ملفات وتقارير

أطباء يطلقون مبادرة في غزة لتخفيض تكاليف الكشف الطبي

ظروف اقتصادية صعبة لأهالي غزة تمنعهم من تلقي العلاج الصحي
ظروف اقتصادية صعبة لأهالي غزة تمنعهم من تلقي العلاج الصحي

على وقع الأزمة الاقتصادية الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة؛ نتيجة الحصار الذي تفرضه دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ 13 عاما، الذي يتزامن مع عقوبات اقتصادية فرضتها السلطة منذ عامين؛ بادر عدد من النشطاء والأطباء إلى إطلاق حملة لتخفيض رسوم وتكاليف العلاج والكشف الطبي للمواطنين الذين لا يستطيعون تحمل هذه التكاليف.


ويأتي الإعلان عن هذه المبادرة التي تبناها عدد كبير من العيادات الطبية في القطاع خلال الأسابيع القليلة الماضية، نظرا لعجز المستشفيات ودوائر وزارة الصحة في غزة إلى تقديم خدمة العلاج؛ بسبب امتلاء أسرة المستشفيات بمصابي مسيرات العودة، الذين وصل عددهم وفق آخر الإحصائيات الرسمية إلى 28 ألف مصاب، منهم ألفان في حالة الخطر.


كما يعاني القطاع من شح واضح في العقاقير الأساسية، خصوصا لأمراض القلب والكبد الوبائي والسرطان، إلى أن وصلت هذه الأزمة إلى تراجع مخزون تطعيمات الأطفال في عيادات وكالة الغوث (UNRWA)، ما حدا بالأخيرة إلى تأجيل المئات من حالات المتابعة لهؤلاء الأطفال، وفق ما رصدته "عربي21" في جولة ميدانية داخل هذه العيادات.

 

مبادرات فردية

 

من جانبه أشار الصحفي مثنى النجار، أحد القائمين على هذه المبادرة، أن "إطلاق هذه المبادرة جاءت نظرا لحجم الرسائل المتكررة التي تصل إلينا من المواطنين، الذين يطالبون من خلالنا التوسط لدى الأطباء والصيادلة بضرورة مد يد العون والمساعدة في توفير الأدوية أو تخفيض تكلفة الكشف الطبي، ونحن بدورنا نبادر بالتوجه لهؤلاء الأطباء بشكل فردي أو بناء على طلبهم، بضرورة الارتقاء لمستوى حاجات المواطنين، وأن يكونوا جزءا على قدر المسؤولية".


وأضاف الصحفي النجار في حديث لـ"عربي21": "بدأنا في هذه الحملة قبل عدة أسابيع، ثم ما لبثنا أن وجدنا استجابة واضحة من كثير من العيادات الخاصة، التي تطالبنا بوضع إعلان على صفحاتنا الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي بأن المركز قرر تخفيض تكاليف الكشف الطبي، نظرا للأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المواطنين".

 

وتابع: "بعد أن رأينا استجابة واضحة من قبل الأطباء، قررنا توسيع الحملة لتشمل التوجه للمراكز التجارية ومحاولة التوسط بينهم وبين المواطنين لتخفيض حجم الديون المتراكمة على المعسورين منهم؛ إضافة إلى التوسط بين وزارة الداخلية والمواطنين للإفراج عن السجناء الذين صدر بحقهم أمر اعتقال نظرا لتراكم الديون".

 

اقرأ أيضا: كيف سيؤثر اقتطاع أموال السلطة على الوضع في الضفة وغزة؟

استجابة واسعة

 

توجهت "عربي21" لمركز فلسطين التخصصي في مدينة غزة، حيث أشار مدير المركز محمد لقان، أن "المركز أعلن عن أكبر حملة تخفيضات في الأقسام التي يشرف عليها كافة، تمتد لثلاثة أشهر حتى حلول شهر رمضان مبارك، وتشمل المبادرة تخفيض رسوم الكشف الطبي بنسبة تبدأ من 15 بالمئة إلى 30 بالمئة".


وأضاف لقان في حديث لـ"عربي21": "يقدم المركز خدمة العلاج في خمسة أقسام أساسية، وهي قسم العلاج الطبيعي الذي يشمل المتابعة الدورية لمصابي شلل الأطفال، والجلطة الدماغية، وقسم التصوير والأشعة، الذي يضم التصوير التلفزيوني وCT، Ultrasound، وقسم السمعيات، وقسم التحاليل الطبية، وقسم التغذية".

 

وأكد لقان "أن المواطنين رحبوا كثيرا بهذه المبادرة، التي جاء الإعلان عنها بناء على طلب متكرر من المواطنين الذين اشتكوا بدورهم من عدم قدرتهم على دفع تكاليف الكشف الطبي، لذلك فانطلاقا من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية، أعلنا عن حملة تخفيضات لتكون بمستوى التكلفة دون السعي لتحقيق هامش من الربح".


تتجسد في غزة -رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها- مشاعر الأخوة والتواصل الإنساني بين المواطنين، حيث شهدت الأشهر الأخيرة إطلاق مبادرات فردية لقيت تفاعلا واسعا من قبل المواطنين، كمبادرة (سامح تؤجر) لإسقاط الديون من قبل التجار عن المواطنين المتعثرين، كما بادر مواطنون في مدينة رفح إلى إطلاق حملة (تكية رفح الخيرية) لتوزيع طعام الغداء على الأسر الفقيرة في المدينة.

 

أبعاد ومؤشرات

 

إلى ذلك أشار أستاذ علم الاجتماع في جامعة القدس المفتوحة، عاطف العسولي، أن "اتساع دائرة المبادرات الفردية بين المواطنين في غزة، يشير إلى مدى عمق مشاعر الأخوة والتواصل الاجتماعي بين المواطنين، وهذا التفاعل لا تجده في كثير من المجتمعات الشرقية".

 

وأضاف العسولي لـ"عربي21": "البعد الآخر يشير بشكل أو بآخر إلى النتائج الكارثية التي تسببت بها عقوبات السلطة المفروضة على القطاع، التي أدت مع سياسية الحصار الإسرائيلي إلى اعتماد 80 بالمئة من المواطنين على المساعدات الإنسانية الخارجية، ووصول معدلات الفقر إلى 60 بالمئة".

التعليقات (0)