المرأة والأسرة

هكذا يؤثر استخدام الوالدين للهاتف على الأبناء

الاستعمال القليل للهاتف من قبل الآباء له تأثير كبير على سلوك الطفل- CC0
الاستعمال القليل للهاتف من قبل الآباء له تأثير كبير على سلوك الطفل- CC0

نشر موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن تأثير استخدام الوالدين للهاتف على علاقتهم بأطفالهم.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن إيان شير من موقع "سي نت" كتبت العام الماضي: "لا يمكنني الابتعاد عن هاتفي وأخشى أن يؤذي ذلك ابني البالغ من العمر عامين".

 

كانت شير بذلك ترغب في تسليط الضوء على الوقت الذي يجب على العائلة أن تستعمل فيه الشاشات الإلكترونية.

 

ولكنها لم تركز فقط على التأثير السلبي للهواتف على الأطفال والمراهقين بل على تأثير استعمال الوالدين للهواتف على أطفالهم.

وذكر الموقع أن استخدام الأولياء للتكنولوجيا في كل مراحل نمو الطفل سيكون له عواقب وخيمة.

 

وقد أجرت كلية هانتر ومركز الدراسات العليا بجامعة سيتي في نيويورك دراسة مبنية على الظاهرة التي اكتشفها عالم النفس التطوري إدوارد ترونيك، حيث قال إن الأطفال بعد بضع دقائق من التفاعل مع أمهاتهم اللاتي لا يولونهم اهتماما يشرعون في البكاء بلا هوادة ويوجهون وجوههم بعيدًا عن والدتهم.

 

وفي الواقع، إنه وصف مثالي تقريبًا لما تفعله الشاشات للتفاعل البشري، حيث أن الباحثين وجدوا أن النتائج كانت مشابهة للغاية.

وأوضح الموقع أنه بينما كانت الأمهات يعملن على أجهزتهن، كان الأطفال أكثر حزنًا واستكشفوا بيئتهم بشكل أقل كما أنهم لم يتجاوبوا مع والداتهم عندما تركوا الأجهزة.

 

وفي هذا الصدد، قال الباحث المشارك في الدراسة، تريسي دينيس تيواري: "تشير النتائج إلى أن استخدام الأجهزة المحمولة، مثله مثل الأشكال الأخرى لعدم استجابة الأم، قد يكون له تأثير سلبي على الأداء الاجتماعي العاطفي للرضع والتفاعل بين الوالدين والطفل".

 

اقرأ أيضا :  مجلة أمريكية: العمل من المنزل هو الخيار الأذكى


من جانب آخر، ركزت دراسة ثانية على تأثير الهواتف على كيفية تربية الأطفال.

 

وقد لاحظ الباحثون في قسم طب الأطفال في مركز بوسطن الطبي بعد متابعة 15 طفلا في مطعم للوجبات السريعة أن الأولياء أو الأشخاص الذين يعتنون بهم إذا ما ركزوا في هواتفهم فإنهم يتجاهلون سلوك الطفل لفترة من الوقت ثم يتفاعلون معه بنبرة صوت متوترة ويكررون الإرشادات بطريقة روبوتية إلى حد ما دون أي وعي باحتياجات الطفل.

وقال الموقع إن الناس على دراية بأن استعمال الهواتف من قبل الآباء يؤثر على تفاعلهم مع أطفالهم، ولكن كيف يظهر ذلك في سلوك الطفل؟ وقد أظهرت الدراسة التي أجريت في كل من ولاية إلينوي وجامعة ميشيغان أنه حتى الاستعمال القليل للهاتف من قبل الآباء له تأثير كبير على سلوك الطفل.

وفي هذا الصدد، كتب أحد المشاركين في الدراسة: "تشير نتائجنا إلى أن الأجهزة المحمولة وغيرها من التقنيات الرقمية تخدم على الأرجح أغراض تخفيف التوتر للآباء، لكنها في الوقت نفسه يمكن أن تؤدي إلى عرقلة فرص الاتصال بين الوالدين والطفل المهمة لصحة الطفل ونموه".

كما ذكر الموقع أن مدرسة للصف الثاني في لويزيانا أعطت لطلابها مهمة كتابة تقرير عن الاختراعات التي تمنوا لو أنها كانت غير موجودة. واختار أربعة من 21 تلميذا الهواتف الذكية.

 

وكتب أحدهم "لا أحب الهاتف لأن والديَّ مشغولان بهواتفهم كل يوم. أنا أكره هاتف أمي وأتمنى ألا يكون لديها هاتف".

علاوة على ذلك، قالت عالمة علم النفس الإكلينيكية ومؤلفة كتاب "الانفصال الكبير: حماية الطفولة والعلاقات الأسرية في العصر الرقمي"، كاترين شتاينر، "إن الأطفال من جميع الأعمار استخدموا نفس العبارات لوصف مدى صعوبة جذب انتباه آبائهم لهم عندما يحتاجون إليهم: حزن، غضب، جنون، وإحباط". خاصة وأن الأطفال أحسوا بأنهم في منافسة مستمرة مع هواتفهم أبائهم.

ونوه الموقع بأن هذه الظاهرة عالمية، حيث كشف استطلاع دولي أُجري على 6 آلاف من الآباء والأطفال من أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وآسيا وأوروبا، أن أكثر من نصف عدد الأطفال أكدوا أن آباءهم يتحققون من هواتفهم بشكل مستمر. ونتيجة لذلك، أفاد 32 بالمئة من الأطفال بأنهم يشعرون بأنهم "غير مهمين" بالنسبة إليهم.

في المقابل، يسعى العديد من الأطفال إلى مقاومة هذه الظاهرة. ففي مدينة هامبورغ الألمانية، نظّم إميل روستيج، البالغ من العمر سبع سنوات، بتشجيع من والديه، احتجاجا شارك فيه 150 شخصا، حيث رفع شعار "العب معي، لا بهاتفك المحمول!".

 

والجدير بالذكر أن المسيرة الأولى حققت نجاحا كبيرا، حيث دفعت الكثير من الآباء إلى إعادة التفكير في هذه العادة السيئة.

وأفاد الموقع بأن هذه المشكلة لا تتعلق بسلوك فردي فحسب، إنما هي مشكلة جماعية تتعلق بالصحة العامة. نحن نحتاج إلى توسيع آفاق الحوار حول تأثير الأجهزة الإلكترونية على العائلات، ولكن بطريقة لا تسبب الخجل للآباء.

 

وفي الحقيقة، إن مستوى الوعي حول أهمية مشاركة الآباء في مختلف الأنشطة مع أطفالهم، والتواصل البصري معهم، والتحدث معهم، وقراءة القصص لهم، واللعب معهم، أعلى من أي وقت مضى.

وأوضح الموقع أن هذه الأجهزة الإلكترونية المغرية ساهمت في خلق صعوبات وتحديات جديدة داخل العائلة، حيث زادت من صعوبة مهمة الوالدين لمنح أطفالهم الاهتمام اللازم الذين يحتاجونه، في الوقت الذي يلجأ فيه الآباء إليها للتخفيف من الضغط والتوتر الناجمين عن تربية الأطفال.

 

ومن جهة أخرى، أكدت الأستاذة الفخرية بجامعة بوردو، جوديث مايرز وولز على أهمية أن يكون الآباء قدوة لأطفالهم بطريقة إيجابية لاستخدام الأجهزة الإلكترونية.

ونقلت شيري توركل، أستاذة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤلفة كتاب "استعادة الحوار"، ما قاله صبي لها يبلغ من العمر 15 سنة: "يريد هذا الطفل أن ينشئ عائلة، ولكن ليس بنفس الطريقة التي تربى بها، في ظل وجود الهواتف أثناء تناول وجبات الطعام وفي الحديقة وخلال الأنشطة الرياضية بالمدرسة، ولكن دون هواتف في وجبات الطعام وتواصل مثمر بين أفراد العائلة".



التعليقات (0)