مقالات مختارة

آه منك يا عصابة!

جمال لعلامي
1300x600
1300x600

بقدر ما يُمسك رجال أعمال ومستثمرون ومقاولون ومستوردون، بطونهم، من شدّة "الخلعة"، يعيش آلاف العمال "الزوالية" والموظفين والكوادر حالة غير متناهية من القلق والفزع، خوفا من تضييع لقمة عيشهم، وخراب بيوتهم، بتوقيفهم عن العمل، كنتيجة محتملة من نتائج التحقيقات والتوقيفات والمحاكمات التي تطال هذه الأيام المشتبه في تورطهم في قضايا فساد.

من أصعب المواقف، أن يجد زوالي "كحيان" يطارد رزقه بعرق جبينه هنا وهناك، عاملا في شركة أو مقاولة أو ورشة، تثبت الأيام والسنوات أن مالكها أو ملاكها ضالعون في الفساد، فيضيع الجمل بما حمل، بالنسبة إلى البسيط الغلبان، بتأثر هذه المؤسسة النفعية بسجن صاحبها، أو حجز ممتلكاته، أو تشميع شركاته، فيكون العامل هو الضحية الأولى لفساد لم يرتكبه.

ما حدث لمجمّع الخليفة، من انهيار ونهب، يدفع العمال الآن المعنيون بالشركات المعنية بالتحقيقات والجرد، إلى الهلع من فقدان مدخولهم الوحيد حتى وإن كان من "البقشيش"، وهذا هو الرقم الصعب في المعادلة الحالية، فقد تعمّدت "العصابة" تأسيس الاقتصاد الوطني والتنمية والمشاريع طوال 20 سنة، على بنية "مخدوعة" شكلها مجموعة من رجال الأعمال و"الشكارة" ممن تمّ تسمينهم بالقروض البنكية ومساعدات الدولة.

المصيبة الآن، أن توقيف المتورطين في الفساد، قد ينتهي بغلق عشرات الشركات، وهذا يعني في ما يعنيه "تشريد" آلاف العمال البسطاء، ممّن كانوا ربما لا يتقاضون أجورهم بانتظام، لكن هذا قد لا يبرّر قطع الأرزاق، وهو ما يستدعي برأي خبراء اقتصاديين، البحث عن مخارج نجدة قانونية، لإنقاذ هؤلاء بإنقاذ مناصب عملهم والاكتفاء بمعاقبة المفسدين.

يجب ألا يدفع الأبرياء الفاتورة، ولا ينبغي أن "يروح المحرم مع المجرم" على حدّ تعبير المثل الشعبي، لكن بالمقابل، لا يُمكن لأيّ كان، حتى للضحايا، أن يقفوا ضدّ مسعى محاربة الفساد، وهي المهمة الوطنية التي عليها أن تتوسّع إلى كلّ القطاعات والمناطق، ولا تفرّق في ذلك بين وزير ومدير ومير وغفير، والأهمّ من كل هذا، استرجاع الأموال المنهوبة والمسروقات التي ضاعت تحت الطاولة وفوقها باسم القروض والاستثمارات.

نعم، من حقّ "التعساء" أن يخافوا على مصدر قوتهم، حال كلّ الكوادر التي ارتحل بها القدر إلى شركات خاصة توجد حاليا في عين الإعصار، فلا لوم على أولئك، ولكن كلّ اللوم على مسؤولين خاطوا قوانين على المقاس لفائدة "واجهات مالية"، حلبت الخزينة العمومية بالاحتيال المقنّن وبالتواطؤ واستعمال السلطة والنفوذ، والآن، بعدما لم تشارك في حلّ الأزمة المالية خلال سنوات "البحبوحة"، ها هي اليوم تفرك ملامح أزمة اقتصادية جديدة، على شاكلة اللصّ الذي يسرق خزنة البريد ويتسبب في وقف أجور الموظفين والمتقاعدين.

عن صحيفة الشروق الجزائرية

0
التعليقات (0)