مقالات مختارة

الخيار السعودي بين بكين وواشنطن

عبد الرحمن الراشد
1300x600
1300x600

لا أعرف إن كنت حقا أريد تعلم اللغة الصينية في ضوء سياسة الحكومة السعودية فرضها على الطلاب، لتعزيز التعامل الاقتصادي مع الصين، إنما من المؤكد أن التوجه شرقا ليس خيارا بل ضرورة. هذا قدر معظم دول العالم القادرة على التنافس تجاريا على السوق الأكبر.


بخلاف ما كتب أن السعودية تهرب من الغرب إلى الشرق، فالتوجه إلى الأسواق الصينية أو فتح الأسواق للبضائع والاستثمارات الصينية في السعودية ليس بديلا عن الغرب وأسواقه، وليس مشروعا سياسيا، وليس فكرة طارئة. المسألة هي الحاجة إلى أسواق إضافية، لا بديلة. ولا توجد أسواق أخرى قادرة على استهلاك ملايين من براميل النفط ومنتجاته سوى مثل الصين والهند. الأسواق الغربية متشبعة، وتكلف أكثر من مثيلاتها الآسيوية. وحتى لو رغبت، لا تستطيع دول، مثل السعودية، الاستغناء عن الأسواق الأمريكية والأوروبية التي استثمرت فيها لفترة طويلة من الزمن.


وللرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما رأي سديد في حركة التاريخ. يرى أن على الولايات المتحدة أن تبحر غربا، باتجاه المحيط الهادي إلى الصين، بدلا من الاكتفاء بحلفائها وأسواقها التقليدية عبر المحيط الأطلسي، أوروبا ودول الشرق الأوسط.


السعودية، حليف تقليدي وقديم للغرب، عُرفت بثبات علاقاتها واستقرارها وأدوارها، وتحاول أن تتعامل بحذر مع هذا العالم الذي يتغير بشكل واضح منذ نحو عقدين تقريبا. فقد كانت الولايات المتحدة من أكبر أسواق السعودية المستوردة للنفط. الآن خلاف ذلك، فأمريكا أضحت بلدا مصدرا للنفط ومنافسا لدول أوبك. كان العالم في الماضي سهلا، مقسوما بين قطبين، والرياض بقيت مع قطب واشنطن حتى سقط الاتحاد السوفياتي وتبدلت تحالفات العلاقات الدولية.


نحن الآن في مرحلة جديدة، وتاريخ مختلف له قواعده. العلاقة مع الغرب ستظل مهمة، لا يزال وسيبقى سوقا مصدرة ومستوردا مهما، وحليفا سياسيا مؤثرا. لكن أمام السياسيين مساحة لتطوير العلاقة مع أسواق ضخمة كانت خارج راسمي الاستراتيجية الحكومية، الصين والهند تحديدا.


وخلال الفترة القصيرة الماضية تغيرت محركات السياسة السعودية الخارجية، أصبحت ذات أبعاد اقتصادية واستثمارية أكثر من ذي قبل، وهي التي تقود التوجه إلى بكين ومومباي وغيرهما. دوافع التقارب ليست سياسية، بل الاتفاقات الموقعة والاستثمارات الضخمة المعلنة مبنية على قدرات السعودية الإنتاجية، وليست أموالا مدفوعة من حسابات الحكومة البنكية كما يتهيأ للبعض، مثل الرئيس التركي أردوغان الذي اعتبرها جزءا من الدعاية السياسية للحكومة السعودية.


الحقيقة أن معظم الاتفاقات ضمن الخطة المعلنة ولم تكن نشاطات طارئة، مثل التوقيع مع مجمع الشركات الصينية لصناعة السلاح «نورنكو» ضمن إطار الإنتاج الصناعي. وكذلك الاتفاق مع شركة «ساينوبيك» الصينية مع «سابك» السعودية لإقامة مصنع عملاق لإنتاج البولي كربونات في مقاطعة تيانجين. الهدف أن يؤدي قطاع البتروكيماويات السعودي دورا مهما كمزود أساسي للنهضة الصناعية الضخمة في الصين. المصنع تحت التأسيس يسهم في إنتاج قطع السيارات، والأجهزة الإلكترونية والمنزلية، والمنتجات الطبية وغيرها. لا توجد للصين أجندات سياسية في منطقة الشرق الأوسط، وعليه، لن تكون عاملا مساعدا للسعودية في قضايا ولن تكون طرفا معرقلا، أيضا.

 

عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية

2
التعليقات (2)
مُواكب
الإثنين، 25-02-2019 06:26 م
كان أصَّح للكاتب أن يُعنون مقاله بهذا: خيار سعودية المنشار بين واشنطن وبكين. لا خيار لها في واشنطن لِأنها أصبحت دولة مارقة تُثير القرف والاشمئزاز. تبقى إذن الصين المُعادية للمُكَوِّن السني العربي! ولقد سبق أن انحازت لِبشار أسد في حرب الإبادة التي يقودها ضد المُكوِّن السني العربي. عداء سعودية المنشار للإسلام السني واضح عبر حرب اليمن، وهي بهذا تلتحم مع روسيا البوتينية ومع الصهيونية العالمية بشقيها المسيحية واليهودية. لكن الموضوع هو غير مُعقد: هناك عملية فرز للناس، فإما أن يكون الإنسان أمير المنشار محمد بن سالمان، وإما أن يكون جمال خاشقجي. وهذا تقسيم موضوعي نجح الأستاذ فهمي هويدي بوضعه.
من سدني
الإثنين، 25-02-2019 09:44 ص
لطالما كانت قضايا الدين والإسلام والمسلمين هي ليست من اهتمامات الكاتب و تاريخه زاهر بمحاربة الدين ولذالك لايرى ان يذهب أولياؤه الى الحضن الماركسي الشيوعي الصيني وخاصة في ظل الاجرام الصيني بحق المسلمين الايغور

خبر عاجل