صحافة دولية

MEE: ماذا سيحدث في حال التهمت النيران المسجد الأقصى؟

ميدل إيست آي: إذا احترق المسجد، فمن غير المرجح أن تهب الدول لإنقاذه في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة
ميدل إيست آي: إذا احترق المسجد، فمن غير المرجح أن تهب الدول لإنقاذه في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا تحدث فيه عن المسجد الأقصى باعتباره معلما تاريخيا عالميا، في مقارنة مع كاتدرائية نوتردام وسياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها العالم اليوم. 

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه يوم 15 نيسان/ أبريل اندلع حريق مدمر في كاتدرائية نوتردام دو باري الشهيرة، أسفر عن تدمير مستدقة الكنيسة المميزة. ولولا الجهود الدؤوبة التي بذلها رجال الإطفاء الفرنسيون لإخماد الحريق، لكان الضرر أكبر بكثير. وعلى مدار أيام، تصدر هذا الخبر عناوين وسائل الإعلام في العالم أجمع، وتتالت التحاليل حول تاريخ الكاتدرائية.

وذكر الموقع أن كاتدرائية نوتردام، التي يعود تاريخ تشييدها إلى سنة 1163، تعد تحفة قوطية ومعلما تاريخيا مهما من معالم مدينة باريس، حيث صمد لقرون ليكون شاهدا على تاريخ فرنسا الكاثوليكي الروماني.

وأفاد الموقع بأن كاتدرائية نوتردام لم تعد اليوم مجرد مزار ديني، بل تمثل رمزا للهوية الوطنية الفرنسية، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي للتفاعل مع الحادثة بسرعة والتكفل بإعادة بناء الكاتدرائية، فضلا عن تبرع العديد من المليارديرات والشركات الفرنسية بأكثر من 700 مليون يورو (787 مليون دولار) لتحقيق هذا الهدف المشترك.

وتقديرا لتلك الرابطة القومية، سارعت جميع الدول من أستراليا إلى أوروبا واليابان ومصر ولبنان والأردن إلى التعبير عن  أسفها عما حل بالكنيسة الفرنسية إلى الرئيس إيمانويل ماكرون. أما في الولايات المتحدة، فقد أضاء مركز التجارة العالمي 1  ومبنى الإمباير ستيت بألوان العلم الفرنسي.

وتساءل الموقع عما إذا كان المسجد الأقصى، الذي يتجاوز كاتدرائية نوتردام قدما، سيلاقي نفس المصير ونفس التفاعل. فهذا المعلم الإسلامي الذي شيده الخلفاء الأمويون في القرن الثامن، ضربته الزلازل بين سنتي 746 و1033 ليعاد بناؤه في كل مرة، ثم سيطر عليه الصليبيون سنة 1099 وقام باستعادته صلاح الدين الأيوبي سنة 1187، ليبقى تحت حكم المسلمين حتى حرب 1967. ويقدس المسلمون في شتى أنحاء المعمورة هذا المسجد، باعتباره ثالث أقدس دار عبادة بعد مسجدي مكة والمدينة.

وأشار الموقع إلى أن المسجد الأقصى قد ذُكر في آية الإسراء، وهو ما أكسبه طابعا مقدسا، إذ ارتبطت رمزيته برحلة النبي محمد الإعجازية إلى القدس ليلا. ويكتسي المسجد الأقصى، قبلة الإسلام الأولى ووجهة الحجيج منذ القدم، أهمية روحانية كبيرة في نفوس المسلمين.

وبين الموقع أن المسجد الأقصى بالنسبة للفلسطينيين هو ملكية خاصة بهم، وهو رمز الاستمرارية التاريخية العربية في مدينة يطالب بها غير العرب، وتأكيد للهوية. وعلى الرغم من أنه يحاذي ما يُزعم أنه موقع الهيكل الثاني الذي لم يعد له وجود الآن، إلا أنه المبنى التاريخي الملموس الوحيد في ذلك المكان. ولا يمكن لأي اعتداء تقترفه الجماعات الصهيونية المتطرفة أن يغير هذا الواقع، ولم تقم الحفريات الإسرائيلية المستمرة للكشف عن أثر التاريخ اليهودي في الموقع منذ سنة 1967 بتقديم هذا الدليل.

وطرح الموقع مجموعة من التساؤلات حول إمكانية استسلام هذا الصرح التاريخي الفريد، الذي تعلق به وجدان 1.8 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم، للنيران، أو انهار بعد أن أضعفت الحفريات الأثرية في إسرائيل أسسه؟ هل كان العالم العربي والإسلامي سيهب هبة واحدة؟ هل كان العالم سيحمّل إسرائيل المسؤولية؟ وهل كان قادة العالم سيسارعون لإعادة بناء المسجد أو لمساعدة الشعب الفلسطيني؟

وأكد الموقع أنه يمكن الإجابة أولا على هذه التساؤلات عبر الاستشهاد بحادثة إحراق منبر صلاح الدين داخل المسجد الأقصى سنة 1969، إذ قام مايكل دينيس روهان بافتعال حريق في المسجد لمحاولة تدميره وتمهيد الطريق لإعادة بناء الهيكل مكانه.

وذكر الموقع أن ممثل الأردن لدى الأمم المتحدة قدم إبان الحادثة خطابات احتجاج 17 دولة فقط على ما وقع في المسجد الأقصى، بالإضافة إلى 58 رسالة أخرى وردت من منظمات غير حكومية وهيئات دينية إسلامية، فضلا عن جموع من المسلمين. وقد طالبوا جميعا الأمم المتحدة بالتدخل لحماية المسجد المقدس من بطش الاحتلال. في المقابل، كان الرد الغربي على الحريق في المسجد الأقصى ضعيفا. ولم تظهر الدول الغربية أي تضامن يذكر مع الفلسطينيين أو المسلمين، ولم تتخذ الأمم المتحدة أي إجراء فعال.

وخلال السنوات الخمسين التي تلت حريق الأقصى، أحكمت إسرائيل قبضتها على المعالم المقدسة في القدس. وفي سنة 2017، قامت السلطات الإسرائيلية بتركيب الأبواب الدوارة وأجهزة الكشف عن المعادن بشكل غير قانوني عند مداخل الحرم الشريف. ويُسمح الآن للمستوطنين المتدينين بالتجول داخل مجمع المسجد الأقصى وتهديد المصلين المسلمين وإقامة الشعائر الدينية اليهودية.

وفي الختام، أورد الموقع أن المسجد الأقصى، باعتباره رمزا دينيا وقوميا، يمثل  للعرب والمسلمين ما تمثله كاتدرائية نوتردام للشعب الفرنسي. ولكن إذا احترق المسجد، فمن غير المرجح أن تهب الدول لإنقاذه في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة، وفي ظل قلة حيلة العالم العربي والإسلامي. وبناء على ذلك، لن يجد هذا المعلم سوى الفلسطينيين الذين يعيشون هناك في مواجهة العدوان، الذين سيهبّون لنصرة هذا المعلم الإسلامي العريق. فهذه الأيقونة الإسلامية الرائعة، هي مثلهم يتيمة في عالم بلا حلفاء.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

1
التعليقات (1)
عبد العزيز
الإثنين، 22-04-2019 03:14 م
عالم منافق .الغلبة فيه للقوة لا مبادئ ولا بطيخ