صحافة دولية

الغارديان: اهتمام السعودية المفاجئ بالسودان دافعه الخوف

مالك قالت إنه ليست لدى السعودية أي نية للسماح لثورة السودان بتحقيق هدفها- جيتي
مالك قالت إنه ليست لدى السعودية أي نية للسماح لثورة السودان بتحقيق هدفها- جيتي

قالت صحيفة الغارديان البريطانية في مقال رأي للكاتبة نسرين مالك، إن اهتمام السعودية المفاجئ بالسودان بعد الأحداث الأخيرة مدفوع بخوفها من الثورة التي أطاحت بالبشير، وخشيتها من انتقال العدوى التي ترى فيها انتهاء لحكمها.

 

وتبدأ مالك مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بالتذكير بموقف الرئيس المصري أنور السادات الذي وافق على وقف إطلاق نار مع إسرائيل في أثناء حرب أكتوبر عام 1973، وعندما ووجه باستسلامه، رد أنه كان مستعدا لمحاربة إسرائيل وليس لمواجهة أمريكا.

 

وتشير الكاتبة إلى أنه في اليوم الثالث من الحرب أعلن الرئيس ريتشارد نيكسون عن عملية "نيكل غراس"، حيث قامت الولايات المتحدة بتعويض خسائر إسرائيل العسكرية لدرجة تجعلها قادرة على المواجهة، وأكدت "نيويورك تايمز" في تشرين الثاني/ نوفمبر 1973، نقلا عن سفراء غربيين في القاهرة تأكيدهم الاتهامات المصرية، وأن طائرات أمريكية "غالاكسي" كانت ترسل معدات عسكرية في سيناء. 

 

وتقارن الكاتبة بين واقعية السادات السياسية ومحاولات السعودية في الأسابيع الماضية منع الثورة السودانية من تحقيق أهدافها، وإزاحة الجيش عن السلطة، وتنصيب حكومة مدنية، قائلة إن السعودية في الفترة التي سبقت الثورة أبدت سأما ومللا من السودان الذي لم تراه جيدا إلا من خلال توفير جثث جديدة "كوقود في الحرب اليمنية"، وعندما نقل عمر البشير مخاوفه من نهاية حكمه إلى حلفائه في المنطقة ترددت السعودية، إلا أن قلة الإهتمام تبخرت في اللحظة التي كان بدت فيها قوة في الشوارع السودانية وتمت الإطاحة بالبشير.

 

وتقول مالك إن "الأيام التي كانت فيها الولايات المتحدة المتطفل الوحيد في المنطقة قد ولت، وحلت محلها الآن السعودية، بصفتها قوة داعمة للحفاظ على الوضع القائم، كما انتهت الأيام عندما كانت فيها السعودية توسع تأثيرها من خلال تمويل المدراس الدينية في العالم العربي وجنوب آسيا، فقد أصبح لهذا البلد دور جديد، وهو الوقوف عقبة أمام التغيير في أي مكان يحدث فيه".

 


وتضيف الكاتبة: "أدارت السعودية ظهرها للبشير حينما كان يحاول جلب الدعم للبلاد خوفا من انزلاق الأمور وزوال حكمه، لكنها سرعان ما أعطت اهتماما غير مسبوق في اللحظة التي أصبح من الواضح فيها أن هناك قوة حقيقية في شوارع السودان، بعد أن تم عزل البشير".

 

اقرأ أيضا: التحقيق مجددا مع البشير.. وتعيين رئيس جديد للقضاء

وتلفت مالك إلى أنه في غضون أيام من سقوط البشير، "سارعت كل من السعودية والإمارات إلى تقديم حزمة مساعدات غير مسبوقة، بقيمة 3 مليارات دولار لدعم الحكومة العسكرية الانتقالية، وترافق ذلك مع حملة دعائية أطلقت في وسائل الإعلام السعودية أو المتعاطفة معها لتجميل صورة أعضاء المجلس العسكري الحاكم في السودان".

 

وتنوه الكاتبة إلى أن  صحيفة "غالف نيوز" نشرت تقريرا عن رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحالي، قالت فيه إنه تولى مناصب عليا أثناء الحرب في جنوب السودان ودارفور؛ بسبب أخلاقه المدنية وسلوكه المهني، وتعلق مالك قائلة إن "مدني و"مهني" كلمتان لا يستخدمها الناس لوصف هاتين الحربين.

 

وتذكر مالك أن التقرير أشار إلى أن السودان "هو من أهم الدول العربية والأفريقية من الناحية الاستراتيجية"، قائلة: "كأن السعوديين اكتشفوا الآن أنه ليس بلدا كسولا وخانعا ومتسولا يقع في حديقتهم الخلفية، وحاول مسؤول إماراتي بارز الأسبوع الماضي تأطير الاهتمام والمساعدات المالية بالسودان على أنه محاولة لتجنب الإضطرابات التي تسبب بها الربيع العربي عام 2011، وحاضر علينا المسؤول قائلا: (لقد جربنا الفوضى الشاملة ومن المنطق أننا لسنا بحاجة للمزيد منه)". 


وتستدرك الكاتبة قائلة: "إن المودة المكتشفة حديثا للسودان ولزعمائه الجدد من العسكريين ترتبط أكثر بانعدام الأمن المتزايد للعائلة المالكة السعودية حول مصيرها، أكثر من الاهتمام بالحفاظ على الاستقرار في السودان".

 

وتجد مالك أن "اهتمام السعودية بالسودان الاستراتيجي وقادة مجلسه العسكري الأخلاقيين والمهنيين يتعلق بشعور العائلة السعودية الحاكمة بعدم الاستقرار، والخوف على مستقبلها، وليس مرتبطا باستقرار البلد والمنطقة، فالخطر الذي تمثله الثورة السودانية هو في منظورها والإمكانيات التي تحملها معه، وفي الوقت الذي كان ينظر فيه لاستخدام السعودية قوتها الناعمة محاولة لبناء تحالفات ضد أعدائها في قطر أو إيران، فإن المغامرات في السياسة الخارجية التي تمارسها اليوم يدفعها شيء واحد وهو تغيير النظام".

 

وتبين الكاتبة أنه "رغم ما تعانيه من مشكلات اقتصادية، إلا أن العائلة المالكة تتعامل مع الصندوق السيادي على أنه خزنة حرب تستخدمها في أي وقت يتعرض فيها استقرارها للخطر، ورغم احتكار العائلة المالكة البادي للسلطة إلا أن إعدام المعارضين لها على أرض أجنبية أو وطنية يظهر أهمية الحالة السودانية، وهو أن تغيير النظام لا يتعلق بأمور فنية أو سلاح المعارضة، بل بالإرادة الشعبية التي لا يمكن قتلها".


وترى مالك أن "إخفاقات الربيع العربي تعد بمثابة نعمة للأنظمة التي لا توجد لديها نية حسنة للتغيير في الشرق الأوسط،، فالأنظمة العربية تعتبر أن الجيش والأسرة المالكة هما من يمكن السماح لهما بالحكم".

 

اقرأ أيضا: وول ستريت: السعودية والإمارات تلعبان دورا كبيرا بالسودان

وتقول الكاتبة: "هؤلاء يرون أنه حين يدخل المدنيون إلى الحكم فإنهم يجلبون الهفوات الأمنية والإرهاب وعدم الكفاءة، بالإضافة إلى أنهم يعززون الديمقراطية والمساءلة وحرية التعبير، ولهذا تسعى هذه الأنظمة وعلى رأسها السعودية لتمنع حدوث ذلك، بدعوى السعي لتحقيق الاستقرار، وبضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية".


وتختم مالك مقالها بالقول: "المتظاهرون السودانيون حازمون في مطلبهم بالحكم المدني، ويواصلون شن حرب ضد البشير وبقايا نظامه الذين ما يزالون في السلطة، لكن كيف يمكنهم مواجهة السعودية وحلفائها الأقوياء في المنطقة، الذين ينقلون الدعم للحكومة؟، إن العبء على الثورة السودانية أصبح الآن أثقل، لكن المكافأة، إذا نجحت، هي هز عروش جميع المستبدين في أنحاء الشرق الأوسط كله".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (1)
مصري
الإثنين، 06-05-2019 02:59 م
أيها السودانيون تأمر عليكم الظالمين و المستبدين و المجرمين و الإرهابيين و اولهم بن زايد و المنشار بن سلمان و خادمهما الذليل الخسيسي جاسوس تل ابيب في مصر ، فماذا انتم فاعلون أمام مؤامرة عملاءهم و جواسيسهم من العسكر الأوباش ؟؟؟ لا مفر من الإتحاد و نبذ الخلافات و المنافقين و من ليس لهم موقف واضح من الثورة السودانية و مطالبها الواضحة بضرورة تسليم الحكم للمدنيين و تنحي هؤلاء العسكر الأوغاد تماما عن المشهد السياسي و بغير ذلك فلا مستقبل و لا أمان في ظل هيمنة و استبداد البرهان و عصابته الإجرامية علي ثروات و مقدرات البلاد الغنية و المتنوعة فلا تسلموا مستقبلكم الواعد و مستقبل أجيالكم القادمة لحفنة من المرتزقة ليعيثوا قتلا و فسادا في البلاد و العباد .