كتاب عربي 21

تركيا وما بعد الانتخابات المحلية

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600

يترقب الرأي العام التركي أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات قرارها النهائي هذا الأسبوع، بعد دراسة الطعون المقدمة بطلب إعادة إجراء الانتخابات المحلية في محافظة إسطنبول، لوجود خروقات واسعة وتجاوزات منظمة لصالح مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو.

هناك من يطرح هذا السؤال: "هل إعادة إجراء الانتخابات المحلية لصالح حزب العدالة والتنمية؟"، ويشكك في جدوى استخدام الحزب حقه الدستوري وطعنه في النتائج. وهذا التشكيك يأتي غالبا من الموالين لحزب الشعب الجمهوري، وأنصار عبد الله غول وأحمد داود أوغلو. وهو سؤال يهدف غالبا إلى تخويف حزب العدالة والتنمية، ودفعه إلى التراجع عن مطالبته بإعادة إجراء الانتخابات في إسطنبول.

الأدلة والوثائق تشير إلى أن الانتخابات المحلية في إسطنبول تعرضت لعملية تزوير وتجاوزات وخروقات منظمة على نطاق واسع. وبغض النظر عن النتائج المحتملة التي يمكن أن تفرزها صناديق الاقتراع في حال تقررت إعادة إجراء الانتخابات في إسطنبول، فإن الواجب على الجميع حماية أصوات الناخبين، وتصحيح الأخطاء والتجاوزات، بالإضافة إلى فضح المسؤولين عن تلك الخروقات المنظمة، ومحاسبتهم أمام المحاكم، كي لا تتكرر في الانتخابات القادمة.

 

الأدلة والوثائق تشير إلى أن الانتخابات المحلية في إسطنبول تعرضت لعملية تزوير وتجاوزات وخروقات منظمة على نطاق واسع

مرشح حزب العدالة والتنمية يفوز برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى أو لا يفوز بها، إن تقررت إعادة إجراء الانتخابات المحلية في إسطنبول.. الأمر يرجع إلى سكان المحافظة، وفي النهاية، هذا احتكام إلى الناخبين. وإعادة إجراء الانتخابات في بعض الأماكن بقرار اللجنة العليا للانتخابات جزء من العملية الانتخابية. وأما القول بأن سمعة حزب العدالة والتنمية تتضرر في حال قررت اللجنة العليا للانتخابات إلغاء النتائج في إسطنبول، فلا معنى له؛ لأن الحزب يستخدم حقه الدستوري. وإن أي قرار للجنة العليا للانتخابات بهذا الاتجاه؛ يدل على أن هناك عملية تزوير واسعة شابت الانتخابات المحلية التي أجريت في إسطنبول في 31 آذار/ مارس الماضي، ولا يشك في هذا القرار كل من يدافع عن الديمقراطية؛ لأنه يهدف بالدرجة الأولى إلى تجلي الإرادة الشعبية بشكل كامل، دون أن يلغى صوت أحد أو يسرق.

إن كان القصد أن يقول أبواق الأنظمة الدكتاتورية أو بعض المثقفين المتظاهرين بالمثالية الوهمية؛ إن حزب العدالة والتنمية لم يتقبل الخسارة في الانتخابات المحلية ولم يحترم النتائج، وهذا هو المتوقع إن تقررت إعادة إجراء الانتخابات في إسطنبول، فهل على الحزب أن يسكت على الخروقات والتجاوزات وسرقة إرادة سكان إسطنبول، ويتخلى عن استخدام حقه الدستوري؛ إرضاء لهؤلاء الذين ربما لم يمارس أحدهم التصويت في حياته ولو مرة واحدة، ولا يعرف شيئا عن الديمقراطية؟

تركيا يجب أن تخرج من أجواء الانتخابات في أقرب وقت لتركز على قضايا هامة، بدءا من الاقتصاد وصولا إلى ملفات أخرى متعلقة بالسياسة الخارجية. وأما الانتخابات المحلية في محافظة إسطنبول، فتجري في مسارها الطبيعي، وإن قررت اللجنة العليا للانتخابات إعادة إجرائها يتم إجراؤها في أقرب موعد ممكن، وإلا فتطوى صفحة الانتخابات المحلية، ليعود الجميع إلى الانشغال بمهامهم والقيام بواجباتهم.

 

الانتخابات المحلية في محافظة إسطنبول تجري في مسارها الطبيعي، وإن قررت اللجنة العليا للانتخابات إعادة إجرائها يتم إجراؤها في أقرب موعد ممكن، وإلا فتطوى صفحة الانتخابات المحلية

حزب العدالة والتنمية يحتاج إلى تقييم نتائج الانتخابات المحلية، بالإضافة إلى مراجعة أداء كوادره وممثليه المراقبين لإجراء عملية التصويت وفرز الأصوات. ومن المؤكد أنه سيقوم بذلك، كي يرى أخطاءه، ونقاط ضعفه. ويعد الاجتماع الواسع الذي عقده حزب العدالة والتنمية قبل أيام في "كيزيلجا حمام" بأنقرة؛ أول خطوة بهذا الاتجاه. وتشير التسريبات إلى أن المشاركين فيه تحدثوا بكل الحرية، وأن أجواء الارتياح سادت على الاجتماع في نهايته.

رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان تحدث قبل أيام عن "تحالف تركيا"، في إشارة إلى ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية وتخفيف حدة الخطابات التي شهدتها البلاد خلال الحملات الانتخابية. ومن المؤكد أن هذه الدعوة لا تعني تخلي حزب العدالة والتنمية عن تحالفه مع حزب الحركة القومية؛ لأن تحالف الحزبين يشكل أرضية صلبة يمكن أن تبنى عليها السياسات والمشاريع التنموية المتعلقة بكافة المجالات، بالإضافة إلى قضايا مكافحة الإرهاب، والحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، والدفاع عن مصالحها العليا. ولكنه لا يمنع في ذات الوقت من توسيع دائرة التحالف والتعاون بين القوى السياسية؛ لتقوية الجبهة الداخلية وليبقى تحالف الجمهور في مركز تلك الدائرة.

التعليقات (1)
اسماعيل عايد الجراح
الخميس، 02-05-2019 06:55 ص
استاذ اسماعيل يشا تحية طيبة وبعد.. الشعب التركي الطيب يستحق عطاءا اكثر مما هو موجود؛ والحفاظ على ما تم انجازه يستوجب العمل الدؤب وعلى كل الأصعدة: - هل هناك تقصير ام أن حماية الانتخابات لا تدخل في صلاحيات المؤسسة الأمنية التركية؟ - يلاحظ ارتجالية في متابعة التطورات الاقليمية! والظرف يستوجب وجود رؤية تسبق الأحداث بسنة الى ستة اشهر على اقل تقدير! - هل على اردوغان ان يعمل كل شيء بنفسه! يعني اين الدوائر المحيطة والعمل الدؤوب! بل اين اخوة الأومباشي سعيد؟! هذي جحافل الحقد والحسد تحيط بنهضة تركيا من الداخل وتتناغم مع أعداء الخارج؛ انتم في ظرف حساس جدا ولعل التصدي للعدوان يبدأ بإبقاء الصراع خارج الحدود.. علما ان تنسيق بوتين ومحور الشر العربي ومشغليهم عالي المستوى.