كتاب عربي 21

هل تنهض الجماعة الإسلامية في لبنان من كبوتها؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600

أعاد مجلس الشورى في الجماعة الإسلامية في لبنان يوم الأحد الماضي انتخاب الأستاذ عزام الأيوبي في موقع الأمين العام، بعد معركة ليست سهلة داخل أروقة الجماعة. وقد فاز الأيوبي على منافسه الشيخ محمد الشيخ عمار بفارق ليس كبيرا، مما يشير إلى الصعوبات التي واجهها الأيوبي في ولايته الأولى، والتحديات التي قد يواجهها في الولاية الثانية والأخيرة، والتي تمتد لثلاث سنوات مقبلة.

فماذا حقق الأيوبي في الولاية المنتهية؟ وهل ينجح في إنهاض الجماعة الإسلامية من كبوتها بعد الهزيمة القاسية في الانتخابات النيابية الأخيرة، وفي ظل الصراعات والأزمات الداخلية التي تعرضت لها، وصولا للأزمة المالية التي تعاني منها، والحصار والتضييق السياسي داخليا وخارجيا؟

لقد شهدت الجماعة الإسلامية (وهي الامتداد اللبناني الفكري والسياسي لحركة الإخوان المسلمين) نقاشات قوية داخليا وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ حول التحديات التي تواجهها وكيفية النهوض من الأزمة التي تعاني منها. وتعرض الأيوبي لحملات قاسية بسبب الإجراءات التنظيمية التي اتخذها ضد بعض قياديي الجماعة، إن بسبب الخلافات حول الأداء السياسي والانتخابي أو بسبب كيفية ادارة مؤسسات الجماعة، وصولا للفشل في الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي لم تنجح الجماعة خلالها في إيصال أي مرشح لها إلى المجلس النيابي، غضافة لتراجع حجم التأييد الشعبي لها، مقارنة بالقوى والفعاليات الناشطة في الساحة الإسلامية.

 

لم تنجح الجماعة خلالها في إيصال أي مرشح لها إلى المجلس النيابي، غضافة لتراجع حجم التأييد الشعبي لها، مقارنة بالقوى والفعاليات الناشطة في الساحة الإسلامية

وفي مواجهة الحملات التي تعرض لها الأيوبي، فإن مصادر قيادية ومسؤولة في الجماعة تعتبر أن الأمين العام (الذي تم التجديد له) قد حقق العديد من الإنجازات، ومنها: عقد المؤتمر العام للجماعة، وإصدار وثيقة سياسية وفكرية جديدة بعنوان "رؤية وطن"، وحضور حشد سياسي هام في المؤتمر الذي عقد بشكل علني لأول مرة في تاريخ الجماعة، وإعادة ترتيب الوضع التنظيمي الداخلي للجماعة بعد الخضّات التي تعرضت لها بسبب المعركة الانتخابية والخلافات الداخلية، وحماية مؤسسات الجماعة والحفاظ على استمرارية عملها، رغم التضييق السياسي والمالي والخارجي، وإقامة تحالفات سياسية وانتخابية متنوعة أدت إلى توسع دائرة حضور الجماعة في المشهد السياسي اللبناني.

لكن في مقابل وجهة النظر التي تدافع عن الأيوبي، فإن هناك مصادر أخرى من داخل الجماعة وخارجها تعتبر أن الجماعة الإسلامية عانت خلال السنوات الثلاث الماضية من إرباكات تنظيمية وسياسية عديدة؛ أدت إلى تراجع حضور الجماعة في الواقع السياسي لبنانيا وعربيا وإسلاميا، وأن هذه الإرباكات وعدم الوضوح في الرؤية والتحالفات أدت إلى الفشل في الانتخابات والخلافات الداخلية، وأنه رغم صدور الوثيقة السياسية والفكرية الجديدة للجماعة، فلم تتم ترجمتها بشكل فاعل على الصعيد الواقعي والعملي، مما أدى إلى إفراغها من مضمونها مما منع من الاستثمار الفعلي لمضمون الوثيقة الهام، وإن كانت هذه المصادر تعترف بحجم التحديات الداخلية والتنظيمية والسياسية التي واجهت الأستاذ عزام الأيوبي خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي عرقلت بعض خطواته التغييرية، خصوصا أنه أول أمين عام للجماعة من خارج القيادات التاريخية التي قادت الجماعة خلال السنوات الستين الماضية.

 

رغم صدور الوثيقة السياسية والفكرية الجديدة للجماعة، فلم تتم ترجمتها بشكل فاعل على الصعيد الواقعي والعملي، مما أدى إلى إفراغها من مضمونها مما منع من الاستثمار الفعلي لمضمون الوثيقة الهام

لكن ماذا عن المرحلة المقبلة والولاية الجديدة للأمين العام الحالي؟ فهل سينجح في إنهاض الجماعة من كبوتها؟ وهل ستستطيع الجماعة العودة بقوة إلى الساحة السياسية داخليا وخارجيا؟

مصادر إسلامية مطلعة على أجواء الجماعة تقول: إن الجماعة الإسلامية في لبنان اليوم تواجه تحديات كبيرة، وأن أهم تحد له علاقة بالمشروع السياسي المستقبلي، وموقف الجماعة من المتغيرات الداخلية والخارجية، ومدى قدرتها على اتخاذ سلسلة قرارات ومواقف جديدة وجريئة وواضحة، بعيدا عن الحسابات الداخلية أو الشعارات والمواقف التي اضطرت لاتخاذها في السنوات الماضية تحت ضغط الأحداث والتطورات.

 

لا بد من الاعتراف بأنها لا تزال إحدى أهم القوى الإسلامية في لبنان، وأن لها امتدادا شعبيا في كل المناطق اللبنانية وخارج لبنان، إضافة لوجود عشرات المؤسسات التي تشرف عليها

وتضيف المصادر: إن الجماعة اليوم بحاجة لحيوية جديدة في الأداء والحضور الفاعل في المشهد السياسي والشعبي والإعلامي، ومن خلال حمل هم قضايا الناس في كل المناطق اللبنانية، وعدم الاقتصار على الحضور الموسمي وتبني القضايا الخارجية فقط، والتعاطي مع الأحداث من خلال منظور أيديولوجي أو وفقا لأجندات وحسابات بعض القوى الإقليمية فقط.

لكن بغض النظر عن كل الملاحظات، سواء كانت إيجابية أو سلبية على صعيد أداء الجماعة الإسلامية في لبنان، فإنه لا بد من الاعتراف بأنها لا تزال إحدى أهم القوى الإسلامية في لبنان، وأن لها امتدادا شعبيا في كل المناطق اللبنانية وخارج لبنان، إضافة لوجود عشرات المؤسسات التي تشرف عليها، ولكن المهم وجود خطة واضحة لاسثمار كل تلك الإمكانيات والوضوح في الرؤية والهدف، ومن خلال ذلك يستطيع الأمين العام للجماعة الإسلامية (والذي جددت ولايته مرة ثانية) الأستاذ عزام الأيوبي؛ أن يحقق في الولاية الجديدة ما لم يحققه في ولايته المنتهية.

التعليقات (0)