ملفات وتقارير

لماذا أصبحت المناسبات الاجتماعية في مصر مواسم لتعاطي المخدرات؟

أطلقت وزارة الصحة حملة بعنوان "عيّد من غيرها"، لحث الشباب على عدم تناول المخدرات
أطلقت وزارة الصحة حملة بعنوان "عيّد من غيرها"، لحث الشباب على عدم تناول المخدرات

تحولت المناسبات الاجتماعية في مصر، خاصة الأعياد والأفراح والحفلات، إلى مواسم لتعاطي المخدرات والخمور، حتى أن محال الخمور تشهد زحاما غير عادي في تلك الأيام، كما أن بيع المخدرات يشهد رواجا كبيرا أيضا، بحسب مراقبين.


فلماذا أصبحت الاحتفالات والأفراح والأعياد ترتبط في أذهان الكثيرين، خاصة الشباب، بتعاطي المواد المخدرة أو الخمور، على الرغم من خروجهم للتو من شهر رمضان المبارك؟ وما هي أسباب هذه الظاهرة؟ وكيف يمكن مواجهتها؟

 

"عيدك أحلى من دون تعاط"

 

وفي محاولة لمواجهة هذه الظاهرة، أطلقت جمعيات أهلية حملات توعوية للتحذير من خطورة تعاطي المخدرات في الأعياد، كان آخرها حملة "العيد مش مخدرات" التي أطلقتها جمعية مصر الجديدة بالتعاون وزارة الصحة، والتي تهدف للتعريف بخطورة تعاطي المخدرات، وما تتركه من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية مدمرة على الفرد والمجتمع، في حين أطلقت جمعيات أخرى حملة "عيد سعيد بدون إدمان".

 

كما أطلقت وزارة الصحة حملة بعنوان "عيّد من غيرها"، لحث الشباب على عدم تناول المخدرات التي يكثر تعاطيها في الأعياد، وعلى رأسها الحشيش.

 

أما وزارة التضامن الاجتماعي، فأطلقت مبادرة "عيدك أحلى بدون تعاطي" لتوعية الشباب والأطفال بالآثار السلبية لتعاطي المخدرات، كما نشرت لجان التوعية في الحدائق والمتنزهات على مدار أيام عيد الفطر الماضي.

 

أرقام مفزعة

 

وأشارت دراسة حديثة صادرة قبل نحو شهرين عن صندوق مكافحة تعاطي المخدرات التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، إلى أن عدد متعاطي المخدرات في مصر يصل إلى 10% من المواطنين، وأن هناك أحياء سكنية كاملة أصبحت أوكارا معروفة لتجارة المخدرات.

 

وقال مدير الصندوق إبراهيم عسكر، في تصريحات تلفزيونية، إن سن التعاطي انخفض إلى 9 سنوات، موضحا أن أصدقاء السوء مسؤولون عن 58% من حالات الإدمان في مصر.

 

وقالت وزير التضامن الاجتماعي، غادة والي، إن نسبة تعاطي المخدرات في مصر ضعف المعدل العالمي، وذلك وفقا لآخر مسح قومي تم إعداده عام 2014.

 

ظاهرة متوارثة

 

وتعليقا على هذه الظاهرة، قال أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، الدكتور فتحي قناوي، إن التجمع على المخدرات والخمور في المناسبات السعيدة مثل الأعياد والأفراح والحفلات وغيرها متوارث في المجتمع المصري منذ عقود طويلة.

 

وأوضح قناوي، لـ"عربي21"، أن هناك اعتقادا بأن هذه المناسبات هي أوقات للسعادة والـ"فرفشة"، كما يقول المصريون، وبالتالي فإن تعاطي هذه الممنوعات سيزيد الإحساس بالسعادة، وهو مفهوم خاطئ لدى الكثيرين، مضيفا: "أما في الأعياد، فإن فئة المراهقين والشباب بشكل خاص يقبلون على تعاطي المخدرات في العيد، خاصة مخدر الحشيش، في أثناء خروجات التنزه والاستمتاع بالعيد، لخلق جو من البهجة والسعادة.

 

وأضاف أن كثيرا ممن يتعاطون الحشيش يرفضون الاعتراف بأنه يسبب الإدمان، أو أن له أضرارا صحية، لافتا إلى أن البعض يقول إنه يمكن ارتكاب بعض التجاوزات، مثل تعاطي المخدرات، بعد الخروج من جو الالتزام الديني طوال شهر رمضان الكريم.

 

وحذر من أن الغالبية العظمى من المدمنين كانوا يعتقدون أنه لا توجد مشكلة إذا تعاطوا المخدرات أو الخمور على فترات متباعدة في المواسم والمناسبات، لكن هذه المعتقدات الخاطئة كانت أولى خطواتهم لإدمان المخدرات؛ لأن التعاطي يبدأ أولا على بجرعات قليلة، وعلى فترات متباعدة، ثم مع الوقت تزيد الكمية، وتضيق المدد الزمنية، حتى يعتاد المدمن على المخدرات، ويحتاج إلى تعاطيها يوميا، ويصبح أسيرا لها، ويحتاج إلى جهد كبير للتخلص والتعافي منها.


مواجهة متنوعة

 

وحول كيفية مواجهة هذه الظاهرة السيئة، قال الباحث الإسلامي أمجد فاروق، إن المواجهة لها عدة طرق، الأولى هي الحملات التوعوية التي تقوم بها الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني للتحذير من خطورة تعاطي المخدرات والخمور، والتأكيد على أن تعاطيها في المناسبات والأعياد هي بداية الطريق إلى إدمانها.

 

وأضاف فاروق، لـ"عربي21"، أن جميع مؤسسات المجتمع، مثل الأسرة والجامعة والمسجد والكنيسة، عليها دور أساسي في تعريف الشباب بخطورة هذه العادات والظواهر السلبية، والتحذير من أن تعاطي المخدرات محرم ومجرم في كل الأوقات، كما أن الشرطة عليها دور محوري في القبض على تجار المخدرات، ومنعهم من ترويج هذه الممنوعات، خاصة في مواسم الأعياد، لتقليل المعروض منها.

 

وقال محمد السوهاجي، طالب جامعي، إن الأمر لم يعد يقتصر على المناسبات فقط، مؤكدا أن بيع المخدرات وتعاطيها أصبح منتشرا في غالبية الأحياء المصرية.

 

وأضاف السوهاجي، لـ"عربي21"، أن كثيرا من زملائه الشباب يتعاطون المخدرات في الأعياد أو الأفراح كنوع من الفرفشة، مشيرا إلى أن التجمع وكثرة الأموال في أيادي المراهقين والشباب في المناسبات وعدم وجود رقابة حقيقية من الأهل يشجع على تناول المخدرات.

 

أما هشام عبد العزيز، موظف وله شقيق مدمن على مخدر الحشيش، فقال إن انتعاش تجارة المخدرات في المناسبات له عدة أسباب، من بينها أن التجار يستغلون الأعياد التي يضعف فيها تواجد ورقابة الشرطة؛ بسبب كثرة الإجازات، بالإضافة إلى حالة البهجة العامة المسيطرة على المجتمع، وأيضا كثرة الإنفاق في هذه المناسبات على مسببات السعادة في "قعدات المزاج"، ومن بينها المخدرات، حسب قوله.

 

وأوضح عبد العزيز لـ"عربي21"، أنه كان يسكن في إحدى المناطق الشعبية بمحافظة الجيزة، وكان يرى المخدرات تباع علنا في الشارع ليل نهار، ولم تستجب الشرطة لعشرات البلاغات التي تطالب بالتصدي لهؤلاء المجرمين، وفي النهاية اضطر إلى الانتقال للعيش في منطقة أخرى.

1
التعليقات (1)
ابوعمر
الجمعة، 14-06-2019 09:43 ص
اســــألوا الكلاب العسكر....العساكر وراء كل هذا التعاطي الخطير للمخدرات وكل السموم المهلكة انتقاما من الشعب الغلبان...الكلاب العسكرية تقوم بتدمير الركائز الاساسية للدولة وهم الشباب بتوفير هذه السموم ...لاأستبعد اليد الصهيونية في توفير هذه المخدرات وتوزيعها على كل المصريين...العساكر المصريين هم كلاب لهؤلاء الصهاينة