قضايا وآراء

استفتاء مارس في مصر: رسب الإخوان والمدنيون ونجح العسكر!!

عصام تليمة
1300x600
1300x600

كلما جاء يوم 19 من آذار (مارس) من كل عام، تجد الحديث لا يدور إلا عن ذكرى هذا اليوم، وهو اليوم الذي تم فيه إجراء استفتاء على تعديلات دستورية، بعد ثورة 25 يناير 2011م، وكان الاستفتاء بنعم أو لا على هذه التعديلات، كان الخلاف بين المصوتين: الدستور أولا ثم انتخابات مجلسي الشعب والشورى، أم الانتخابات أولا ثم بعد ذلك يوضع الدستور؟ من كان مع الخيار الأول قال: لا، ومن كان مع الخيار الآخر قال: نعم. وفي نهاية الأمر: عدل المجلس العسكري ما أراد، وفعل ما أراد، بعكس ما أراده من قالوا: نعم، ومن قالوا: لا! أي أن المحصلة: رسب الإسلاميون والمدنيون، ونجح العسكر فقط!!
 
وظلت المعركة دائرة بين القوى السياسية إسلامية وغيرها على هذا اليوم، كلما جاء استدعاه الطرفان، وصوبوا سهامهم نحو بعضهم. فالتيار الذي قال: لا، يعتبر أن هذا اليوم هو بداية خيانة الإخوان للثورة، واتفاقهم مع المجلس العسكري. والإخوان يرون أن الأطراف السياسية الأخرى هي أيضا تواصلت مع العسكر، لتكون خصما للإخوان.

وإذا أردنا أن نكون منصفين، فالإخوان ليسوا وحدهم من جروا وراء ما يحقق مصالحهم السياسية، بحسب تصورهم أنها مصالح تخدم دعوتهم، سواء أصابوا أم أخطأوا، بل كل القوى الأخرى فعلت ما فعله الإخوان، والحقيقة أن قيادات القوى السياسية من الإخوان وغيرهم هم من تواصلوا مع العسكر، وجروا وراء هذه المكاسب والمصالح السياسية، لكن شباب هذه القوى إسلامية وغيرها كانوا أكثر نضجا ووعيا بالمعركة، والحرص على تنحية العسكر.

 

إذا أردنا أن نكون منصفين، فالإخوان ليسوا وحدهم من جروا وراء ما يحقق مصالحهم السياسية، بل كل القوى الأخرى فعلت ما فعله الإخوان،


بعد سقوط مبارك - أو تنحيه - وبقاء نظامه، بدأ العسكر يدرس كل القوى الثورية، ويعرف مكامن القوة والضعف، وركز في تواصله على القيادات الكبيرة في السن، والتي حفظها وحفظ طريقة تعاملها السياسي، وبدأ ينفرد بكل طرف يقابله، ويوهمه بأنه الأقرب إليه، ولو أن كل القوى قامت بإنصاف وتجرد وكتبت ما تم من لقاءات مع العسكر بعد ثورة يناير، بدون خجل، وبدون تجمل، وقتها سنعرف كيف جر العسكر الجميع للوقوع في هذا البئر السحيق.

لعبة الإيقاع بين القوى الثورية

وبداية إيقاع العسكر بين القوى الثورية، بدأت مبكرا، بعد تنحي مبارك مباشرة، فلعب على أن القوى المتعارف على تسميتها بالمدنية، لو تركت المعركة السياسية تدور بالانتخابات فيقينا سيربحها الإخوان ويقصونهم، ولم تفلح جماعة الإخوان في طمأنة هذه القوى وغيرها، وتم التعامل مع الأمر وكأنه معركة ديمقراطية وصناديق، والدول التي تبنى بعد ثورة، لا تبنى بالصناديق، بل بالتوافق.

كانت أول ألاعيب العسكر في الإيقاع بين الإسلاميين والقوى الأخرى، قبل مرور أسبوع من تنحي مبارك، وبرغبة وطلب من شباب الميدان وقياداته، طلبوا من الشيخ القرضاوي أن يكون خطيب جمعة النصر، وهو أمر منطقي جدا، فالمؤسسة الدينية: الأزهر والكنيسة، كانتا ضد الثورة، ولم يقف معها سوى القرضاوي، وتم الترتيب على أن يكون الخطيب للجمعة: القرضاوي. لنفاجأ بالأستاذ محمد حسنين هيكل يخرج ليروج إعلاميا لنزول القرضاوي بأنه: عودة الخميني!! وانطلت الحيلة والكلام على التيار المدني من الثوار.

 

كانت أول ألاعيب العسكر في الإيقاع بين الإسلاميين والقوى الأخرى، قبل مرور أسبوع من تنحي مبارك

 
ثم بعد ذلك يخرج شباب الأزهر للمطالبة بعزل شيخ الأزهر، وأن يكون المنصب بالانتخاب، ليندفع التيار المدني ويخرج ليقول: شيخ الأزهر خط أحمر! وقد كان بالأمس القريب مع مبارك، وضد الثورة، وعندما نزل مستشاره محمد رفاعة الطهطاوي، وقد استقال، لم يرجع الرجل لمنصبه بعد نجاح الثورة. وقد كان الموقفان السابقان من التيار المدني من باب النكاية في رفقاء الميدان والثورة من الإسلاميين.

أخطأ الجميع

لقد أخطأ الجميع بلا شك، ولقد كان الخطأ الأكبر لكل قوى الثورة: أنهم حولوا الصراع السياسي إلى: صراع مدني مدني، ولم يتجه فصيل سياسي واحد بصراعه إلى جهة الصراع الحقيقية وهي حكم العسكر، بدل أن يواجه الإخوان حكم العسكر، واجهوا القوى الأخرى إسلامية ومدنية، ونفس الحال يقال عن القوى المدنية بدل أن تتحالف مع القوى الأخرى مدنية وإسلامية، قامت بتوجيه دانات مدافعها السياسية للتيار الإسلامي، بحكم أنه القوى الأكبر والأكثر جماهيرية!

لقد تصرف الجميع بأنانية سياسية، وكان الأذكى في هذه المعركة هو العسكر فقط، فقد استغل طمع الجميع في كعكة السلطة في مصر، بينما كانت لا تمثل أكثر من قطعة الجبن التي يغرى بها الفأر لدخول المصيدة. 

وللأسف يستمر النقاش والعتاب كل سنة، وفي كل ذكرى تستدعى الأحداث، بداية من الاستفتاء، مروروا بمحمد محمود، والثالث من يوليو، ثم الحرس الجمهوري، وفض رابعة والنهضة، كل ينظر على ما يعطيه الحق، ولا ينظر على حق الآخر، ولا على خطئه، وكأن كل طرف لم يخطئ قط، والحقيقة: أن الكل أخطأ، والذي لا نختلف عليه: أن من أخطأ في حق الجميع، وأجرم في حق الجميع، وسفك دم الجميع، وسجن الجميع، هو حكم العسكر.

[email protected]

التعليقات (1)
ما هو الإختلاف
الخميس، 21-03-2019 05:47 م
إذا لم نقبل فترة مرسي فنحن لا نقبل الإختلاف، لندع الحدب والندب،لنثق بأنفسنا. بإعتقادي أن المعارضة عندما تقبل الإختلاف عليها بالمقبل قبول لمن سيؤول له الحكم بالإختيار الإنتخاب الإستفتاء،كل ما جمع عن أخطاء الإخوان ليس له علاقة بالنية وبما ألت إليه مصر،لتثق المعارضة بنفسها وتفهم أن الإختلاف هي ليست فوضى بل هي أيضا تقبل وطاعة من وصل للحكم بالإنتخابات وإختلافك تعبر عنه الصناديق.ولا خيرإلا بدين الله.