مقالات مختارة

أنظمة عربية تنتج الإرهاب وتدعمه

محمد عايش
1300x600
1300x600

تقول أهم نظريات نشوء الدولة إنها -أي الدول- تقوم بناء على «عقد اجتماعي» بين الحاكم والمحكوم، وبموجب هذا العقد الضمني بين الطرفين، فإن الناس في مجموعهم يتنازلون عن جملة من حقوقهم وحرياتهم، مقابل أن توفر لهم الدولة جملة مكتسبات أهمها، الحماية لهم ولأموالهم وممتلكاتهم وعائلاتهم.. وهكذا تنشأ الدول.

بعض الدول العربية التي لا تنطبق عليها أي من نظريات السياسة ثمة عصابات إجرامية تحكم وليست أنظمة، وهذه العصابات تشكل تهديدا لمواطنيها بدلا من تقديم الحماية لهم، وهو ما يعني أن «العقد الاجتماعي» قد انفرط وأن الدولة أصبحت عبئا على مواطنيها لا حاميا لهم ومصدرا للرفاه.

النظام السياسي الذي يلاحق معارضيه بالقتل والاغتيال، ويعاقب الناس على آرائهم بالاعتقال والتنكيل لا يمكن أن يكون جزءا من دولة، لأن «الدولة» لا تقوم إلا بالقانون والحفاظ على النظام العام، ومهمتها الأساس هي حماية مواطنيها لا تهديدهم، وعندما تكون النخبة الحاكمة خارجة عن القانون، تتحول إلى عصابة إجرام أو تنظيم إرهابي، أما عندما لا تقوم الدولة بحماية مواطنيها فهذا يعني أنها فشلت وأن الحاجة لها انتفت.

عندما نسمع أن دولة عربية تتعاون مع تنظيم «القاعدة» ضد مواطنيها، وأن زعيما في التنظيم نفسه على علاقة مع ثلاثة أمراء عرب، وأن دولة عربية أخرى تُمد المتطرفين بالمال والسلاح، من أجل مواجهة خصومها في أماكن مختلفة.. فهذا كله يعيد التأكيد على أن الأنظمة العربية المستبدة هي المصدر الأساس للإرهاب في العالم، فضلا عن أنها تستفيد من الإرهاب وتستثمر فيه، من أجل التغلب على خصومها السياسيين، أو من أجل تثبيت نفسها في الحكم. بعض الأنظمة العربية التي تتميز بالاستبداد والتوحش أصبحت جزءا لا يتجزأ من منظومة الإرهاب في العالم، فهي تنتج الإرهاب وتدعمه على ثلاثة مستويات:

أول هذه المستويات أنها تمارس استبدادا وتسلطا ضد شعوبها، يُنتج جيوشا من اليائسين والمحبطين والمهمشين، الذين لا يرون أي أمل في التغيير السلمي فيجنحون نحو العنف والتطرف.

أما المستوى الثاني في عملية إنتاج الإرهاب عربيا فهو أن بعض الأنظمة تستعين بالتطرف الديني من أجل محاربة خصومها السياسيين، سواء كانوا من المعارضين الشيعة أو من الإيرانيين، على اعتبار أن المتطرفين والطائفيين هم الأكثر قبولا لفكرة تكفير غير المنتمين للطائفة السنية.

المستوى الثالث هو تعاون بعض الأنظمة العربية مع منظمات إرهابية بشكل مباشر، إما لخوض حروب بالوكالة، أو لتصفية معارضين، أو لاستخدامهم كشماعة من أجل الخلط بين الإرهاب والعنف، والمعارضة السياسية، وصولا إلى تبرير القمع السياسي من قبل السلطة أو النظام الحاكم.

مسرحية الإرهاب التي ينشغل بها العالم منذ سنوات، بل منذ عقود، بدأت تنكشف وتنفضح شيئا فشيئا، وبات واضحا أن بعض الأنظمة العربية متورطة في إنتاج الإرهاب وتدويره والاستفادة منه والاستثمار فيه، وهذا يعني بالضرورة أن الدين الإسلامي والحركات الإسلامية المعتدلة، لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بهذه الظاهرة، وإنما هي أداة سياسية تستخدمها بعض الأنظمة المأزومة في منطقتنا.

 

وبينما تستفيد بعض الأنظمة العربية من شماعة الإرهاب التي تحولت إلى «سبوبة» لهذه الأنظمة، فإن العالم المتحضر إذا كان جادا في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه وشرايينه فيتوجب أن يتوقف عن دعم أنظمة الاستبداد العربية، وأن يحول دعمه لقوى الديمقراطية والحرية، وأن يعمل على بناء أنظمة ديمقراطية تحقق طموح شعوبها وتلبي آمالهم.

عن صحيفة القدس العربي

2
التعليقات (2)
مسرحية الإرهاب
الثلاثاء، 16-07-2019 11:53 م
الأنظمة العربية لاتنتج شيء بتاتا بل هي الإرهاب بعينه أما من ينتج الإرهاب حقا فهو الغرب و صهاينته لكن عندما يكون لدينا صحافة إستقصائية 100% عندما يكون لدينا بديل لغوغل عندها ينكشف الخداع إنشاء الله
رائد عبيدو
الثلاثاء، 16-07-2019 03:20 م
الحركة الصهيونية هي تنظيم عصابات إرهابية يدعمها النظام الأمريكي. والنظام الذي يحترم الإنسان يضع العصابات الصهيونية في قوائم الحركات الإرهابية. أما الحكومات والشركات والقنوات التي تتعامل مع الصهاينة أو مع النظام الأمريكي أو كليهما فهي شريكة في الإرهاب، بلا أي استثناء. لا فرق بينهم إلا في مستوى الانحطاط. وكل من يمدح أحد هذه الحكومات أو الشركات أو القنوات فإنما يلطخ يديه بدماء الأبرياء، وقد يكون من بينها دمه ودماء إخوانه.