ملفات وتقارير

ماذا بقي من الثورة السورية ومن المسؤول عن تراجعها؟

مراقبون يحملون الفصائل المسلحة وخلافاتهم مسؤولية تراجع زخم الثورة - تويتر
مراقبون يحملون الفصائل المسلحة وخلافاتهم مسؤولية تراجع زخم الثورة - تويتر

كان العنوان الأبرز للثورة السورية حين اندلاعها قبل سبع سنوات، مطالبتها بالحرية بعد سنوات القهر والقمع، وخنق الحريات التي فرضها النظام على الشعب السوري طوال العقود المنصرمة.


وبعد دخول الثورة طور العسكرة، كان لافتا تكاثر الفصائل والتنظيمات، بمشاريعها المختلفة، واندلاع صراعات دموية بينها، وهو ما اعتبره مراقبون تشويشا على الثورة، وإدخال قواها في صراعات جانبية، بدل أن تتعاون لتحقيق الأهداف التي اندلعت الثورة من أجلها.


ويثير استمرار صراع الفصائل السورية المسلحة على اختلاف توجهاتها، وتضارب مشاريعها، تخوفات كثيرة بخصوص أحلام الشعب السوري وتطلعاته التي سعى إلى تحقيقها عبر ثورته الشعبية.


وفي هذا السياق يرى القائد العام السابق لحركة أحرار الشام، حسن صوفان أنه "رغم الحرب الظالمة فإن شريعة الجهاد ماضية بيضاء نقية، فعلى وجوب مدافعة النظام المجرم قامت ثورتنا، وعلى حماية الدين والعرض والأرض نشأت فصائلنا"، وفق تعبيره. 


وفي تغريدة نشرها على حسابه في تويتر يقول صوفان: "لن تصدنا أية متغيرات عن القيام بواجبنا، ولن نترك رباطنا مهما ثقل الحال علينا، وسنقدم مصلحة شعبنا وثورتنا على كل اعتبار، وعند الله تجتمع الخصوم".


"أمام مشروعين"

 

من جهته يشير الإعلامي السوري، أحمد موفق زيدان أن "أحلام الشعب السوري وتطلعاته ما زالت على ما هي عليه، والدليل أن كل المناطق التي أخضعها الاحتلال لسلطته، وليس النظام نراها تنتفض على صورة جداريات تكتب شعارات ضد الاحتلال والنظام، أو على شكل عمليات وحرب عصابات".


وتعليقا على صراع الفصائل وتضارب مشاريعها، قال زيدان لـ"عربي21": "نحن نرى الآن تقلصا وتراجعا في عدد الفصائل، وبالتالي نحن أمام مشروعين: مشروع إدلب حيث تهيمن هيئة تحرير الشام، ومشروع درع الفرات وغصن الزيتون حيث تهيمن تركيا والفصائل الموالية لها"، متوقعا "حدوث تنسيق بين المشروعين، وربما اندماج في فترة لاحقة". 


ولفت زيدان إلى أن "أحلام الشعب السوري لا تزال هي هي، إذ لا يمكن العيش تحت مظلة عصابة طائفية، تستقوي بقوى الاحتلال المختلفة، أما مسألة الفصائل فأمر طبيعي، وهي موجودة في كل الثورات، حتى يتم الحسم لفصيل واحد، أو يتم الاتفاق فيما بينهم على مشروع واحد". 


"أخطاء الفصائل"

 

بدوره يقول الناشط السوري عبد الله الموسى إن" فصائل الجيش الحر كانت متفقة برؤيتها تجاه مستقبل سوريا، وحققت تقدما لا يمكن إنكاره في مشاريع التوحد، وواجهت النظام وروسيا وإيران وتنظيم الدولة وجبهة النصرة".


وأرجع في حديثه لـ"عربي21" "أسباب الأخطاء التي وقعت فيها تلك الفصائل: إلى أمرين "طبيعة المجتمع السوري الممزق، وهو ما دأب عليه النظام، وانعدام الخبرة في إدارة وتنظيم التشكيلات المعارضة سواء كانت عسكرية أو سياسية".


وردا على سؤال بشأن ماذا تبقى للشعب السوري من تطلعاته، وماذا تبقى للثوار من ثورتهم، قال الموسى: "بقي للثوار إلى جانب المناطق الخاضعة لسيطرتهم بحماية تركية، إيمانهم بالثورة أنها لم تهزم بعد، وأنها في أسوء الحالات أتمت الخطوة الأولى، والتي لا مفر منها عبر سنواتها الماضية".


وأبدى الموسى تخوفه من أن "ما بأيدي الثوار يمكن أن يضيع إذا لم تتدارك المعارضتين السياسية والعسكرية نقاط الضعف، وأوجه النقص فيهما، واستغلال كل ما هو متاح سياسيا وعسكريا وإعلاميا وحقوقيا لتحقيق مزيد من الضغط على النظام".


"وجود الفصائل ضرورة"

 

 إلى ذلك، يشير الكاتب والباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد أبو فرحة إلى أن "الشعب السوري عندما ثار على الطاغية، كانت كلمة الحرية تختصر كل مطالبه"، مستدركا "لكن الحرية معنى واسع وفضفاض، ولا يحمل مشروعا معينا، وقد يغلف بأي توجه، ويوضع في أي إطار". 


وأردف قائلا لـ"عربي21": " وجود الفصائل في ثورة هذا الشعب كان ضرورة لقتال الطاغية، وإن هذه الفصائل جميعها هي التي حررت المدن والقرى والأرياف، ومن الطبيعي جدا أن تختلف مشاريعها، وأن يختلف داعموها، وأن يختلف مفكروها ومنظروها، وهو بالتأكيد مؤلم للشعوب، لكنه بمثابة الشر الذي لا بد منه".
وعن مستقبل الثروة السورية لفت أبو فرحة إلى أن "الأنظار تتطلع إلى ما تبقى من المحرر، ليكون نقطة تجمع للثورة، وبارقة أمل لبقية الشعب الذي يقبع تحت الحكم الطائفي الأسدي، هذا إن أحسنت الفصائل إدارة المناطق المحررة، وهيأت سبل الاستقرار، فسيكون المحرر بمثابة ضوء يلوح في آخر النفق للذين يعيشون تحت قهر النظام".


"فصائل الغلاة"

 

من جانبه يؤكد الأكاديمي السوري أيمن هاروش أن "الصراع الفصائلي تسبب في تراجع الثورة السورية كثيرا، وربما الإجهاز عليها، فحين كانت في أوج انتصاراتها، وكادت أن تجهز على النظام في عقر داره، خرج تنظيم الدولة بخنجره المسموم، وبدأ بقتال الفصائل، فتقلص المحرر كثيرا، وبعدها تتابعت فصائل الغلو بتعدد مسمياتها على إضعاف الفصائل الثورية بقتالها تحت ذرائع وأكاذيب واهية" بحسب عبارته".


وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "المسؤول الرئيس عن ضياع الإنجازات هي فصائل الغلاة، وفروع القاعدة التي طرحت مشروعها المغاير والمعادي للثورة"، مشيرا إلى أنه "لم يبق من بصيص أمل إلا بما بقي من الجيش الوطني في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون المتحالفة مع تركيا لتثبيت وجودها، وإنجاح الحل السياسي للإطاحة ببشار الأسد".


وختم هاروش حديثه بالقول إنه "لم يعد للشعب السوري كلمة ولا رأي، ولم يبق من الفصائل إلا الغلاة، والفصائل المتحالفة مع تركيا، وأن أفضل الممكن في ظل تقاطع وتلاقي المشاريع الدولية المتصارعة على الأرض السورية، نجاح المشروع التركي، القريب جدا من طموحات الشعب السوري، بإنهاء وجود جماعات الغلو وفروعها، والانتقال إلى حل سياسي ينتهي بخروج الأسد من السلطة، ونجاح ذلك مرهون بالحسابات التركية مع الروس والأمريكان".

1
التعليقات (1)
العقيد ابو شهاب
الأربعاء، 23-01-2019 07:45 ص
دعونا نضع النقاط على الحروف و نقوم بتشخيص الواقع كما هو . الثورة فكرة لها هدف محدد و هو أن ينال شعب سوريا حقه في الحرية و العدالة و الكرامة من عصابة أقلية طائفية عينتها أمريكا منذ حوالي نصف قرن فمارست تلك العصابة كافة أصناف القمع و الظلم و الإذلال و الاستبداد . لذلك لا يقال أن الثورة تراجعت ، و الأصح أن يقال أن الثورة لم تنتصر بعد إذ لا يزال الهدف قائماً و سيبقى حتى النصر . لماذا لم تنتصر ؟ هنالك عدة أسباب ذكر بعضها المحللون في الخبر و لكنهم لم يذكروا السبب الرئيسي الأهم و هو أن أمريكا وضعت كل ثقلها من أجل إفشال الثورة : السماح للعصابة النصيرية باستعمال أقصى درجات البطش من دون محاسبة أو عقاب ، منع تزويد الثوار بالأسلحة النوعية ، الأمر بإدخال المليشيات الفارسية متعددة الجنسيات ، الطلب من المرتزقة الروس بالتدخل مقابل الحصول على أموال تدفعها دويلات العرب ، استعمال مخابرات الإقليم من أجل شراء الذمم و اختراق الفصائل الثورية و بث النزاعات بينها و استعمال بعضها لحراسة دمشق من جهة الغوطة الشرقية و الغربية و من جهة حوران الجنوبية ، اختراع داعش و النصرة عن طريق المخابرات الإيرانية ، و توظيف عدة طوائف و اتجاهات يسارية و علمانية في بلاد العرب ضد الثورة . لا يمكن وصف الدواء الصحيح قبل تشخيص الداء بشكل دقيق. فلنتعلم الدرس السياسي جيداً حتى تسيؤ الثورة في طريق النصر "رغم أنوف صناع السياسة الحاقدين في أمريكا على أمتنا الماجدة " .