ملفات وتقارير

ما سيناريوهات حراك الجزائر بعد احتمالية تأجيل الانتخابات؟

قايد صالح دعا لحوار تتم فيه تنازلات متبادلة لحماية الجزائر- الأناضول
قايد صالح دعا لحوار تتم فيه تنازلات متبادلة لحماية الجزائر- الأناضول

تثار التساؤلات بعد انتهاء مهلة تقديم المرشحين للانتخابات الرئاسية الجزائرية، والتي من المفترض أن تكون في تموز/ يوليو المقبل، سيناريوهات الجدل بين الحراك الشعبي وقيادة الجيش، ومدى التوافق بين الطرفين بشأن مصير الاستحقاق المنتظر.

وبعد انتهاء المهلة دون تقديم أي مرشح أوراقه للمجلس الدستوري، يعزز احتمالية للإعلان عن تأجيلها، ما يشكل موقفا جديدا لصالح الحراك الشعبي الذي يصر على تأجيلها.

وعمليا فقد رضخ رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، للأصوات الرافضة لإجراء تلك الانتخابات، بعد دعوته لفتح حوار جدي وبناء لجل الأزمة التي تعيشها البلاد، ما يعتبر موقفا جديدا له بعد أن كان يشدد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها.

وحول إصرار الحراك الشعبي، بتأجيل الانتخابات، قال الباحث والمحلل السياسي الجزائري، محمد وعراب، إن تأجيل الانتخابات مطلب في ظل الظروف الداخلية غير المساعدة تماما لعقدها، منها أن بقايا النظام السابق لاتزال موجودة في مراكز متقدمة.

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنه في ظل وجود بن صالح أو بدوي رئيس الحكومة الحالية وهم من رجالات بوتفليقة الأوفياء، فإن أي انتخابات يعتبر عبثا وإعادة لإنتاج ذات المنظومة السابقة ذاتها بوجوه جديدة.

 

اقرأ أيضا: قايد صالح يريد رئاسيات بلا مرحلة انتقالية.. هل ينجح بالإقناع؟


وأوضح أن السيناريو المنطقي والمقبول للمستقبل الجزائري، هو التعجيل بتنحية بن صالح وبدوي، وتسمية شخصيات وطنية، نظيفة وبعيدة عن الفساد والتزوير في مكانيهما، بالإضافة إلى اللجنة الوطنية لتنظيم الانتخابات، وسحب العملية نهائيا من وزارة الداخلية، خلال مرحلة انتقالية قصيرة من ثلاثة إلى ستة أشهر، تنتهي بانتخابات رئاسية تعطي إشارة الانطلاقة في مشروع الإصلاحات الكبرى.

وشدد وعراب، على أن الحراك الشعبي وسلميته، هو من عجل بتحقيق كافة المطالب المرفوعة، ابتداء بإيقاف العهدة الخامسة، ومن ثم استقالة بتوتفليقة، ومن بعدها اعتقال رؤوس الفساد الكبيرة بالبلاد.

ورأى أن المطلوب الآن، تدخل الجيش بالدفع نحو تنحية "المغضوب عنهم شعبيا" لحل الأزمة، وفتح نقاش واسع سواء بشكل مباشر، أو عن طريق وسطاء سياسيين، يمكن أن يشكلوا همزة وصل بين الجميع، كوزير الخارجية الأسبق طالب الإبراهيمي، أو رئيس الحكومة الأسبق ابن بيتور.

وأضاف الكاتب الجزائري، أن التعنت لن يفيد أي طرف، خصوصا في ظل الإصرار الواضح لدى الشعب بعد التراجع عن أي مطلب من مطالبه.

من جهتها قالت الأستاذة في جامعة عبد الحميد بن بادريس مستغانم، وسيلة عيسات، إن الحراك الشعبي لم يكن وليد اللحظة، أو قام فقط بسبب ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، مؤكدة على أن ذلك لم يكن إلا القطرة التي أفاضت الكأس والشرارة، التي أوقدت فكرة الحراك للتعبير السلمي لرفض الوضع القائم، وان الشعب أصبح واعيا بما يكفي لإحداث تغيير جذري.

وأشارت في حديثها لـ"عربي21"، إلى أن هناك إجماعا جزائريا، على ضرورة إيجاد لحل الأزمة والخروج نحو بر الأمان لتفادي أي تدخلات خارجية.

ولفتت إلى أن رئيس أركان الجيش، أكد في خطاباته على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية لتفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، ووضع حد لمن يريد إطالة أمد الأزمة، مؤكدة على ضرورة الإبقاء على المظاهرات وتماسكها، محاولة إفراز ممثلين حقيقيين من صلب الحراك، أو إحداث مبادرات من قبل نخب سياسية تقدم أفكارا إيجابية لتحقيق حوار شفاف حر وديمقراطي يجمع كل الأطراف، وتقبل فيه كل الآراء والاتجاهات المسؤولة.

 

اقرأ أيضا: قايد صالح يدعو لحوار تتم فيه تنازلات متبادلة لحماية الجزائر

ورأت الأستاذة الجامعية، أن المؤسسة العسكرية تعمل ضمن الحلول الدستورية القائمة، باعتبار أن الانتخابات الديمقراطية والشفافة هي الحل الأفضل لحل الأزمة.

وأشارت إلى أنه من المستحيل إجراء انتخابات في الرابع من تموز/ يوليو المقبل دون تهيئة الظروف لها، والتي إن حدثت فستزيد الموقف تعقيدا وستعد استفزازا من نوع آخر للشعب الجزائري وللحراك الذي يطالب برحيل "الباءات المتبقية بن صالح وبدوي وحكومته كليا وكل من لهم صلة بالنظام السابق".

ونوهت إلى أن رحيل حكومة بدوي، يمكن أن يحدث من أجل إجراء الانتخابات، لأنه من المستحيل تشكيل هيئة من حكومة بدوي لتتكفل بتنظيم تلك الانتخابات لعدم وجود ثقة بين الشعب وأعضاء الحكومة الحالية، والذين كانوا ذاتهم على رأس الانتخابات السابقة.

واستبعدت أي استقالة للرئيس الحالي ابن صالح، مشيرة إلى أن الدستور ينص على إكمال مهامه ومن ثم التسليم للرئيس الجديد الذي سينتخبه الشعب.

وشددت عيسات، على ضرورة إيجاد مخرج وحل توافقي للحوار دون مراوغة أو تضييع للوقت والذي يعد فرصة للنظام لإعادة إنتاج نفسه.

وأشارت إلى أن الحراك لن يتوقف، إلا بتحقيق كل مطالبه، وهذا لن يكون إلا بانتخابات نزيهة، مشيرة إلى أن الحراك لن يتوقف إلا بتحقيق كافة مطالبه، وهذا لن يكون إلا بانتخابات حرة، يختار من خلالها الشعب من يكون له شرف خدمته بحكومة جديدة، خالية من كل أذيال النظام السابق.

 

اقرأ أيضا: هل تنجح "البوتفليقية" بالعودة للواجهة من بوابة دعم الجيش؟

وأضافت أن المطلوب الآن، هو استغلال الحراك بطريقة عقلانية أكثر، والاستفادة منه للوصول إلى بناء الأرضية، وتهيئة الظروف المناسبة لإجراء تلك الانتخابات، ومن بين أهم الأسس لذلك رحيل حكومة بدوي، والذي من شأنه تعميق الصلة بين الجيش والحراك، وفتح حوار فعال حول مستقبل الأزمة بين مختلف الأطراف الفاعلة، وتفادي متاهات الفراغ الدستوري.

وأوضحت أن المفارقات في الجزائر عن أي دولة عربية أخرى، أن الجيش الجزائري هو من يصر على انتخابات، وتطبيق القانون، مشددة بالوقت ذاته على أن يكون هناك إجراءات أخرى وحلول سياسية أخرى تتوافق مع المرحلة الجديدة، وبالتالي لن يكون هناك أي انقلاب عسكري.

التعليقات (0)