اقتصاد دولي

"أويل برايس": هل ينتهي قريبا العصر الذهبي للمملكة النفطية؟

السعودية   النفط
السعودية النفط

أفرد موقع "أويل برايس" الأمريكي في تقرير له، مساحة للحديث عن مختلف التهديدات التي قد تغيّر مصير نظام الحكم في المملكة العربية السعودية في ظل سياسات ولي العهد محمد بن سلمان.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن بلوغ ولي العهد السعودي لنهايته المحتومة بات وشيكا، لا سيما وأنه أصبح يواجه صعوبات في الدفاع عن خياراته على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فضلا عن تزايد خطر نمو نفوذ إيران التي تعمل على تعزيز الحضور الشيعي شمال المملكة التي تحيطها حالة من عدم الاستقرار المتزايد.

وأفاد الموقع بأن قرار الإدارة الأمريكية بعدم تجديد الإعفاءات من العقوبات التي فرضتها على الصادرات الإيرانية من النفط الخام والمتكثفات البترولية، إلى جانب الفولاذ والحديد والنحاس والألومنيوم، كشف عن دعم ترامب الراسخ للمملكة العربية السعودية. وتجدر الإشارة إلى أنّ الكونغرس قد سعى إلى وضع حدّ للدعم الأمريكي للحرب التي تخوضها السعودية في اليمن، إلاّ أن ترامب استخدم حق الفيتو لإلغاء مشروع القانون.

وأضاف الموقع أن العرض الناجح لبيع سندات أرامكو يعتبر انتصارا مهمّا لولي العهد محمد بن سلمان، لا سيما في أعقاب قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي. من جهة أخرى، تعتبر عملية تسييل شركة النفط المملوكة للدولة، سواء كان ذلك من خلال بيع الأسهم أو الديون، خطوة أساسية في تمويل البرنامج الاقتصادي الطموح لابن سلمان، الذي أطلق عليه اسم "رؤية السعودية 2030".

 وأوضح الموقع أن الوضع الراهن في السعودية أضحى لا يطاق على كافة الأصعدة، حيث شارف عهد أسعار النفط المرتفعة على نهايته بسبب ثورة الغاز الصخري التي اجتاحت سوق النفط العالمية والحملة العالمية لمكافحة انبعاثات الكربون وتنامي الطلب على المركبات التي تعمل بالوقود البديلة.

في الواقع، إن الاتفاق الذي أمضته عائلة آل سعود الحاكمة منذ قرون مع المؤسسة الدينية الوهابية لمساعدتها على إضفاء صبغة الشرعية على حكمها في السعودية أو بعض المناطق فيها، قد أصبح يشكّل خطرا محدقا، خاصة في ظلّ دعوة الجهات السلفية مثل تنظيم الدولة للإطاحة بالعائلة السعودية الحاكمة. في المقابل، اكتسبت إيران نفوذا واسعا في منطقة الشرق الأوسط منذ غزو العراق سنة 2003، وذلك على حساب السعودية في المقام الأول.

وفي ظلّ السياسات الداخلية والخارجية التي انتهجها ابن سلمان حتى الآن، يبدو وأنه يسعى إلى جعل عامة الشعب القاعدة التي ترتكز عليها قوة حكمه عوضا عن التقرّب للأمراء والمؤسسة الدينية الوهابية. لذلك، يبدو من المنطقي أنه يحاول تحسين الآفاق الاقتصادية لرعاياه، ويخفف من حدّة الحكم الاستبدادي لرجال الدين الوهابيين المتشددين على حياتهم اليومية، وتغذية القومية السعودية العلمانية.  ولكن، يبدو أن هناك تداعيات سلبية لهذه السياسة تتمثل في زيادة وتيرة الحرب الباردة الإقليمية بين السعودية وإيران.

وفي سنة 2016، جرّد ولي العهد السعودي "الشرطة الدينيّة" من صلاحيات الاعتقال التي كانت تحظى بها، وعمل منذ ذلك الحين على توسيع نطاق اندماج النساء في الحياة العامّة. وروّج ولي العهد للتحرّر الاجتماعي من خلال السماح للنساء السعوديات بالقيادة والانضمام إلى القوى العاملة، بالإضافة إلى حملة مكافحة الفساد التي لاقت نجاحا كبيرا بين عامة الشعب.

 

إقرأ أيضا: السودان يعلن دعمه لإجراءات حماية سفن الإمارات والسعودية

وأوضح الموقع أنه من أجل ضمان السيطرة الاجتماعية خلال الفترة الانتقالية في المملكة، كثّف ولي العهد ابن سلمان من حملات القمع السياسي على الصعيدين المحلي والخارجي، إذ يعتبر اغتيال جمال خاشقجي الرهيب داخل القنصلية السعودية في إسطنبول مثالًا رئيسيًا على هذا القمع. وعلى نحو مماثل، لجأ ولي العهد بشكل متزايد إلى اعتماد إجراءات صارمة مثل قطع الرؤوس للقضاء على المعارضة السياسية، بالإضافة إلى 104 عملية إعدام لمواطنين سعوديين منذ بداية السنة وحتى 24 نيسان/أبريل الماضي فقط.

وفي الواقع، تشبه العقوبات الأمريكية الصارمة المفروضة على صادرات النفط الإيرانية نزول المن من السماء بالنسبة للمملكة، علما وأنه بإمكان إيران تصدير كمية قليلة من النفط فقط إلى خارج البلاد. ولحسن الحظ، من المرجح أن تواصل الصين استيراد كميات كبيرة من النفط الإيراني، إلى جانب كل من العراق وتركيا المجاورتين.

وفي هذا السياق، كانت إيران تصدّر 2.7 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمتكثّفات البترولية قبل فرض الولايات المتحدة للعقوبات الجزئية في السنة الماضية، لكن هذا الرقم انخفض إلى ما يقدّر بمليون برميل يومياً في نيسان/أبريل. وفي ظلّ انتهاء الإعفاءات في بداية هذا الشهر، من المرجح أن تنهار الصادرات الإيرانية بسرعة إلى ما يتراوح بين 500 و700 ألف برميل يوميًا قبل أن تنتعش تدريجياً من خلال صادرات بمعدّل 300 برميل يوميًا أو أكثر بفضل عمليات التهريب العراقية والتركية.

وأشار الموقع إلى أن السعودية ستستفيد كثيرا في هذه الحالة، بما أن الانخفاض الكبير في صادرات النفط والمعادن سيؤدي إلى افتقار إيران للنقد الأجنبي، مما سيجبرها على منح الأولوية للواردات المخصّصة للاستهلاك المحلي، على حساب العمليات العسكرية ومشاريع البنية التحتية المصممة لتعزيز مكاسبها الإقليمية في العراق وسوريا.

علاوة على ذلك، ينبغي أن تستفيد السعودية من الزيادة الكبرى في إيرادات النفط بسبب ارتفاع أسعار النفط الخام وأحجام صادرات النفط. وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك المملكة أكثر طاقة إنتاج نفط فائضة في العالم، مما يجعلها قادرة على الاستفادة من الأسعار المرتفعة والمنافسة الضئيلة.

وفي حال افترضنا زيادة صادرات النفط السعودي من 1.5 مليون برميل يوميًا إلى 9.5 ملايين برميل يوميًا بمتوسّط سعر يبلغ 80 دولارا أمريكيا للبرميل عوضا عن 65 دولارا أمريكيا، فإن متوسط إيرادات المملكة من النفط سيبلغ 277 مليار دولار أمريكي سنويًا بموجب العقوبات النفطية الأمريكية الصارمة المفروضة على إيران، أي بتسجيل زيادة تعادل 46 في المئة.

وخلص الموقع إلى القول إن كل من عائدات النفط التي فاقت التوقعات وتسييل شركة أرامكو السعودية، سواء من خلال بيع الأسهم أو الديون، قادرة على تغطية نسبة كبيرة من تكلفة "رؤية السعوديّة 2030" التي قدّمها ولي العهد. وقد حدد معهد ماكينزي العالمي قيمة هذا المشروع بما يعادل 4 تريليونات دولار أمريكي.

التعليقات (0)