صحافة دولية

"الغارديان" في غوانتنامو.. وهذه مشاهداتها (صور تعبيرية)

بعد دخول شيخ محمد قاعة المحكمة، وصل البقية، وليد بن عطش ورمزي بن الشيبة- جيتي
بعد دخول شيخ محمد قاعة المحكمة، وصل البقية، وليد بن عطش ورمزي بن الشيبة- جيتي

تحت عنوان "لماذا لا ننتهي من كل هذا؟ جلسات الاستماع تتواصل في غوانتانامو" كتب مراسل صحيفة "الغارديان" جوليان بورغر عن زيارة إلى معتقل غوانتانامو حيث يحتجز المعتقلون من القاعدة.

ووصف في بداية تقريره الذي ترجمته "عربي21" دخول خالد شيخ محمد، أو العقل المدبر لهجمات أيلول/سبتمبر 2001 إلى قاعة المحكمة وحديثه مع محاميه، حيث قال إنه (شيخ محمد) تغير كثيرا عن الصورة التي وُزعت له لحظة اعتقاله في باكستان عام 2003 بقميصه الداخلي. فقد أطلق لحيته التي صبغها بالحناء والمتدلية على ثوبه الأبيض وحلق شعره المغطى بقبعة أفغانية. فبعد اعتقاله تعرض لتعذيب في سجون "سي آي إيه" السرية في أفغانستان وشرق أوروبا مدة ثلاثة أعوام قبل نقله إلى غوانتانامو في جنوب شرقي كوبا، وهو المكان الذي تعقد فيه المحاكم العسكرية للمتهمين بالتورط في هجمات سبتمبر، والتي تعد أكبر محاكمة عسكرية في تاريخ الولايات المتحدة من ناحية عدد الضحايا (3,000 قتيل)، ومن ناحية أخرى ما يتعلق بسعة التحقيق وآثاره السياسية. ولكن المحاكمات التي بدأت قبل سبعة أعوام تتقدم ببطء.

وبعد دخول شيخ محمد قاعة المحكمة، وصل البقية واحدا بعد الآخر.. وليد بن عطش، المتهم بإدارة معسكر تدريب أفغاني تم فيه تدريب اثنين من منفذي الهجمات. رمزي بن الشيبة اليمني المتهم بتنظيم المساعدات اللوجستية للهجوم. وكلاهما كان يرتدي سترة مموهة. وكانا سيشاركان في الهجمات لو استطاعا الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة. ثم دخل عمار البلوشي، ابن خال شيخ محمد، والذي يُعتقد أنه لعب دورا مهما في تمويل المهاجمين وتنظيم دخولهم في مدارس تدريب الطيران. أما الخامس فهو مصطفى أحمد الحوساوي، السعودي المتهم بتنظيم العمليات المالية  للهجمات، وحصل على النقد وبطاقات الائتمان والملابس للمهاجمين. ووُجهت لهم الاتهامات في عام 2008 ولم تبدأ المحاكمات القضائية لهم إلا في عام 2012.

كبر المتهمون في العمر ومات بعض الشهود والمحكمة تأخرت لأن جلسات الاستماع واجهت مناقشات إجرائية. وبدأت جلسة الاستماع الـ33 التي تسبق المحاكمة يوم الاثنين. وبعيدا عن المتهمين بفاصل عبر حاجز زجاجي سميك معزول نوعا ما عن المراقبين؛ جلست حفنة من عائلات ضحايا الهجمات، وكانت من بينهم كاثي سكوت التي كان ابنها يعمل متعهدا في البنتاغون عندما ضربت الطائرة رحلة 77 البناية. فقد حاولت ولسنوات طرد ما يذكرها بشكل دائم بخسارتها. وقالت: "انتقلت إلى واشنطن دي سي حيث لم أستطع التعامل مع واقع أمشي من خلاله في  المكان الذي مشى فيه ابني". وقالت إنها توقعت أن تأخذ العدالة مجراها قبل أعوام وحضرت وهي الضعيفة البالغة من العمر 85 عاما إلى غوانتانامو لفهم السبب الذي جعل القضية تتلاشى من ذاكرة الأمريكيين. وقالت: "أريد العدالة" و"أعتقد أن (المحاكمة) طالت. لماذا لا ننتهي من هذا؟".

وقال بورغر إن العائلات والمحامين والقاضي والمراقبين الذين حصلوا على تصاريح يطيرون على متن طائرة تجارية واحدة قبل أيام من موعد كل جلسة استماع. ومن مدرج الطائرة يركبون عبّارة عبر الخليج إلى الشاطئ الشرقي لغوانتانامو حيث المحاكمة. فـ"جاستس كامب" (معسكر العدالة) هو مكان صغير محاط بالأسيجة والشباك السوداء ولفافات الأسلاك الشائكة. وتحيط به معدات بناء حيث يعمل عمال من الفجر حتى وقت متأخر من الليل على تجديد المكان، فهناك مشروع بقيمة 14 مليون دولار يحتوي على بناء لمحامي الدفاع وزنازين واسعة كي تستوعب السجناء المرضى الذين لا يستطيعون مغادرة الفراش. وفشل باراك أوباما بإغلاق السجن الذي لم يتبق فيه سوى 40 سجينا وُجهت لـ12 منهم اتهامات أو سيتم توجيه اتهامات. أما البقية فهم في سجن دائم بما فيهم خمسة صدرت بحقهم أحكام بالبراءة، ولكن لم يتم توقيع أوراق الإفراج عنهم.

وكان الرئيس دونالد ترامب قد أمر في كانون الثاني/يناير ببقاء السجن مفتوحا. وتوقع نقل "عدد من الحالات"، ومن المشتبه بهم في عمليات إرهابية إليه. وحتى الآن لم يصل أي سجناء، لكن معدات البناء هي تذكير بأن المحاكمات ستتواصل لوقت طويل.

ويقول بورغر إنه عندما اصطف المحامون والمدّعون والمراقبون للدخول إلى جلسة المحكمة الأولى كان عليهم المرور من أمام ثعبان (إغوانا) وطوله قدمان وقد جلس قرب مدخل المحكمة. والثعابين محمية في القاعدة حسب قائمة القواعد الموزعة التي طلبت عدم التسبب بالأذى لها. لكن الثعابين هي أخف المخاطر في تنظيم حالات قانونية معقدة في البلد أو جزيرة بعيدة باستخدام نظام قانوني محسن ومهجن. وقدمت أحداث الأسبوع الماضي تلخيصا حيا للأسباب التي أدت إلى تأخر المحاكمة أو حتى البدء بها.

وتعرض فريق الدفاع عشية جلسة الاستماع إلى موجة إصابة بالبرد حيث أقعدت محاميا في سلاح الجو عن العمل، وأصابت المستشارين الرئيسيين، وفقدت واحدة منهم صوتها ولم تكن قادرة حتى على الوقوف على منصة الدفاع.

إلا أن القاضي الكابتن كيث باريلا أصر على المضي في المحاكمة مهما كان الأمر. ولأن حكم الإعدام هو المتوقع فيجب أن لا تتم الإجراءات القضائية في غياب فريق الدفاع. ولأن فريق الدفاع مكون من محامين في السبعينيات من عمرهم ففرصة تأجيل جلسات الاستماع لأسباب صحية عالية. ورغم كل محاولات القاضي باريلا الدفع بعقد الجلسة، إلا أن ظروفه الصحية هي التي أجلت المحاكمة، فقد نقل على جناح السرعة يوم الأربعاء لإجراء عملية طارئة في القلب.

وتحدث تقرير الصحيفة عن التعذيب الطويل الذي تعرّض له المتهمون قبل أن تبدأ المحاكمات. وقال جيمس هارينغتون، محامي ابن الشيبة: "آثار التعذيب على أعضاء الفريق كانت مدمرة، وهناك أفراد لا يزالون معي ولم يتخلصوا من آثاره، وهناك البعض في الفريق ممن يريدون المغادرة حالا". وبالنسبة لفريق الدفاع ودعاة حقوق الإنسان وعلماء القانون فالقضية مسممة منذ البداية بسبب قضية التعذيب. فقد وصل المتهمون إلى غوانتانامو بعد تعرضهم لسنوات من التعذيب المعزز والإيهام بالغرق الذي تعرض له شيخ محمد 183 مرة. وجاء الحوساوي إلى المحكمة حاملا مخدة إذ إنه لا يستطيع الجلوس لمدة طويلة بسبب العمليات الجراحية الضرورية التي أجريت له نتيجة الفحوص القسرية التي مارستها سي أي عليه في مؤخرته. وأصدر "أف بي آي" بيانا في عام 2007 بعد أشهر من وصولهم إلى غوانتانامو واشتمل على اعترافات شاملة. لكن محامي الدفاع يقولون إنها انتزعت نتيجة سنوات من التعذيب. وبالنسبة لفريق الادعاء فإن تجاهل بيان "أف بي آي" يعني رمي أدلة مهمة. وورد في استئناف قدموه "الاعترافات التي  قدمها المتهمون إلى "أف بي آي" تشتمل على اعتراف بالذنب والمسؤولية عن أكبر عملية إرهابية في تاريخ الولايات المتحدة". ولم يتم بعد تحديد وضعية شهادة عام 2007 في أي محاكمة ستعقد لاحقا. ففريق الادعاء ممنوع من استخدام اعترافات عام 2007. أما الدفاع فيحظر عليه مقابلة أي متعهد ومسؤول "سي آي إيه" حالي وسابق له علاقة بعمليات نقل السجناء قسريا إلى السجون السرية. ومن أجل الوصول لأي منهم فإن على فريق الدفاع الاتصال بالحكومة أولا.

وبالنسبة لمحامية الدفاع ألكا برادان، فالمعوق للتحقيق بما حدث في السجون السرية هو آخر الجهود للتغطية على التعذيب الذي دعمته الدولة. وقالت: "كان هذا دائما جهدا مقصودا من الحكومة للإبقاء على سرية هذه الإجراءات. لو اطلع الرأي العام على ما يجري هنا لشعر بالغضب". و"لم تتم محاسبة في الولايات المتحدة لمن تورطوا في برنامج التعذيب". وهناك معوقات كبيرة أمام الدفاع في غوانتانامو، والتي لا يواجهها في المحاكم الفيدرالية. فهو مثلا لا يستطيع دعوة شهوده ولكن عليه استدعاءهم من خلال الحكومة التي رفضت ما نسبته 90% من طلباتها.

ويقول الجنرال جون بيكر الذي أشرف على فرق الدفاع في غوانتانامو: "أدى هذا إلى تحطيم النظام. وإذا كان الهدف هو تحقيق العدالة فلا أحد يحصل عليها" و"المبدأ الرئيسي لأمتنا هو العدل والناتج عن حكم القانون والتأكد من حصول كل فرد على تمثيل مناسب، ونظامنا هو الذي يحاكم وفريق الدفاع هو الذي يدافع عن النظام".







التعليقات (0)