مقالات مختارة

ماذا لو صالح ترامب إيران؟

عبد الرحمن الراشد
1300x600
1300x600

كل الاحتمالات دائما في الحسبان، مثل أن تعرض الحكومة الإيرانية ما يكفي لإغراء الولايات المتحدة على التراجع والتصالح لنعود إلى مربع الصفر من جديد، كما حدث في فترة الرئيس السابق باراك أوباما. ففي عهده طبقت العقوبات الاقتصادية القاسية، واتخذت خطوات عدائية أشد، لكن في عام 2010 قدمت له إيران، سرا، عرضا بالتفاوض دام أكثر من ثلاث سنوات وأنجب اتفاقا صدم الجميع بما فيهم إسرائيل، حليفة واشنطن الأولى. فهل من الممكن أن تكرر الإدارة الحالية سيناريو أوباما، وتفاجئنا باتفاق سري؟ بل، لماذا نثق ونقبل أن نتحالف مع الولايات المتحدة في مشروعها السياسي بعد هذه التجارب المرة؟


الحقيقة علينا أن نفهم العلاقة الثلاثية بطريقة معكوسة عما يطرح في تحليلات البعض هنا في منطقتنا. خلافنا مع سلطة إيران أصلي وليس مرتبطا في أساسه مع واشنطن، والخطر علينا حقيقي من إيران أكثر من الخطر الذي يمكن أن يهدد الولايات المتحدة. والنزاع مع نظام آية الله في طهران ليس استجابة لطلب واشنطن منا أن نؤيدها، بل قائم ومستمر نتيجة سياسة عداء صريحة ضدنا منذ تولي آية الله الخميني الحكم، الذي اعتبر تصدير ثورته لدول المنطقة وتغيير أنظمتها، ومنها السعودية وبقية دول الخليج، سياسة صريحة معلنة للدولة.

 

ورافق سياسة العداء هذه نشاطات عسكرية وإرهابية موجهة ضدنا خلال العقود الأربعة، ومن ثَمّ لا يمكن أن نقول إن تحالفنا مع الولايات المتحدة، أو بشكل خاص مع إدارة ترامب، فيه مغامرة غير محسوبة، لأننا لسنا ماليزيا أو إسبانيا، أو أي دولة بعيدة، لديها خيار في البقاء على الحياد، وبعيدة عن مرمى نيران إيران. وفي حال قررت إدارة ترامب أن تستدير وتتصالح مع نظام طهران، فإن الخلاف السعودي والعديد من دول المنطقة مع طهران سيستمر نتيجة السياسة الإيرانية نفسها.

 

من ثوابت السياسة الإقليمية السعودية بناء تحالفات مضادة مع دول إقليمية وقوى عالمية، وخلق توازنات مع طهران ومحورها. ولن يأتي يوم ينتهي فيه هذا الصراع مع إيران إلا في حال تخلى النظام عن مشروعه الخارجي باستهداف دول المنطقة، وللأسف هذا أمر ليس في المنظور القريب. فقد مرت العلاقات السعودية - الإيرانية بتجربتين لتحسين العلاقة، خلالها استؤنفت دبلوماسيا، واقتصاديا، وحتى ثقافيا، لكنها في المرتين فشلت بعد أن تجرأ النظام على ارتكاب أعمال عدائية داخل السعودية، وخرق بذلك العهود التي قطعها على نفسه.


اليوم، يبني الأمريكيون تحالفا كبيرا ضد طهران، ولقاء العاصمة الأردنية الأخير تمهيد لمؤتمر وارسو الذي يمثل خطوة متقدمة في إطار الجهد العالمي. المساعي هذه هي للضغط على النظام ودفعه لتغيير سياساته، ومن ضمنها نشاطاته ضد دول المنطقة، في سوريا واليمن. ومن المستبعد أن تنجح الجهود المبذولة في إقناع النظام بتغيير سياساته الخارجية وممارساته السيئة الداخلية، لكن المأمول أن هذه الضغوط، بما فيها العقوبات الاقتصادية، توقف ممارساته فينسحب من مناطق النزاع المشتعلة بسببه. أما سياساته، فلن تتغير إلا بحدوث تغيير داخل إيران أو في النظام نفسه وهو أمر بعيد، ومن يدري قد ينجح الشعب الإيراني فيما عجزت عنه القوى الكبرى على مدى عقود.

 

عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية

5
التعليقات (5)
متفائل
الإثنين، 04-02-2019 06:58 م
كونوا متأكدين أن الولايات المتحدة لا تريد التخلص من النظام الإيراني بالكيفية التي يتصورها حاكم أبو ظبي و حاكم الرياض ، ولا بالصورة التي يحلم بها ملك البحرين الذي بات يشك كثيرا في كونه ملكا ، ببساطة أمريكا التي احتلت العراق فتحت الباب طويلا أمام الإيرانيين ، وهي تدرك النتائج كاملة ، كان هدفها إضعاف السنة ، لا غير ، وهي تعلم أن سنة العراق و سوريا هم رأس مال المسلمين داخل حدود بلاد الشام والرافدين ، كما هو الشأن في الشمال الإفريقي ، كل ذلك من تجربة طويلة للقوى الاستعمارية ، ما يريده الأمريكيون و الصهاينة من إيران ليس الذي تريده السعودية والإمارات ، خرائط الغرب الليبرالي الرأسمالي الاستعماري باتت جاهزة ، و يشاركهم في ذلك الروس ، و يطمعون في ترويض الصين تحت طائلة التفاهم التجاري و تسوية النزاع مع كوريا الشمالية ، وعلى هذا الأساس فلن تدخل أمريكا في حرب مباشرة مع إيران ، حتى و إن تم التمويه ببعض التحركات والعمليات من قبل إسرائيل ، همهم الأكثر إلحاحا هو مواجهة تركيا الجديدة التي باتت المكسب الواقعي على طريق : " و أعدوا لهم ما استطعتم ..." الجهة الوحيدة التي تمثل خط الرجعة والمراجعة للذات بالنسبة لأهل السنة، إن في سوريا ، و إن في العراق ، من دون أن ننسى اليمن ، شمال إفريقيا ، والسودان . لذلك فإن رؤية الكاتب بوجوب الاستثمار على خط الولايات المتحدة الأمريكية ، و التعويل على الموقف السعودي الإماراتي هو عين الغباء ، أو لربما هو الاستهتار بعقول المسلمين كافة .
الايراني
السبت، 02-02-2019 02:11 م
إيران حصل علي مايريد بطريقة التنافس مع الولايات المتحدة و حصل علي کل مايريد فالخاسرون کل من يتکل علي الولايات المتحدة لحصول ما يريد عوضا عن قدرات نفسه. أنا شخصيا مع الکاتب المحترم بأن الولايات المتحدة في نهاية المطاف و علي وشک الإتفاق مع ايران و لکن کن علي يقين أن السعودية سيکون محور الإتفاق الآتي بين إيران و الولايات المتحدة و لاتوجد علي الطاولة ملفا قيما مثلها.
صوت الضمير
السبت، 02-02-2019 07:11 ص
رؤية 2030 لِمن هو عقله أصغر من عقل العصفور، أمير المنشار، محمد بن سالمان، صارت رؤية منسية. لدي رؤية 2020 أقرب وأصدق: افلاس مالي مُدوي للسعودية والإمارات، بعد افلاسهم الإنساني وافلاسهم الأخلاقي: فما نامت أعين الجبناء.
فرحان
السبت، 02-02-2019 03:28 ص
بوجود مبس وابن زايد لاخوف والحل في حين تصالحت ايران وأمريكا والكيان الصهيوني هو الذهاب الى السيد الممانع في دمشق فقد يكون اخر ملجاء لكم من خطر ايران وهذا اذا رضي حاكم دمشق ان يتوسط لكم عند مجوس ايران او ان تدفعوا له الجزيه وأنتم صاغرون وقد يكون الأسد القرمطي النصيري الباطني غير سعيد برجوعكم الي زريبته الا بحال تقبيل البصطار العسكري النصيري وآبداء الندم بحق الغنم فليفرح عصابات القرداحه وهم يَرَوْنكم عند أبوابهم خايفين مرعوبين بعد ان استعديتم شعوبكم وخربتم بلاد المسلمين وقتلتم الموحدين ولم يعد لكم نصير الا بعض المرتزقه من هنا وهناك فذوقوا مر ما صنعتم وانا لنراه قريباً ،الى حين ان تبيعكم امريكا بسوق الحمير
مُواكب
السبت، 02-02-2019 02:42 ص
حجر الزاوية في سياسات السعودية الإقليمية ليست المواجهة مع ايران وإنما مُواجهة شُعوب الربيع العربي، أن تبقى هذه الشعوب على حافة الإبادة. مع إيران تتبادل السعودية الخدمات الاستراتيجية، كالذي حدث عندما سلمت سورية لِإيران وحزب الشيطان، وموَّلت العدوان الروسي لِإبادة أهل السنة في سورية. على الكاتب الكريم أن يكف عن التستر على أمير المنشار وسياساته الغادرة المجرمة.

خبر عاجل