قضايا وآراء

اطمئن أنت مش لوحدك!!

عصام تليمة
1300x600
1300x600

(اطمئن أنت مش لوحدك)، حملة في مصر قامت بشكل عفوي بسيط، دون تخطيط كبير، ولا كيانات سياسية كبرى تتبناها، شأنها شأن كثير من أعمال تبدأ صغيرة ثم تكبر، وأصبحت الحملة أشبه بكرة ثلج، كلما مر يوم تكبر وتكبر، بدأت بصافرات تطلق في وقت معين، ثم نفخ بالونات مكتوب عليها شعار الحملة، وأفعال أخرى بسيطة.

انطلقت أفكار الحملة، مستفيدة بشكل كبير من أفكار كتاب: (حرب اللاعنف) لوائل عادل، وأحمد عبد الحكيم، وهشام المرسي، وهو كتاب تحدث عن (200) وسيلة سلمية للتغيير السياسي، تبدأ من هذه الأفعال الصغيرة، وتنتهي بثورة شعبية سلمية، وبين البداية والنهاية مراحل كثيرة مهمة.

 

الحملة على تواضع أفكارها لكنها تذكر بتاريخ عريق للشعب المصري في نضاله ضد الظلم،


أهم ما ميز الحملة: أنها فيما تطلبه من المشاركين في مصر، أن يحرص كل شخص على أمانه، ولا يعرض نفسه للخطر، ولا يطلب منهم فعل شيء يعرضهم للاعتقال أو الأذى، بينما يجلس آمنا مطمئنا خارج مصر، بل أميز ما في الحملة أنها تبنت مبدأ: إذا أردت أن تُطاع فأمر بما يستطاع.

 

بدأت بأفكار بسيطة

 

بدأت الحملة بأفعال بسيطة وقليلة، ربما حقر من شأنها ـ في أول الأمر ـ إعلام الانقلاب، زاعما أنها لا أثر لها، ولن يكون لها أي أثر، وهذا مفهوم من أبواق الانقلاب، لكن ما لا أفهمه، أن تخرج السخرية من بعض من ينسبون إلى مناهضة الانقلاب، وهو تصرف يليق بأبواق الانقلاب، ولا يليق بمن يعمل على إسقاطه، فديننا يعلمنا أن أي عمل صغيرا كان أو كبيرا، لا ينبغي أن نحتقره، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يحقرن أحدكم من المعروف شيئا"، وقال تعالى متحدثا عمن يسخرون من جهود الناس: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ) التوبة: 79. 

لقد بدأت الحملة ـ كما ذكرت ـ صغيرة، وسرعان ما انضم إليها بعد بدايتها مع الإعلامي الكبير معتز مطر، ثم انضم له إعلامي كبير آخر مهم وهو محمد ناصر، ثم بدأت تتسع دائرة المنضمين، من دكتور عصام حجي، وأخيرا انضم الفنانان الكبيران: عمرو واكد، وخالد أبو النجا. وأعتقد أن الأيام المقبلة إن شاء الله تحمل أسماء أخرى مهمة، كما انضم آخرون من سياسيين وبرلمانيين ومشايخ.

 

حملة لها تاريخ


الحملة على تواضع أفكارها لكنها تذكر بتاريخ عريق للشعب المصري في نضاله ضد الظلم، فمن يقرأ كتاب: (الثورات الشعبية في مصر الإسلامية) للدكتور حسين نصار، يجد فصلين كاملين من كتابه تحت عنوان: المقاومة البيضاء، بين ما كان يفعله المصريون ضد حكامهم الظلمة، من امتناع عن التعاون معهم، وعدم استقبالهم، والمقاومة القولية بالشعر الساخر الذي يحط من قدرهم، ويحرض على عدم طاعتهم.

فقد حفل تاريخنا المصري بشعراء كان شعرهم الساخر يقوم بدور مهم من حيث نزع الشرعية عن الحاكم الظالم، وتجعله مثار سخرية، وإسقاط هيبته بين الشعب، وإطلاق النكتة السياسية التي لم يخل منها زمن، فقد اعتاد المصريون على تحويل منغصات الحياة التي يعانون منها، إلى مادة للسخرية، وإعلان السخط على النظام الظالم.

كل هذه الوسائل السلمية المشروعة، تؤصل تاريخيا لهذه الحملة وخطواتها، والشرع الإسلامي يؤصل، ليس من باب: الأصل في الأشياء الإباحة، وهو أصل مهم، لكن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر أحد الصحابة عندما شكا من كثرة ظلم جاره له، وإساءته المتكررة له دون جدوى، فقال له صلى الله عليه وسلم: "اطرح متاعك في الطريق"، وقام بالفعل بوضع أثاث بيته في الشارع، وكلما مر عليه شخص يسأله لماذا يطرح متاعه في الطريق؟ يقص عليه ما فعله جاره، فلعنه الناس، فاضطر جاره لكف أذاه عنه.

الحملة حركت ماء راكدا في الشارع المصري، ربما بدا للبعض أنه قليل، لكن الأيام تجعله يزداد يوما بعد الآخر، وقد تناولتها وسائل إعلامية متعددة، عربية وغربية، متحدثة عن أثرها، وأصبح هاشتاج الحملة يتداول بشكل كبير، ونرى على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج: اطمئن أنت مش لوحدك.

 

[email protected]

التعليقات (1)
زدنا إيضاحاً يا شيخ
الخميس، 28-03-2019 05:18 م
الجميع يؤيد حملة "اطمّن، انت مش وحدك" ونشكر الإعلامي معتز مطر على هذه الفكرة التي تستحق حمد الله تعالى. وأعرف أن الجميع يؤيدونها عدا عبيد الانقلاب الفاشي الخائن، ولكن الشيخ نحا منحى الكاتب سليم عزوز بأن غمز إلى فئة من مناهضي الانقلاب قال إنها شككت في الدعوة وعارضتها. ومثل هذا الطرح سلبي من جانب الشيخ عصام، فمن يقصد بالضبط؟ هل نفس ما يقصده سليم عزوز وهم الإخوان، كما عودنا الشيخ أيضاً في مناسبات عديدة وكأن بينه وبينهم ما طرق الحداد؟ على أية حال، من واجب الشيخ وغيره أن يكون واضحاً ويجدد بالاسم من عارض هذه الدعوة حتى يوفر على القراء عناء التخمين والحدس وحتى لا يتهموا بالباطل بناء على كلامه من لا ينطبق عليهم هذا الاتهام. وشكراً يا شيخ عصام