قضايا وآراء

انتخابات البلديات التركية.. النتائج والدلالات

عادل راشد
1300x600
1300x600

بمجرد إعلان النتائج الأولية لانتخابات البلديات التركية ثارت حالة من الفزع لدى البعض وأٌغرق في التشاؤم، حتى قرأت لدى بعضهم أن تحالف المعارضة قد يطلبون انتخابات رئاسية مبكرة، وتعجبت، إذ ما علاقة هذه بتلك؟


ولكن استنكارنا لحالة الفزع هذه لا يعني عدم القلق على المستقبل وإعادة النظر في الرسائل التي تحملها النتائج والمسارعة إلى التقييم والتقويم.


صحيح أن البلديات تقدم الخدمات ولا ترسم السياسات ولكنها ترسخ أقدام الحزب الفائز في أماكن فوزه وتيسر له التواصل مع طبقات الشعب المختلفة وتقديم الخدمات لهم مما يمهد حتماً لكسب الكثير من أصواتهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.


وفي ضوء ذلك ينبغي أن نقرأ تلك النتائج وما حملته من رسائل قراءة متأنية لا مفرطة في التشاؤم ولا مغرقة في التفاؤل..

1- حصل تحالف "الشعب" العدالة والتنمية مع الحركة القومية على 51.7% من مجموع الأصوات مقابل 44.9% لتحالف "أمة" المعارض الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري ونتيجة تحالف "الشعب" هي تقريباً نفس النتيجة التي حصل عليها الرئيس أردوغان في انتخابات الرئاسة ودلالتها تكمن في عدم التراجع بشكل عام، وكذلك حصل على غالبية بلديات المدن بواقع 52 بلدية من أصل 81 بلدية في عموم تركيا.

2- فاز تحالف الشعب "العدالة والتنمية مع الحركة القوميةْ" بـ24 بلدية في إسطنبول مقابل 14 بلدية لتحالف "أمة" المعارض، وفاز بـ22 بلدية في أنقرة الكبرى مقابل 3 بلديات لتحالف "أمة" المعارض.

3- حافظ العدالة والتنمية على نسبة مؤيديه إذ حصل على نسبة 43.5% من الأصوات مقابل 43.4% في عام 2014.

4- بفوز حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات يكون قد حقق الفوز الخامس عشر على التوالي على مدار سبعة عشر عاماً منذ توليه الحكم في عام 2002.

5- إذا كان حزب العدالة والتنمية قد خسر عشر بلديات من أصل خمسين بلدية فاز بها في عام 2014 فإنه بتحالفه مع حزب الحركة القومية قد فاز بـ52 بلدية من أصل 81 بلدية مقابل 37 بلدية لتحالف "أمة" المعارض.

6- تحالف حزب الحركة القومية مع العدالة والتنمية أفاد الأول إذ إنه رفع رصيده من البلديات من ثمانية إلى إحدى عشرة بلدية.

7- تلاحظ تراجع نسبة التصويت لحزب الحركة القومية بصورة لافتة للنظر إذ حصل هو وحزب "إفي" المنشق عنه على 14.7% وهي ذات النسبة التي كان يحصل عليها منفرداً وهي تحمل دلالتين، الأولى تراجع مؤيديه، والثانية ثبات المصوتين على أساس قومي بصفة عامة.

8- خسر حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بلديتين مهمتين هما شرناق وأغري، أي خمس البلديات التي فاز بها سابقاً، ودلالة ذلك تكمن في تبرم الناخبين من هذه النزعة الانفصالية التي تبدو وكأنها في حالة عداء مع الدولة وليست معارضة لسياسة النظام الحاكم.

9- حزب الشعب الجمهوري رفع رصيده من 13 بلدية إلى 20 بلدية من عموم تركيا تتقدمها بلدية أنقرة الكبرى العاصمة السياسية وإسطنبول أهم المدن التركية على الإطلاق ومخزونها الانتخابي والتي تمثل حوالي 20% من سكانها وهذه لها دلالة لا تخطئها العين، وتدعو حزب العدالة والتنمية إلى دراسة هذا الأمر بعمق والعمل على تجنب آثاره السلبية. 

10- خسارة مرشح حزب العدالة والتنمية في أنقرة "محمد أوزخسكي" باعتباره ليس "ابن أنقرة" هو أبلغ رد على متخذ القرار وصاحب الاختيار أن ينزل على المشورة ما دامت مبررة تبريراً منطقياً وإلا فإنهم سيواجهون هذا الاختيار عبر صناديق الاقتراع بتصويت عقابي.

تلك عشرة كاملة، أما التي لم أشأ أن أفرد لها بنداً فهي موقف حزب السعادة الذي لا ينافس من أجل الفوز إنما بذل أي محاولة في إسقاط النظام أو إضعافه حتى لو تحالف مع مرشح حزب الشعب الجمهورى الذي حكم والده على مؤسس حزبهم الزعيم المرحوم د/ نجم الدين أربكان، ذلك أنهم يرون كما قال لي أحدهم –وأرجو أن يكون رأيه فقط- انهم يختلفون مع أردوغان في العقيدة. وما أشد وأنكى الخلافات السياسية إذا تأسست على هذا المنطق المعوج.

وتبقى الرسائل المهمة 

الرسالة الأولى: أن نسبة التصويت التي بلغت 84% تدل على وعي الشعب واشتراكه في تحديد مستقبله..


والرسالة الثانية: أن هذه الانتخابات تبرز بوضوح قمة الحرية والشفافية وعدم التدخل من النظام الحاكم وعدم حماية الرئيس لأقرب الناس إليه إذ إنه عندما خرج بن علي يلدريم مرشح إسطنبول - وهو رئيس الوزراء السابق ورئيس البرلمان ليعلن أنه فاز، لم ينتظر رئيس لجنة الانتخابات توجيهاً من السيد الرئيس بل إنه خرج في مؤتمر صحفي ليعلن تقدم المرشح المعارض، فإن كان أردوغان دكتاتوراً فاللهم ارزق بلاد العرب والمسلمين دكتاتوريين مثله. 

الرسالة الثالثة: التي ينبغي أن يعيها حزب العدالة والتنمية وعلى رأسه الرئيس أردوغان الاستماع للجميع وعدم إقصاء أي صاحب رأي وخاصة رفقاء الدرب.


وكذلك العلم بأن الخدمات لا تشفع وحدها في الاختيارات وليست وحدها سبيل النجاح في الانتخابات، ولكن عليكم بقدر ما تقدمون من خدمات رفع الوعي بفكرتكم ومشروعكم وإلا فإنكم ستوفرون بما تقدمونه الراحة لمن يناهضكم ويجهض مشروعكم.

1
التعليقات (1)
مصري جدا
الثلاثاء، 02-04-2019 04:10 م
شكر الله للكاتب المحترم جهده ورؤيته ،،، لكن ،، في انتظار رؤية الأتراك أنفسهم فهم أصحاب الشأن وفقا لثقافتهم وخلفيتهم ومشروعهم ،،، فمثلا ،، موضوع نزاهة الانتخابات ليست ميزة لانها مسلمة بديهية في أوروبا وتركيا معا لذا لا يتكلم أحد عنها ،، لكن الخلفية العربية للبعض تجعلهم ينظرون إليها وكأنها هدية النظام للشعب وهذا غير صخيح إلا من باب رص الكلمات وتكثير الإنجازات ،،، كذلك موقف حزب السعادة الذي ياتي وببساطة في مربع المنافسة او المناكفة السياسية المعتادة بعيدا عن العقيدة والدين معا حتى لو أرادت بقايا قيادات الحزب حشر الدين والعقيدة فيها حشرة ،،، والذي يستحق اعادة النظر من اصحاب الشأن هو تقديمهم للواقع بصورة علمية وهم اصحاب رصيد في هذا الصدد ،،