ملفات وتقارير

هذه مهمات القوة الأمريكية "المحدودة" بسوريا بعد الانسحاب

يرى مراقبون أن القوة الأمريكية المحدودة ستمنع تركيا من ضرب قوات PYD- جيتي
يرى مراقبون أن القوة الأمريكية المحدودة ستمنع تركيا من ضرب قوات PYD- جيتي

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة، أن الولايات المتحدة ستترك "عددا محدودا" من القوات في سوريا، مؤكدا أن "قراره لا يعني تغييرا في ما أعلنه في كانون الأول/ ديسمبر بشأن سحب القوات الأمريكية الموجودة هناك وعددها 2000 جندي".


يأتي ذلك تأكيدا لما كشفه مسؤول أمريكي كبير عن أن "بلاده ستترك في المجمل 400 جندي في سوريا، وسيتم تقسيمهم على مناطق آمنة يجري التفاوض عليها في شمال شرق سوريا، وقاعدة للجيش الأمريكي في التنف قرب الحدود مع العراق والأردن".


وفي السياق ذاته، لفت السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام إلى أن "خطة ترامب المتعلقة بالانسحاب من سوريا، تهدف إلى الدفع باتجاه نشر ما يصل إلى ألف جندي أوروبي في ذلك البلد"، مضيفا أن "الجنود المئتين المتبقين سيحفزون الحلفاء الأوروبيين على نشر عدد أكبر من القوات"، وفق تقديره.


المهمة الأولى


وأمام قرار ترامب الجديد؛ يتبادر تساؤل مهم حول طبيعة المهام التي ستوكل للقوات الأمريكية "المحدودة" التي ستبقى في سوريا، بحال جرى تنفيذ قرار الانسحاب الأمريكي.


ويجيب الكاتب والمحلل السياسي سعد وفائي عن هذا السؤال قائلا: "المهمة الأولى ستكون الحفاظ على قاعدة التنف، لأنها الأهم بالنسبة لأمريكا، نظرا لوقوعها في مثلث مهم، وستتوجه إليها غالبية القوة لحمايتها".


ويضيف وفائي في حديث خاص لـ"عربي21" أن "باقي القوة ستقوم بمنع ضرب الأتراك لقوات PYD"، مستدركا بقوله: "هذا لا يعني عدم دخول الأتراك إلى شرقي الفرات، لأنه في ظل التواجد الأمريكي هناك تنسيق مع أنقرة، كان سيسمح بتسيير دوريات تركية وأمريكية مشتركة تمهيدا لدخول قوات تركيا إلى شرقي الفرات".

 

اقرأ أيضا: ترامب: سنترك عددا محدودا من الجنود في سوريا


ويؤكد وفائي أن "القوة الأمريكية المحدودة لن تمنع التدخل التركي، بل ستمنع تركيا من ضرب قوات PYD"، معتقدا أن "أمريكا ليست بحاجة إلى وجود على الأرض، لكن قراراها يأتي نتيجة لنقاشات داخلية وتباين في وجهات نظر الإدارة الأمريكية تجاه تدخل واشنطن في الشرق الأوسط".


ويتفق في ذلك العقيد السوري أحمد الحمادي، الذي قال إن "هذه الخطوة جاءت نتيجة الضغوطات الكبيرة التي مورست على ترامب داخليا وخارجيا"، لافتا إلى أن "دولا حليفة هددت بسحب قواتها من سوريا، لأن الوجود الأمريكي يمثل لها حافزا للبقاء، بسبب الحماية العسكرية القوية".


ويرى الحمادي في حديث خاص لـ"عربي21" أن "مهمة القوة الأمريكية التي ستبقى لن تختلف كثيرا عن المهمة السابقة، والمتمثلة في الحفاظ على المنطقة السورية وحماية حلفاء الولايات المتحدة وتحديدا وحدات الحماية الكردية".


مهمة القوة الأمريكية التي ستبقى لن تختلف كثيرا عن المهمة السابقة


ويوضح الحمادي أن "واشنطن تريد من هذه القوة وبعض قوى التحالف أن تكون قوى متعددة الجنسيات، لتحقيق أغراض الولايات المتحدة في شرقي الفرات"، مشيرا إلى أن "قسما من القوة الأمريكية المتبقية ستتواجد في قاعدة التنف لما لها من أهمية كبيرة، تتمثل في وقوعها بالقرب من الطريق الدولي بغداد-دمشق، وتسلك هذا الطريق أيضا المليشيات الإيرانية عند خط طهران-دمشق"، على حد قوله.


وبحسب الوفائي، فإن أمريكا تفقد الثقة في حلفائها نتيجة سياساتها الأخيرة، وتحديدا في حلفائها الأوروبيين والأتراك، مستبعدا في الوقت ذاته أن تكون مهمة القوة الأمريكية تنسيقية بين مختلف الأطراف بسوريا بدرجة أساسية.


ويبين الوفائي أن "التنسيق ربما يكون مهمة ثانوية، لأنه ليس أولوية لدى أمريكا"، مؤكدا أن "واشنطن تسعى إلى تخفيف حدة الصراع في سوريا وليس التنسيق، وبإمكانها منح مسألة التنسيق للمختصين الدبلوماسيين أكثر من الميدان"، وفق تقديره.


أما الخبير العسكري العقيد الحمادي، فيفسر أن مهمة التنسيق ستكون ضمن وظيفة الربط بين الأرض والقوى الأمريكية الأخرى المتواجدة في الخارج، موضحا أن "القوى الجوية بحاجة إلى ضابط توجيه على الأرض، وكذلك القوى الصاروخية".

 

اقرأ أيضا: أين ستنتشر القوات الأمريكية التي ستبقى في سوريا؟


ويتابع الحمادي قائلا: "يوجد مهمات تقوم بها الولايات المتحدة بواسطة الجنود المتواجدين على الأرض، كونهم قوة إرشاد ودلالة وتحديد مسارات، بالإضافة إلى الوجود الاستخباراتي والرمزي للقوات الأمريكية".


ويقلل الحمادي من أهمية عدد الجنود الأمريكيين المتبقين في سوريا سواء بالزيادة أو النقصان، قائلا إن "القدرة الأمريكية في المنطقة تستطيع تحقيق أغراضها من خلال التواجد الرمزي، لأن حقيقة الوجود الأمريكي متمثلة في الضربات الجوية والصواريخ والقوة العسكرية التي تمتلكها واشنطن".

 

وكان الباحث بالسياسات الدولية عبد الستار بوشناق قال في حديث سابق لـ"عربي21" إنه "من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستحتفظ بقواتها في منطقة التنف، لكن الرأي الغالب والأقوى أن تحتفظ واشنطن بقواتها في مناطق سورية قريبة من مدينة القائم العراقية، لحماية القوات الأمريكية في تلك المدينة العراقية".


وأوضح بوشناق أن "الولايات المتحدة تخطط لسحب قواتها من سوريا إلى قاعدة القائم العراقية، وهذا الأمر يتطلب حماية مشددة لهذه القوات والقاعدة العسكرية التي توجد فيها"، مؤكدا أنه "من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستبقي هذه القوة في التنف، أو في منطقة أخرى أقرب إلى الحدود العراقية"، بحسب رأيه.

التعليقات (0)