صحافة دولية

"بوبليكو": كيف سيطبّع المجتمع الدولي مجددا مع دمشق؟

بشار الأسد يضحك جيتي
بشار الأسد يضحك جيتي

نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الخطوات التي سيتخذها المجتمع الدولي نحو التطبيع مع النظام السوري، في ظل مساع جارية بعد ثماني سنوات من الحرب، لإعادة مقعدها في الجامعة العربية للنظام.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في ظل النهاية الوشيكة للحرب وانتصار بشار الأسد، ترى الدول العربية أن إعادة دمج دمشق في المشهد الدبلوماسي الإقليمي أمر لا مفر منه، وأن التقارب معها يسرّع وتيرة التصدي لتأثير إيران وتركيا في المنطقة. وبالتالي، تولت دول الخليج، التي دعمت المعارضة السورية في بداية الثورة، قيادة هذا المسار.

وبينت الصحيفة أنه، في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر، زار الرئيس السوداني، عمر البشير، دمشق ليصبح أول رئيس دولة يدوس أرض سوريا منذ بداية الحرب في سنة 2011. وكانت تلك الزيارة مجرد البداية، إذ أنه في نهاية الشهر ذاته أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية، في خطوة تعد أهم مبادرة للمصالحة إلى حد الآن من قبل الدول المجاورة.

 

وسارت البحرين أيضا على خطى هاتين الدولتين ومن المنتظر أن تحذو الكويت حذوها قريبا. في الحقيقة، لم تكن هذه التحركات لتتحقق دون مباركة ورعاية القوة الإقليمية السنية الرئيسية، المملكة العربية السعودية.

وأشارت إلى وجود دول أخرى في المنطقة التي تتجه نحو تطبيع العلاقات التجارية مع النظام السوري، كما هو الحال مع الأردن، الذي أعاد فتح حدوده الجنوبية مع سوريا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. بالإضافة إلى ذلك، تستعد العديد من شركات الطيران العربية لاستعادة مساراتها مع دمشق، وقد استقبلت البلاد العديد من الوفود التجارية الأجنبية في الأشهر الأخيرة، في الوقت الذي تزور فيه وفود سورية دولا أخرى في المنطقة.

ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، هلال خشان، أن "الحرب في سوريا تقترب من نهايتها. وفي الوقت الحاضر، تؤيد معظم الدول العربية إعادة دمج دمشق. يبدو أن الجميع مهتمون بعودتها إلى جامعة الدول العربية لمواجهة التأثير الإيراني".

وأبرزت الصحيفة أنه خلال المؤتمر الاقتصادي الأخير لجامعة الدول العربية، الذي عُقد قبل أسبوعين في لبنان، كانت إعادة دمج سوريا أكثر المواضيع التي أثارت عددا من التعليقات خلف الكواليس، ليطغى بذلك على البرنامج الرسمي للاجتماع. وعلى الرغم من أن الخبراء لا يتوقعون تغييرات جذرية في وضع النظام السوري في الأسابيع القادمة، إلا أنهم لا يستبعدون أن هذا الحدث سيساعد في إضفاء الطابع الرسمي على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بعد أن طردت منها في سنة 2011 على خلفية القمع العنيف للمظاهرات المعادية للأسد.

في المقابل، لم يكن النظام السوري معزولا تماما خلال ثماني سنوات من الخلاف، فقد حافظت بعض الدول العربية مثل الأردن ولبنان والعراق والجزائر وسلطنة عمان على علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، إلى جانب بعض القوى الأخرى مثل الصين والبرازيل، فضلا عن روسيا وإيران اللتين دعمتا سوريا دون انقطاع طوال هذه الفترة.

وأفادت الصحيفة أنه، خلال الأشهر الأخيرة، كانت هناك جهات فاعلة أقل وضوحا، مثل إسرائيل التي تمارس الضغط أيضا من أجل التطبيع، وحتى تركيا، التي بدأت تبدي استعدادها للعمل مع الأسد إذا تم استيفاء شروط معينة. ومع إعلان انسحابها العسكري من شمال سوريا، الذي اختزله دونالد ترامب في كلمتين "الرمل والموت"، تُظهر الولايات المتحدة مرة أخرى أنها لا تنوي لعب دور رئيسي في حل النزاع.

من جهته، أظهر الاتحاد الأوروبي انشقاقات على عدة جبهات، إذ كانت إيطاليا تهدد باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا منذ أشهر. وفي أوائل شهر كانون الثاني/ يناير، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنزو مورافو ميلانزي، إنه يفكر في إعادة فتح السفارة الإيطالية في دمشق لتكون إيطاليا أول دولة أوروبية كبرى تتخذ خطوة مماثلة نحو التطبيع مع النظام السوري، بما أنها تعد ضد الخط الرسمي للمجتمع الأوروبي وضد الدول من الوزن الثقيل مثل فرنسا وألمانيا أو المملكة المتحدة، إلا أنها ليست الوحيدة.

وأفادت الصحيفة أن أستاذ العلوم السياسية، هلال خشان، يحذر من أنه "على الرغم من الاختلافات مع دمشق، إلا أن العديد من الدول الأوروبية استمرت في التعاون مع المخابرات السورية في قضايا مكافحة الإرهاب خلال هذه السنوات، وهو تعاون سيكون له دور بارز في التطبيع مع النظام".

وأبرزت الصحيفة أن "هيومن رايتس ووتش" قد وثّقت عمليات تدمير أو مصادرة آلاف المنازل الواقعة في المناطق النائية لبناء مجمعات تجارية ومنازل فخمة دون أي تعويض أو مقابل بسيط لسكانها السابقين. كما أُجبرت المنظمات الإنسانية الأجنبية على التعاون مع النظام السوري من أجل تقديم الخدمات للسكان.

وتشير التقديرات إلى أن إعادة إعمار البلاد ستكلف ما بين 250 و400 مليار دولار. وبالنظر إلى الموقف الحالي للاتحاد الأوروبي، والمساعدات التي توقفت عن تقديمها الأمم المتحدة كذلك، يرى هلال خشان أن "إعادة إعمار البلاد ستنفذ بشكل رئيسي من قبل ممالك الخليج الغنية". ويعد إخراج إيران من اللعبة أمرا ذا أهمية قصوى بالنسبة لهذه الدول، في حين تظل رفاهية السكان في المقام الأخير على قائمة أولوياتها.

وفي الختام، أكدت الصحيفة أن الأمر ذاته ينطبق على الزعماء الآخرين في المنطقة، على غرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر أو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذين لا زالوا يتلقون الدعم المباشر أو الضمني من الغرب على الرغم من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في بلدانهم. ويعلم بشار الأسد أن صفة الشرعية التي ستعيده إلى الجامعة العربية ليست سوى بداية لإعادة تأهيله في المجتمع الدولي.

التعليقات (2)
مُواكب
الجمعة، 08-02-2019 06:37 ص
سأُعيد كتابة التعليق الذي لم تنشره عربي21 . تأهيل بشار أسد الذي لم يعد أكثر من سلعة جيوسياسية في مزاد علني دولي، له دلالات مهمة: سُقوط قِيَم غربية تتعلق بالديموقراطية وحقوق الإنسان والتي كونت أساس النهضة والحضارة في غرب مزدهر ومُصنَّف بالعالم الأوَّل على كل المستويات. لا أُبالغ إذ أقول أن هذا الغرب مع تأهيل بشار أسد قد بدأ يعيش عهد الانحطاط. الدلالة الثانية: سُقوط القيم الروحية في الشرق : إذ ماذا سيقوله السيِّد اردغان لِرب العالمين عندما يسأله عن إبادة الشعب السوري أمام أعيننا جميعا دون تحريك ساكن؟ صحيح أن الله أمرنا أن لا نُلقي بأنفسنا إلى التهلكة، لكن كُل جهاد فيه درجات من التضحية.
مُواكب
الجمعة، 08-02-2019 05:21 ص
كتبت تعليقاً لم تنشره عربي21 لِأول مرة أنتقد فيه السيِّد اردغان، علماً بأنِّي من مُحبيه بلا تحفظ. أذكر عربي21 بخطاب أبو بكر الصديق رضي الله عنه. نحن المسلمون السنة أحرار وبشر من نوعية تُرضي الخالق عز وجل، لسنا كقُطعان الشيعة تسير وراء فقيه مثل آية الشيطان الرجيم علي خامنئي. عربي21 نعم تحجب الكلمة إن هي لم تنشر ما كتبته. وفي هذا الحال سأُقاطعها كما قاطعت من قبل صحيفتا الحياة والشرق اأوسط. ويا للصدفة: فما من أحد يتصفحهما.