ملفات وتقارير

"الهبد الإلكتروني".. مقاومة شبابية فلسطينية من نوع آخر

وصلت تعليقات حملة "إهبد" الإلكترونية إلى صفحة الرئيس الأمريكي- جيتي
وصلت تعليقات حملة "إهبد" الإلكترونية إلى صفحة الرئيس الأمريكي- جيتي

برزت مجموعة شبابية فلسطينية، تدعى "جيش الهبد الإلكتروني"، في العدوان الأخير على قطاع غزة، على وسائل التواصل الاجتماعي، استطاعت أن تخلق شكلا جديدا من أشكال المقاومة الإلكترونية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ومؤيديه.

ويتركز عمل المجموعة الشبابية التي انطلقت بجهود فردية، برصد المنشورات المسيئة للقضية الفلسطينية، ومهاجمة حسابات الشخصيات التي تؤيد الاحتلال الإسرائيلي.

كما يحاول الشبان الفلسطينيون، مهاجمة وتوجيه أولئك الذين تتبنى تغريداتهم الرواية الإسرائيلية، ولا يملكون معلومات كافية على الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية.

ووصلت تعليقات حملة "إهبد" الإلكترونية إلى صفحة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بآلاف التعليقات المؤيدة للقضية الفلسطينية.


ووصلت "عربي21"، إلى مؤسس الفكرة الشاب أحمد جودة، والمقيم في قطاع غزة، والذي أشار إلى أنه بعد قيام الأمن بغزة باحتجازه بسبب الحراك الشعبي مؤخرا، قرر اعتماد النقد الساخر غير المباشر على صفحته في فيسبوك.

وأضاف، أنه كتب كلمة "إهبد" في منشوراته، مما لاقى رواجا كبيرا من النشطاء على صفحات التواصل في استخدام الكلمة ذاتها، "مما أصبح في تفكيري، أن أصنع قاعدة من خلال توجيه الشباب بشكل هادف".

 

اقرأ أيضا: "إهبد" تهاجم ترامب بآلاف التعليقات المناصرة لفلسطين

وحول أولى خطواتهم في استخدام هذا الأسلوب الدبلوماسي الشعبي الرقمي، أضاف أن الفكرة بدأت بعد قيام صفحة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي، بنشر معلومة بأن نوعية من الغزلان تعيش في صحراء جوديا بإسرائيل، مشيرا إلى أن النشطاء أصبحوا يغردون على الصفحة الإماراتية لتصحيح المعلومة، بأن الصحراء هي عين الجدي بالخليل، مما اضطر إدارة الصفحة إلى حذف الخبر ونشر اعتذار.

وأضاف: "لقد تشجعنا بشكل أكبر، في مهاجمة صفحات فلسطينية، بما فيها تتبع للهيئات الحكومية تداولت أخبارا غير دقيقة، اضطرت بالنهاية لحذف تلك الأخبار الكاذبة".

ولفت إلى أنه ومع العدوان الأخير على قطاع غزة، برز العمل بشكل أوسع، بتصدير الرواية الفلسطينية، ودحض الرواية الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي، واصفا معركتهم على "التواصل"، بـ"الملحمة" في مواجهة الكثير من مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح جودة، أنهم تمكنوا من الوصول إلى صفحات إخبارية أجنبية، وأخرى إسرائيلية، بما فيها صفحة الجيش الإسرائيلي، ومسؤولين، وصفحة الحفل الغنائي "يوروفيجن"، التي من خلالها تمكنوا من جعل الكثيرين يقومون بإلغاء تذاكرهم في المشاركة بالحفل الغنائي الذي يقام في تل أبيب.

وكشف أن الحملة الالكترونية، لديها مجموعات مختصة بالتصميم، وأخرى بالاشتباك بالتعليقات، ومجموعة للأرشفة، والرصد، ومجموعة بالترجمة اعتمدت ما يقارب أكثر من 20 لغة في تصدير الرواية الفلسطينية بما فيها اللغة الأسبانية، واللغات المستخدمة في هولندا وبلجيكا والسويد، وروسيا وأوكرانيا، إلى جانب اللغة الانجليزية.

وأشار إلى أنه، من الصفحات التي تم الوصول إليها، صفحات لسياسيين كبار في العالم، منهم الرئيس البرازيلي وابنه، بآلاف التعليقات التي تشرح انتهاكات الاحتلال، وتنصر الرواية الفلسطينية، مضيفا: "لقد تفاجأ بأن البرازيل تربة خصبة لتصدير الرواية الفلسطينية، وخضنا نقاشات معهم والكثير منهم تجاوبوا مع حملتنا".

كما ولفت إلى أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قام بكتابة منشور يشعر به بالاستياء مما يحصل في صفحات كبار الحزب الجمهوري أمثال: إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنير، وغرينبلات، فقد قمنا بهبد منقطع النظير على صفحتهم، لدعمهم للاحتلال بشكل وقح ومستفز قبل ذلك ، الأمر الذي أثار حفيظة جيش الهبد الإلكتروني، فقمنا بأخذ المنشور ووضعناه على صفحتنا وكتبنا بأن ترامب منزعج مما نفعله من فضح ممارساتهم وانحيازهم الواضح، وتكريسهم للاحتلال العنصري".

 

اقرأ أيضا: تفاصيل تعاون "سيبراني" مثير للرياض وأبو ظبي مع إسرائيل

وأضاف أنهم يتجهزون الآن لأكبر حملة بذكرى النكبة الفلسطينية، يوم "الهبد الأكبر"، منوها إلى أن الحملة تنقسم إلى "هبد نقدي"، و"هبد ودود"، موضحا على سبيل المثال، الأمير هاري، تم تهنئته بالمولد الجديد، والتعليقات كانت في فلك التمني بأن لا يقتل بصاروخ مثل أطفال فلسطين، وعدم تسمية المولود باسم "آرثر بلفورد"، الذي كان له دور كبير بالنكبة الفلسطينية".

وأشار جودة، إلى "قصور بطريقة تصدير الرواية الفلسطينية الرسمية من الفصائل الفلسطينية، دون الاعتماد على خطاب يعتمد تصدير الظلم الإسرائيلي أمام العالم، وليست الرواية التي قد تكون أداة إسرائيلية بدون قصد".

وتابع: "نحن لا نحتاج للجهد الإسرائيلي بإقناع الشعوب، نحن روايتنا صادقة وحقيقية، وموثقة، ولا نحتاج لجهد كبير، وبإمكانيات متواضعة نستطيع القيام بما لم تستطيع به إسرائيل".


من جهتها قالت الناشطة الفلسطينية والمقيمة في السويد،نور بعلوشة، إن النشطاء الفلسطينيين في أوروبا يقومون بعمل مستمر ودؤوب، نحو تغيير وتصحيح وتعديل الرواية الصهيونية.

وأشارت في حديثها لـ"عربي21"، إلى أنه في كل يوم يتزايد عدد المشاركين في هذه الحملات الالكترونية، و"بدأ نشطاء أوروبيين بفهم الرواية بشكل غير مسبوق وذلك من خلال تفاعلهم على بعض المنشورات التي يقوم جيش إهبد بالتفاعل معها".

وتابعت بعلوشة: "على الصعيد الفردي أشعر بفخر كبير، فلأول مرة يقوم الفلسطينيون، بتحديد بوصلة وتوجه واحد باتجاه العدو الصهيوني ورواياته المنافية للحقيقة.

وأوضحت أن النشطاء تنبهوا لقصور كبير في الدبلوماسية الفلسطينية، لافتة إلى أنهم اعتمدوا في تصدير الرواية أكثر من 25 لغة، و"هذا لم تقم به الدبلوماسية الفلسطينية، فالشباب المشاركين في هذه الحملات هم شباب مثقف وواعٍ بقضيته العادلة".

وفي هذا السياق، أوضح المختص بالإعلام السياسي، حيدر المصدر، أن حملة "إهبد 194"، هي سلوك فردي على مواقع التواصل الاجتماعي، انتظم بمبادرات فردية واتسع، ليتحول إلى جهد سيبراني يومي، يشارك فيه المئات من النشطاء الفلسطينيين، على اختلاف الوانهم السياسية.

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه يحسب لتلك المبادرة الالكترونية، استطاعت جذب جميع أطياف وشرائح المجتمع الفلسطيني، بدون أن تمتلك مركزية توجيه حكومي أو حزبي.

 

اقرأ أيضا: تعرف على "مواقع التواصل" في إسرائيل ومتابعي نتنياهو

وأرجع المصدر، إلى نجاح مبادرتهم، بتلقائيتها وتحررها من التبعية الحزبية، ما أسهم في توسيع قاعدة المشتركين، شارك فيها نشطاء فلسطينيين من كل أنحاء العالك، وتمكنت من جذب نشطاء من جنسيات أخرى، عربية وأجنبية، لتتحول إلى سلوك عالمي، داعم للحق الفلسطيني.

وأشار إلى أن المبادرة، أضحت تمتلك ملامح الجيوش الإلكترونية ، أو ما يعرف عالميا باسم جيوش المتصيدين (Trolls Army)، وأسلوبها في العمل يعكس معرفة واطلاعا واسعا بكيفية توظيف مواقع التواصل على الشكل الانسب، من حيث الأساليب والتكتيكات.

ولفت إلى أنها تفوقت على  الدبلوماسية الفلسطينية التي تعمل وفق مبدأ تقليدي، ولا تأخذ بالاعتبار متطلبات الدبلوماسية العامة الموجهة للشعوب دون أي وسيط، بحيث اقتصرت ممارساتها على الغرف السياسية فقط، بعيدا عن الفضاء الجماهيري الأوسع.

وأوضح أن الفرق بينها وبين الدبلوماسية الفلسطينية، أن الأولى تسير وفق متطلبات الدبلوماسية العامة، بينما الثانية تنحصر داخل بوتقة الدبلوماسية التقليدية، ولا عجب أن تنجح الأولى طالما تواصل تركيزها على جماهير العالم بدون استثناء.

التعليقات (0)

خبر عاجل