاوف من نقص النفط لم تتحقق، ولأن روتشيلد لم يكن يعلم عن محادثات موازية كان يقوم بها وزير الصناعة والتجارة في حكومة هيث، بيتر وولكر، مع شركة النفط الإيرانية. 

 

وبحسب التقرير، فإن وولكر لم يكن يعلم بزيارة وايت إلى طهران، التي لم يكن يعلم بها إلا شخص في حكومة هيث، وهو وزير الدفاع لورد كارينغتون، مشيرا إلى أن الوثائق تكشف عن استعداد المخابرات البريطانية لحلب إرث الدعم الذي قدمته إلى الشاه، من خلال إعادة العرش له. 

ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن الدور البريطاني في الانقلاب على مصدق لا يزال حاضرا في كتب التاريخ الإيرانية، الذي وقع قبل الثورة عام 1979، التي أطاحت بالشاه وأنشأت الجمهورية الإسلامية.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)