صحافة دولية

CNN: لماذا على ترامب تجاهل نصائح الرياض وتل أبيب عن إيران؟

سي أن أن: السعودية وإسرائيل ليستا حليفتين مثاليتين لمواجهة إيران- جيتي
سي أن أن: السعودية وإسرائيل ليستا حليفتين مثاليتين لمواجهة إيران- جيتي

نشر موقع شبكة أنباء "سي أن أن" مقالا لكل من الزميل في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين أرون ديفيد ميللر، والزميل غير المقيم في وقفية كارنيغي للسلام ريتشارد سوكلوسكي، يتحدثان فيه عن التوتر الحالي بين الولايات المتحدة وإيران.

 

ويشير الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إلى القمة التي عقدتها الولايات المتحدة في شهر شباط/ فبرابر، في بولندا، التي دعت إليها قادة الشرق الأوسط بما فيهم إسرائيل

 

ويلفت ميللر وسوكلوسكي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كتب في تلك القمة تغريدة "مشؤومة"، قال فيها إن الاجتماع كان "تقدما في المصلحة المشتركة للحرب مع إيران"، وتم حذف التغريدة سريعا، وأعيد نشرها بعد استبدال كلمة "حرب" بـ"مواجهة إيران"، لكن التلميح حول الحرب لم يختف.

 

ويفيد الكاتبان بأن صحيفة سعودية مرتبطة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان حثت قبل أيام الولايات المتحدة على شن عملية عسكرية "جراحية" ضد إيران، وذلك بعد اتهام المملكة السعودية طهران بتوفير الطائرات المسيرة للحوثيين الذين استهدفوا أنابيب النفط.

 

ويعلق الباحثان قائلين إن "العلاقات الأمريكية الإيرانية تراوح بين حالة لا سلام ولا حرب، وأدى قرار ترامب إلغاء المعاهدة النووية الموقعة عام 2015 من طرف واحد، وحملته التي تقوم على ممارسة أقصى الضغوط الاقتصادية، إلى حالة عدم يقين تركت الطرفين في دوامة خطيرة، يقوم فيها كل طرف بزيادة التصعيد الذي يجعل من إمكانية النزاع العسكري حقيقة، خاصة في ظل عدم وجود قنوات لتخفيف التصعيد". 

 

ويرى الكاتبان إنه "عندما يتعلق الأمر بإيران، فإن السعودية وإسرائيل ليستا مراقبتان محايدتان، ومع أنهما عرضة للمخاطر في حال اندلاع حرب أمريكية إيرانية، إلا أنهما دعتا لسياسة أمريكية متشددة من إيران".
 
ويقول ميللر وسوكلوسكي: "علينا ألا نتبع سياسات إسرائيل والسعودية التي تزيد من مخاطر الحرب مع إيران، خاصة أن مصالحهما لا تتوافق دائما مع مصالحنا". 

 

وينوه الكاتبان إلى أن "كلا من إسرائيل والسعودية اعتبرتا الاتفاقية النووية (كارثة)، وهي لم تكن كذلك؛ لأنها كانت ستمنع إيران من تطوير السلاح النووي حتى عام 2030، وتخضع برنامجها النووي لنظام مراقبة صارمة لم تشهد عمليات المراقبة مثله في التاريخ، والمعاهدة مثل بقية اتفاقيات الحد من التسلح، فيها الكثير من مظاهر القصور، لكنها كانت عملية، وربما كانت أفضل الاتفاقيات التي تم التفاوض عليها في ذلك الوقت، وخدمت الهدف الأمريكي الأعلى، وهو منع إيران النووية من الهيمنة على المنطقة، وبالتالي منعت عملية عسكرية أمريكية أو إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية". 

 

ويستدرك الباحثان بأن "حكومتي السعودية وإسرائيل كرهتا الاتفاقية، وعملتا المستحيل لتخريبها، وتبدو السعودية قلقة من الطموحات الجيوسياسية الإيرانية في الخليج، أما إسرائيل فهي قلقة من التهديد الوجودي عليها من إيران النووية، وباختصار اعتبرت الدولتان مد اليد الأمريكية لإيران والتقارب بينهما بمثابة زيادة في التهديد الإيراني بشكل يؤثر على نفوذهما في واشنطن وعلى أمنهما". 

 

اقرأ أيضا: موقع أمريكي: لهذا تعد قطر الحليف الأهم لواشنطن بالخليج

 

ويبين الكاتبان أنه "من خلال نجاح السعودية وإسرائيل في إقناع ترامب بالخروج من الاتفاقية النووية عام 2018، فإنهما ضمنتا مصالحهما وخدمتا احتياجاتهما، فيما وضعت أمريكا نفسها في موضع لم يعد لديها فيه إطار لضبط البرنامج النووي الإيراني، ولا أي قنوات للتواصل مع طهران، وأصبح خيار أمريكا حملة عقوبات، وإن نجحت في الضغط على الاقتصاد الإيراني، إلا أن هذا النجاح لم يشمل على طرق للحد من طموحات إيران النووية، ولا تأثيرها الإقليمي، ولا التفاوض على صفقة جديدة". 

 

ويعتقد الكاتبان أن "التوتر الحالي الذي نراه مع إيران اليوم هو امتداد لإلغاء الاتفاقية النووية، فالسعودية وإسرائيل ليستا حليفتين يمكن الاعتماد عليهما لمواجهة إيران، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر مدح الرئيس ترامب السعودية لكونها (حليفا مهما في معركتنا المهمة ضد إيران)، فماذا قصد ترامب بالتأكيد من كلامه هذا؟".

 

ويجيب الباحثان قائلين إن "السعودية بدلا من اتخاذ الخطوات المتناسقة لمواجهة إيران وتأثيرها في المنطقة، فإنها ساعدت على توسيع التأثير لا الحد منه، والفضل يعود لسياسات ولي العهد السعودية المتهورة، وبدعم من إدارة ترامب، فالحرب الاقتصادية التي تقودها السعودية ضد قطر أدت إلى تعميق التأثير الإيراني هناك، أما التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الذين تدعمهم إيران في اليمن فإنه منح إيران نصرا دعائيا، وعزز قوة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة وسود صورة أمريكا، ودون أن يوقف التأثير الإيراني". 

 

ويرى الكاتبان أن "إسرائيل كانت أكثر فعالية من السعودية في الحد من نشاط إيران في سوريا، دون أن تؤدي إلى نزاع أوسع، إلا أن الوضع في ذلك البلد لا يزال محفوفا بالمخاطر، فقد زادت إيران تأثيرها في نظام بشار الأسد وعبر جماعاتها الوكيلة، ولا نية لها للخروج من سوريا". 

 

ويجد الباحثان أن "سياسات إسرائيل تجاه غزة أدت دورا في زيادة التأثير الإيراني، وتقوية حركة الجهاد الإسلامي الموالية لإيران، التي كانت وراء الجولة الأخيرة من التصعيد".

 

ويذهب الكاتبان إلى أنه "في الوقت الذي ترى فيه كل من السعودية وإسرائيل إيران تهديدا وجوديا، فإنها لا تمثل ذلك الخطر الوجودي على الولايات المتحدة، وليس غريبا أن تحاول السعودية وإسرائيل، الخائفتان من إيران نووية وتأثير قريب في المنطقة، دفع الولايات المتحدة لمواجهة طهران، وفي الوقت ذاته لا تريد هاتان الدولتان الانجرار في حرب تعرضهما للخطر، فالسعودية عرضة لخطر الصواريخ الإيرانية الباليستية وإمكانية تخريب منشآتها النفطية، وفي الوقت ذاته لا تريد إسرائيل مواجهة حزب الله وصواريخه، البالغ عددها 130 ألف صاروخ". 


ويقول ميللر وسوكلوسكي إنه "بناء على هذا فإنه يجب ألا تبدأ أمريكا حربا ليست من أجل مصالحها، بل من أجل السعودية وإسرائيل، وعليها تجنب الحرب بأي ثمن إلا في حالة تهديد إيران المصالح الجوهرية للولايات المتحدة، وهي: منع الإرهاب ضد الأمريكيين في الخارج، والحفاظ على تدفق النفط من الخليج العربي، ومنع إيران من امتلاك السلاح النووي". 

 

ويؤكد الكاتبان أن "لدى السعودية وإسرائيل مظاهر قلق مشروعة مع أنهما يبالغان فيها، ومن الخطر في هذه الحالة أن تشترك أمريكا معهما في هذا القلق؛ لآنه يؤدي إلى تقويتهما، خاصة السعودية، على ارتكاب سلوكيات متهورة، وإشعال التوتر وزيادة خطر الحرب".

 

ويجد الباحثان أنه "على خلاف نتنياهو ومحمد بن سلمان، اللذين لا يريدان التحاور مع إيران، فإنه يجب على إدارة ترامب فتح قنوات مباشرة معها، وعبر ترامب عن رغبته في الحديث مع الإيرانيين، لكن المكالمة لم تحدث بعد، ولو أريد للحوار أن يقود إلى حوار دائم فإنه سيجنب الطرفان التصعيد، ويدفع المجالات الأخرى، مع أن منظور اتفاق يظل بعيدا الآن".  

 

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول: "يجب على الإدارة التوقف عن الاستماع لنصح السعودية وإسرائيل فيما يتعلق بإيران، وعليها بدلا من ذلك البحث عن مصالحها، وقد استطاع ترامب الحديث مع أكثر الديكتاتوريين شراسة في العالم وهو كيم جونغ- أون، فهو بالتأكيد قادر على الحوار مع إيران".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)