صحافة دولية

هكذا تشعل الخصومة بين طهران والرياض سباق التسلح بينهما

السعودية هي ثالث بلدان العالم استثمارا في الدفاع بعد الصين والولايات المتحدة- جيتي
السعودية هي ثالث بلدان العالم استثمارا في الدفاع بعد الصين والولايات المتحدة- جيتي

نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية مقالا للكاتب كارلوس تورو سلط من خلاله الضوء على المنافسة الكبيرة بين كل من السعودية وإيران من أجل تحقيق التفوق العسكري في المنطقة، عبر تعزيز التسلح والقدرات القتالية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السعودية تعد ثالث أكبر مستثمر في العالم في مجال الدفاع بنفقات بلغت حوالي 70 مليار دولار سنويا، لمواجهة التفوق الإيراني في مياه الخليج.

 

وفي الواقع، تعود جذور كل الأزمات في الخليج إلى الصراع القديم على الهيمنة الإقليمية بين المملكة العربية السعودية وإيران.

وذكرت الصحيفة أن هذا الصراع دائما يدور حول النفط، والمسؤولية الكبرى المتعلقة بمواصلة استخراجه وتأمين نقله عبر طرق الملاحة، باعتبار أن 85 بالمائة من النفط في العالم يُنقل عبر البحر، والباقي عبر الأنابيب.

 

ولا يمكن للمملكة العربية السعودية أن تعيش دون الذهب الأسود، الذي يشكل 85 بالمائة من إجمالي صادراتها، و90 بالمائة من مواردها.

وأكدت الصحيفة أن منطقة الخليج تكتسي أهمية بالغة من الناحية الاقتصادية، وهو ما يفسر الحساسية خاصة من الناحية السياسية.

 

وتكمن المعضلة في غياب التوافق بين السعودية وإيران، أكبر دول المنطقة من حيث المساحة والسكان. وفي حين تلعب الرياض دور حامي المذهب السني (الوهابية بالتحديد)، تمثل طهران في المقابل المذهب الشيعي.

 

أما من ناحية النظام السياسي، فإن السعودية يحكمها نظام ملكي ديني، بينما يحكم جمهورية إيران دكتاتورية دينية.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المنطقة تتنفس عبر مضيق هرمز، الذي يمر عبره يوميا حوالي ثلث النفط الخام في العالم.

 

اقرا أيضا : جيروزاليم بوست : ما سبب سباق التسلح بين السعودية وإيران؟

 

وضفاف هذا المضيق تابعة لإيران من ناحية الشرق وسلطنة عمان من ناحية الغرب. وعلى الرغم من أن سلطنة عمان من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، إلا أن تحالفها مع السعودية هو مسألة شكليات أكثر من أي شيء آخر.

وأضافت الصحيفة أن عمان تربطها علاقات تاريخية مع طهران، باتت واضحة أكثر من أي وقت مضى في فترة المفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني.

 

وعلى الرغم من وجود الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، في مهمة الحفاظ على الأمن في المنطقة، بيد أنه من أبجديات السياسة أن أفضل حماية يمكن أن توفرها دولة لنفسها هي الحماية الذاتية.

وذكرت الصحيفة أن السعودية التي تبدو مثل شبه جزيرة ضخمة عالقة بين ممرين مائيين: البحر الأحمر الذي ينتهي عند مضيق باب المندب، والخليج العربي الذي يخنقه مضيق هرمز.

 

وتجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية هي ثالث بلدان العالم استثمارا في الدفاع، بعد الصين والولايات المتحدة، بنفقات سنوية بلغت حوالي 70 ألف مليون دولار، أي حوالي 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، من أجل تعزيز قدراتها العسكرية البرية والجوية، ومؤخرا تم إيلاء أهمية كبيرة للقوة البحرية.

وأضافت الصحيفة أن السعودية دخلت في برنامج مكلف وطموح لتوسيع قدراتها البحرية من أجل الوقوف في وجه إيران، التي تعتمد على أسطول من السفن السريعة والصغيرة المزودة بمدافع وصواريخ قصيرة المدى وطوربيدات؛ وهي مميزات مناسبة جدا لخوض العمليات القتالية في مياه الخليج.

وأشارت الصحيفة إلى أن إيران لم تكتف بهذا النوع من القدرات، بل تسعى أيضا لتعزيز ترساناتها البحرية من خلال بناء ست فرقاطات جديدة من نوع "موج"، وهي نسخة مطورة من فرقاطات "الفند" التي صنعتها في نهاية الستينات.

 

وردا على السياسة العسكرية الإيرانية، قررت السعودية المراهنة بقوة على القوة البحرية، حيث ستضع في مياهها خلال السنوات القليلة القادمة تسع وحدات بحرية وزنها يتراوح بين 3 آلاف و4 آلاف طن، تتبعها ثلاث فرقاطات من طراز إف 3000، وهي من نوعية "لافايات" التي أصبح اسمها "الرياض".

أما السفن العسكرية، فقد شهدت زيادة في حجمها لتبلغ 4800 طن، بالإضافة إلى زيادة طاقة استيعابها. وستحصل الرياض أيضا على أربع سفن قتالية ساحلية، وخمس سفن "كورفيت"، وخمسة طرادات تم بنائها في إسبانيا في حوض بناء السفن لافانتيا، وهي مشابهة للسفن الأربع التي بيعت إلى فنزويلا بين سنة 2011 و2012، والتي تتميز بوفرة صواريخ سام المناسبة لمواجهة الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.

 

وستتصدى السعودية بهذه الأسلحة الجديدة لصاروخ "هويزة" الإيراني حديث الصنع، الذي يبلغ مداه 1300 كيلومتر.

ولاحظت الصحيفة أن السعودية وإيران، تبعا لمصالحهما العسكرية، تركزان دائما على تطوير القوات البحرية الساحلية على حساب الأساطيل القادرة على خوض معارك في المحيط، حيث أنها تمتلك غالبا سفنا صغيرة ومجهزة جيدا لمجابهة الغواصات.

ونوهت الصحيفة بأن السعودية تواجه نقصا بالمقارنة مع إيران من حيث عدد الغواصات. أما طهران في الجانب الآخر، فتمتلك ثلاث غواصات من طراز "كيلو" سوفيتية الصنع، وحوالي 30 غواصة أقل تطورا، من بينها 24 غواصة صغيرة من طراز "غدير" لا يتجاوز وزنها 120 طنا، إلا أنها تبقى عملية جدا في المياه الضحلة في الخليج.

وأوردت الصحيفة أنه في ظل هذا التفوق الإيراني، تخطط السعودية للتزود قريبا بغواصات من طراز "سكوربين" التي يبلغ وزنها 1700 طن، وهي تعمل بمحركات ديزل وكهرباء، ومطورة في إطار مشروع أوروبي مشترك بقيادة مجموعة نافال غروب الفرنسية وشركة نافانتيا الإسبانية.

التعليقات (0)