ملفات وتقارير

بعد الفشل باستعادة طالبي لجوء.. هل تراجع نفوذ الخليج بالخارج؟

العريبي بعد الإفراج عنه من تايلاند ووصوله لأستراليا- جيتي
العريبي بعد الإفراج عنه من تايلاند ووصوله لأستراليا- جيتي

كشفت حوادث عدة لهروب مواطنين من دول خليجية، وخاصة السعودية والإمارات والبحرين، على خلفية قضايا حقوقية وانتهاكات أسرية، تراجع نفوذ تلك الدول حول العالم، في قدرتها ممارسة ضغوط لاستعادتهم.

وعلى خلاف النفوذ السابق لتلك الدول، أظهرت قضية الفتاة السعودية الهاربة لكندا رهف القنون، عجز الدبلوماسية السعودية عن استعادتها، رغم محاولات تم الاستعانة فيها بأطراف أخرى، لمنعها من اللجوء للخارج.

ولجأت الرياض لموظف في الخطوط الجوية الكويتية، من أجل السيطرة على جواز سفر الفتاة القنون، من أجل منعها من مواصلة طريقها، وإجبار السلطات التايلاندية على ترحيلها، لكن القضية التي أثيرت دوليا، وضغطت فيها مؤسسات حقوقية أدت لاستعادة الجواز.

واكتفى مسؤول في السفارة السعودية في تايلاند، في تسجيل مسرب خلال لقاء مع مسؤولي الهجرة في بانكوك، بتوجيه اللوم لهم لعدم "احتجازهم هاتفها، بدلا من جواز سفرها" في إشارة إلى تأثير تغريداتها على الرأي العام العالمي، وإفشال ترحيلها للرياض.

 

اقرأ أيضا: تايلاند تقرر الإفراج عن اللاعب البحريني حكيم العريبي

وعلى غرار القنون، سعت البحرين بشتى الطرق لدفع السلطات التايلاندية إلى ترحيل اللاعب البحريني حكيم العريبي، الحاصل على حق اللجوء الإنساني في أستراليا، بعد احتجازه خلال قضائه "شهر العسل"، بعد زواجه في العاصمة بانكوك.

وأصرت المنامة على تسلم العريبي، وقالت، إنه "محكوم بالسجن لمدة 10 أعوام، على خلفية قضية إرهابية".

وقالت البحرين إنها "ترفض التدخل في شؤونها"، وقال وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في الأيام الأولى لاحتجاز اللاعب: "تجري حاليا الإجراءات القانونية لاسترداده، لتنفيذ الحكم القضائي الصادر ضده، وهو حكم قابل للطعن أمام محكمة الاستئناف، ثم التمييز، التي تعد الأعلى درجة في النظام القضائي البحريني".

لكن في ظل الإصرار الأسترالي على الإفراج عن العريبي، بصفته لاجئا سياسيا لديها، ورفض ترحيله إلى المنامة، رضخت الأخيرة وقامت بإلغاء طلب ملاحقته وتسليمه، ليفرج عنه ويعود لأستراليا.

وخلال الأيام القليلة الماضية برزت قضية سيدة إماراتية، تدعى هند البلوكي، التي هربت إلى مقدونيا وتقدمت بطلب لجوء، بدعوى تعرضها للتعذيب والانتهاكات، من قبل أسرتها بسبب طلبها الطلاق.

وعلى الرغم من رفض السلطات المقدونية لطلب لجوء البلوكي إلى الخارج، إلا أنها لم تقدم على تسليمها لبلادها، وقامت بتحويلها إلى أحد معسكرات اللاجئين.

 

ملفات سوداء


المحامي والناشط الحقوقي السعودي المعارض سلطان العبدلي، قال، إن "حرية دول الخليج خاصة السعودية بفعل ما تريد، بواسطة المال لم تعد كالسابق، بعد السجلات السوداء لحقوق الإنسان".

وأوضح العبدلي لـ"عربي21" أن هذه الدول "تعرضت لفضائح، خلال الفترة الماضية، بعد محاولاتها التدليس بملفات حقوق الإنسان، عبر السماح للنساء بقيادة السيارة، لكن سرعان ما انكشفت حالات التعذيب والتهديد بالقتل، والتحرش الجنسي، بالمعتقلات والمحاكمات السرية".

وأشار إلى أن بعض الدول الخليجية ظهرت أمام العالم بأنها "لا تسعى لإسكات معارضيها في الداخل، بل أيضا من يحاول الدفاع عنهم في الخارج، من معارضين وحقوقيين".

وتابع العبدلي: "هيبة هذه الدول وسطوتها في الخارج، سقطت أمام الجبهة القانونية الموحدة، التي تضم نشطاء من الخارج والداخل ومنظمات دولية وحقوقية، التي شكلت ضغطا هائلا عليهم في عدة حوادث".

 

اقرأ أيضا: الفتاة السعودية رهف تدعو إلى "التمرد على الظلم"

لكنه شدد على أن القضية "التي قصمت ظهرهم، كانت اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، التي فاقت كل التصورات في بشاعتها".

وعلى صعيد النشاط الحقوقي الدولي لتحريك العديد من الملفات الحقوقية في دول خليجية، قال العبدلي: "هناك أفكار لرفع دعوى ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أمام محكمة الجنايات الدولية، وتجري مساع لبلورة القضية من أجل محاكمته، في ظل الانتهاكات الواسعة التي تجري بحق النشطاء السعوديين".

 

تراجع المناورة

من جانبه قال المحلل السياسي عمر عياصرة، إن الدول الخليجية الثلاث السعودية والإمارات والبحرين، باتت خلال الفترة الأخيرة "أقل قدرة على المناورة خارج حدودها، ونفوذها انحسر في المسائل الحقوقية".

ولفت عياصرة لـ"عربي21" إلى أن "مواطني تلك الدول، بات لديهم هامش أكبر من المناورة في الملفات الحقوقية، ومغادرتهم باتت تشكل إحراجا كبيرا، ولم تعد التغطية على السعودية التي تمتلك سمعة سيئة اليوم في الحالة الحقوقية أمام الغرب مسألة محرجة لأي طرف".

وأضاف: "نفوذ تلك الدول اليوم، ليس هو كما قبل 6 أشهر من الآن، بفعل اغتيال خاشقجي الذي ضربها في العمق دوليا".

وبشأن تداعيات تراجع النفوذ الخارجي على مواطني تلك الدول، قال عياصرة: "النشطاء باتوا يشعرون بأن أذرع دولهم قصيرة في الخارج، وخسرت كثيرا من أدواتها، والقرار الأوروبي الأخير بشأن السعودية وقوائم الإرهاب، يفاقم المشكلة للرياض، وبالنظر إلى تراجع البحرين أيضا في قضية العريبي، فإن الحديث عن تراجع النفوذ أمر واقعي وملموس".

ورأى أنه "ما لم تحصل انفراجة داخلية في هذه الدول، ويتحسن الملف الحقوقي وتحصل قفزات كبيرة، فإن كل اللوبيات التي تعمل معها لن تكون قادرة على تغطية انتهاكاتها".

التعليقات (0)