ملفات وتقارير

"روابي" نموذج للسلام الاقتصادي بالضفة.. كيف يراها الفلسطينيون؟

مدينة روابي قرب رام الله في الضفة الغربية أنشئت بقرار من السلطة الفلسطينية في العام 2008- جيتي
مدينة روابي قرب رام الله في الضفة الغربية أنشئت بقرار من السلطة الفلسطينية في العام 2008- جيتي

تشهد الساحة الفلسطينية حالة من الجدل على المستويين الرسمي والشعبي، فيما يخص تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، فمن جهة تزعم السلطة بأنها بدأت بخطوات على الأرض للانفكاك التدريجي عن الجانب الإسرائيلي؛ منها وقف التحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية ورفض استلام أموال المقاصة، في المقابل تشهد مدينة روابي قرب رام الله نشاطا تجاريا بين شركات (الهايتك) الفلسطينية والإسرائيلية برعاية من الولايات المتحدة الأمريكية.


جاء الكشف عن ذلك بعد نشر الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل (BDS)، أسماء لشركات فلسطينية تعمل في مدينة روابي تتهمها بإقامة مشاريع اقتصادية وتجارية مع دولة الاحتلال، منها مركز التطوير التكنلوجي "روابي تك هب"، وشركتا عسل وإكسولت.

 

وتتم العملية وفق (BDS) من خلال تعاقد الشركة الإسرائيلية- الأمريكية، ميلانوكس (Mellanox) مع مبرمجين فلسطينيين لتطوير وتصميم أنظمة وبرمجيات تكنلوجية، يستفيد منها الجيش الإسرائيلي باعتباره أكبر زبائن شركة ميلانوكس.


بالتزامن مع ذلك، برز في الأيام الأخيرة ظهور تيارات سياسية فلسطينية تنادي وتؤمن بالسلام الاقتصادي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث شهدت مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية في الأول من الشهر الجاري ميلاد حزب فلسطيني جديد تحت مسمى "الإصلاح والتنمية"، يتزعمه أشرف الجعبري يدعو إلى إنعاش الاقتصاد الفلسطيني والتعاون مع الإسرائيليين تحت مسمى السلام الاقتصادي.


"نشاط مريب"

 

من جانبه حذر منسق حركة المقاطعة (BDS) عبد الكريم عجور، من النشاط المريب الذي تتبناه مدينة روابي، معتبرا أن "تمويل ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية لأنشطة اقتصادية وتجارية مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في هذه المدينة، يؤسس لخلق مناخ من شأنه تهيئة الرأي العام الفلسطيني لأي خطة سلام أو تسوية مع الإسرائيليين تحت غطاء السلام الاقتصادي".


وأضاف عجور لـ"عربي21": "من المؤكد أن نموذج التعايش السلمي في مدينة روابي، يتم بغطاء من السلطة الفلسطينية التي لم تتحرك لوقف هذه اللقاءات، رغم مطالباتنا المتكررة بضرورة وضع حد لما يجري في المدينة، خصوصا أن هذا النموذج شجع شخصيات سياسية فلسطينية في الخليل لتطوير هذه الفكرة من التعايش المشترك، دون أدنى اعتبار لتاريخ وتضحيات الشعب الفلسطيني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي".


كانت مدينة روابي منذ إنشائها بقرار من السلطة الفلسطينية في العام 2008، محل جدل واسع في الشارع الفلسطيني، فمن جهة يصفها البعض بأنها مستوطنة فلسطينية، أنشئت لخلق مناخ جديد بعيدا عن الصراع والمواجهة مع دولة الاحتلال، في حين يرى آخرون بأنها نموذج لمدن المستقبل بعيدا عن الزحام والحياة الصاخبة في الضفة الغربية.


وتضم روابي المبنية على مساحة 850 ألف متر مربع 22 حيا سكنيا ومركزا تجاريا ومجموعة كاملة من المرافق العامة، ويقدر عدد قاطنيها بنحو 50 ألف نسمة، وقيمة استثماراتها تقدر بمليار دولار.

 

"عجز السلطة"

 

في حين أقر عضو المجلس الثوري لحركة فتح، تيسير نصر الله، باستحالة السيطرة على ما يجري في روابي من قبل السلطة، لأن "مشاريع الهايتك تتم من خلال عقد إلكتروني بين المبرمجين والحاضنات التي تكون تابعة لشركات إسرائيلية، والتي قد تتسر باسم شركات أجنبية، لذلك لا يوجد أثر ملموس لهذه الجريمة يمكن تتبعها والقبض على مخالفيها من المتواطئين بهذه النشاطات".


وأكد نصر الله لـ"عربي21" أن "حركة فتح قد أعلنت عن رفضها لأي مشاريع تسوية قد تتم في الأراضي الفلسطينية بغطاء اقتصادي دون موافقة السلطة عليها، لذلك فإن ما تشهده الضفة الغربية مؤخرا سيتم مجابهته والتصدي له سياسيا وأمنيا إذا لزم الأمر". على حد قوله.


في المقابل، يرى الباحث في مركز القدس للدراسات الإسرائيلية، علاء الريماوي، أن "ادعاء السلطة بعدم قدرتها على وقف مشاريع التطبيع الاقتصادي في روابي، يتناقض في جوهره مع توفيرها حماية أمنية وقانونية لمجلس إدارة المدينة الذين هم شخصيات وازنة في السلطة، ولديهم استثمارات مالية واقتصادية في المدنية ويتعاملون بشكل يومي مع الشركات الإسرائيلية".


وأوضح الريماوي لـ"عربي21" "أن السلطة تدعي سياسيا بأنها ترفض مقترحات السلام الاقتصادي، ولكنها في المقابل لا تعارض تطبيق مثل هذه الاقتراحات على أرض الواقع، لأن التسوية السياسية لم تعد قائمة في ظل تحكم إسرائيل المطلق بمجريات الحياة اليومية لسكان الضفة الغربية من خلال الإدارة المدنية".


وتوقع الريماوي أن تعمم مثل هذه المشاريع في المرحلة القادمة في مدن أخرى بالضفة الغربية، لأن "نموذج روابي بات مقبولا لدى الطرفين، فمن جهة تستفيد السلطة في توفير فرص عمل للمئات من الخريجين بأموال إسرائيلية، وتستفيد الأخيرة في فرض سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين بما لا يسمح لهم بالتخلي عنهم".

0
التعليقات (0)