صحافة دولية

لوفيغارو: هل ستودع فرنسا اليهود للأبد.. وهل إسرائيل الحل؟

عالم الاجتماع داني تروم- لوفيغارو
عالم الاجتماع داني تروم- لوفيغارو
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية مقال رأي للمراسل وكاتب العمود الفرنسي شارل جيغو، سلط من خلاله الضوء على المقالة المثيرة للجدل التي نشرها عالم الاجتماع داني تروم، حول المشاكل التي يواجهها اليهود الفرنسيون، والتي قد تدفعهم إلى الهجرة نحو إسرائيل بحثا عن الحماية غير المشروطة.  

وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه من الجلي أن حركة هجرة اليهود الفرنسيين تزايدت بشكل خاص منذ سنة 2016، لاسيما إثر اغتيال إيلان حليمي. وقد هاجر أكثر من عشرين ألف يهودي فرنسي إلى إسرائيل وكندا وغيرها من البلدان الأخرى. في هذا الصدد، قال تروم: "لا يجب أن نقلل من شأن هذه الهجرات، وإن بدت قليلة، لأن المشكل هو خيار المغادرة في حد ذاته، حتى لو كانت النتيجة مخيبة للآمال".

ونقل الكاتب عن تروم أن أسباب الهجرة معروفة. ففي الواقع، يواجه اليهود موجة من معاداة السامية من قبل المسلمين وبعض الأقليات، التي تجعل الاندماج في المجتمع أمرا مستحيلا بالنسبة لهم، ما يدفعهم إلى اللجوء إلى إسرائيل باعتبارها خطة بديلة توفر لليهود حماية غير مشروطة. ووفقا لتروم، لطالما تعرض اليهود لمخاطر عديدة تحت حماية الممالك الأجنبية التي لجؤوا إليها، ولكن قيام إسرائيل قدم لهم ضمانات جديدة أفضل من أي دولة أخرى.

وأشار الكاتب إلى أن اليهود ظلوا يفضلون العيش تحت الحماية الفرنسية، قبل أن تبدأ حركات الهجرة في منتصف سنة 2000. وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تمثل ملاذا أكثر أمانا من فرنسا، حسب قول تروم، إلا أنه "في حضور دولة تحميه، لا يشعر اليهودي في إسرائيل بأنه مستهدف شخصيا، بل من خلال الدولة التي تمثله".  ويعتقد تروم أن هشاشة اليهودية عبر التاريخ تعد بمنزلة دليل على أن إسرائيل نفسها لا يمكنها تقديم الضمانات التي يتطلع إليها المهاجرون، حيث لا تملك سوى حلولا جزئية.

وأورد الكاتب أن الفيلسوف وعالم الاجتماع ريموند أرون، كان على حق حين قال إن قيام إسرائيل لن يحل "مشكلة اليهود". ويدعو تروم اليهود الفرنسيين للتأني، ذلك أن الأراضي الفرنسية لم تمثل يوما مأوى سيئا في التاريخ اليهودي؛ فمنذ القرن الأول ميلادي كانت فرنسا الراعية الأولى للديانة اليهودية في الغرب.

لكن على الصعيد التاريخي، حدث "تمزق" سنة 1940 دون سابق إنذار، لكنه لا يمحو على الفور الارتباط الأساسي بين اليهود وفرنسا الذي يعود إلى عصور بعيدة. وقد فسر المؤلف أن "الواقع اليهودي مفروض بطريقة مزدوجة في فرنسا. أما بالنسبة للإسلام، فيعدّ دخيلا على فرنسا من ناحيتين، فهو غير موجود في تشكيل "الأليونس"، فضلا عن أن وجوده في البلاد يعدّ حديثا جدا".

وأضاف تروم أنه "ليس لدى المسلمين المتطرفين أي "صفة" أخلاقية طبعا، ولا تاريخية لطرد اليهود. ولكن حرصهم على القيام بذلك يتعارض مع مصالح إسرائيل، ويحرض على عملية رحيل واسعة النطاق، مثلما أشار إليه بنيامين نتنياهو إثر هجمات سنة 2015".

وبين الكاتب أنه وفقا لداني تروم، يشجع أمر آخر اليهود على الرحيل، ولا يتعلق هذا الأمر بالإسلام وإنما بالأخلاق "التائبية" الجديدة التي تسود أوروبا، ويرتبط ذلك بفلسفة "تضحوية" تقوم على رفض الحدود والأيديولوجية الشاملة للترحيب اللامشروط. في ضوء هذا التحول الشمولي، لا يمكن لإسرائيل، التي تهين الفلسطينيين، الظهور إلا في صورة مبتذلة وعتيقة. وقد أصبح الأوروبي مواطنا عالميا ومسالما، بينما أصبح الإسرائيلي قوميا حرا. ولكن هل يدفع هذا الأمر الأوروبيين، وخاصة الفرنسيين، إلى تمني مغادرة يهود أوروبا بصفة نهائية، لأنهم يجسدون علاقة سيئة بالتاريخ يرغبون في تجاوزها؟

وفي الختام، استنتج الكاتب أن هذه الأطروحة مغرية، لكنها أحادية الجانب، إذ لا يمكننا حصر المشروع الأوروبي في أيديولوجية ما بعد القومية. ومن هذه الناحية، يمكن أن يساعد التصويت الشعبوي على تحقيق هذا الهدف. وبشكل تدريجي، يعود المؤيدون لأوروبا إلى تبني إحدى فلسفات التاريخ الأكثر كلاسيكية. وبناء على ذلك، ليس اليهود الفرنسيون محل ترحيب فحسب، بل يعد وجودهم ضروريا للغاية.

1
التعليقات (1)
عربي بلا هوية
الإثنين، 11-02-2019 08:05 ص
هذا هراء ينقض بعضه بعضاً. مثل هذا الطرح يكون ممولاً في العادة من الصهاينة او المتطرفين المسيحيين.