سياسة عربية

1.3 مليون مصري يتقدمون للهجرة لأمريكا هربا من أوضاع بلادهم

خبير اجتماعي: الهجرة من مصر أصبحت مرتبطة بتدهور الأوضاع في البلاد في جميع المجالات- جيتي
خبير اجتماعي: الهجرة من مصر أصبحت مرتبطة بتدهور الأوضاع في البلاد في جميع المجالات- جيتي

كشف تقرير حكومي أمريكي أن عدد المواطنين العرب الذين تقدموا لبرنامج الهجرة العشوائية إلى الولايات المتحدة المعروف بـ"اللوتاري" خلال عام  2018 بلغ نحو 4 ملايين شخص، منهم 1.3 مليون مصري تقريبا.

وبحسب التقرير المنشور على موقع مكتب الشؤون القنصلية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء الماضي، فإن مجموع المتقدمين من جميع دول العالم بلغ نحو 23 مليون شخص، بزيادة قدرها 4 ملايين مقارنة مع عام 2017 الذي تقدم خلاله 19 مليونا، في حين بلغ إجمالي المتقدمين عام 2016 أكثر من 17.5 مليونا.

الأولى عربيا والخامسة عالميا

وأوضح التقرير أن مصر هي أول دولة عربية تتخطى حاجز مليون متقدم لبرنامج اللوتاري، حيث تقدم مليون و275 ألف مصري للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مقارنة بـ914 ألف شخص العام الماضي، بزيادة قدرها 361 ألف شخص تقريبا، ما جعلها تحتل المركز الخامس عالمياً في قائمة أكثر الدول المتقدمة للبرنامج، بعد غانا بمليونين و227 ألف شخص، وأوزباكستان بمليونين و114 ألف شخص، ثم إيران (أكبر دولة متقدمة من الشرق الأوسط) بمليون و624 ألف شخص، وأوكرانيا في المركز الرابع بمليون و450 ألف شخص.

يشار إلى أن برنامج تأشيرة الهجرة العشوائية (اللوتاري) هو قرعة سنوية للحصول على بطاقة الإقامة الدائمة بالولايات المتحدة، المعروفة باسم "البطاقة الخضراء"، لمواطني الدول ذات معدلات الهجرة المنخفضة للولايات المتحدة.

وشهدت أعداد المصريين المتقدمين لبرنامج الهجرة تذبذبا في السنوات العشر الأخيرة، حيث سجلت 914 ألف مصري في 2017، و512 ألف في 2016، و763 ألف في 2015، و847 ألف في 2014، و960 ألف في 2013، و780 ألف في 2012، و534 ألف في 2011، و642 ألف في 2010، و648 ألف في 2009، و636 ألف في 2008.


ورفعت الولايات المتحدة حصة مصر إلى نحو 4500 تأشيرة تقريبا في 2017 بعد أن كانت 4000 تأشيرة في 2016 من تأشيرات الهجرة العشوائية البالغة 55 ألف تأشيرة سنويا على مستوى العالم.

"رقم مفزع"

وتعليقا على هذه الإحصائية، قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة الأزهر، طه أبو حسين، إن الهجرة بوجه عام ليست أمرا سيئا، حيث تعدّ سلوكا بشريا مستقرا ومتوارثا عبر التاريخ، وكانت سببا في تبادل ثقافات وتأسيس حضارات متعددة، لكن الهجرة من مصر ارتبطت في السنوات الأخيرة بظاهرة سلبية تعاني منها البلاد.

وأكد أبو حسين، في تصريحات لـ "عربي21"، أن هذا الرقم "مفزع، ويجب أن تتوقف عنده الحكومة لدراسته، واتخاذ الخطوات الفعلية لتقليل أسباب هذه الهجرة الكبيرة من البلاد، مضيفا أن 1.3 مليون مصري هم فقط من تمكنوا من استيفاء الشروط التي وضعتها الحكومة الأمريكية للتقدم لبرنامج الهجرة، ومن المؤكد أن هناك أعدادا كبيرة أخرى كانت تريد الهجرة، لكن الشروط لم تنطبق عليها، كما أن هناك مواطنين آخرين تقدموا للهجرة إلى دول غربية أخرى، فضلا عن الآلاف الذين يحاولون الهجرة بطريقة غير رسمية".

وأضاف أن "الهجرة من مصر أصبحت مرتبطة بتدهور الأوضاع في البلاد في جميع المجالات، ولا يخفى على أحد أن الأجواء في مصر أصبحت طاردة للعقول المتميزة وأصحاب المهارات والخبرات، حتى أصبح مستقرا في وجدان الغالبية الساحقة من الشعب أن النجاح في أي مجال لا يتم إلا بعد الخروج من مصر".

وحول أسباب تزايد أعداد الراغبين في الهجرة من مصر بهذه الصورة الهائلة مؤخرا، قال أبو حسين إن "غالبية الشعب المصري من الشباب، ونسبة كبيرة من هؤلاء الشباب يبحثون عن حياة أفضل خارج البلاد؛ للهرب من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتدهورة التي تمثل ضغطا كبيرا عليهم"، محذرا من أن "استمرار هذه الأعداد الضخمة في الهجرة من مصر سيفاقم من ظاهرة تفريغ الكفاءات، وفقدان العقول سيكون له تأثير سلبي على تحسن الأحوال المعيشية في البلاد".

"شعارات جوفاء"

ولفت طه أبو حسين إلى أن هذا التزايد الكبير في أعداد المهاجرين من مصر يرتبط أيضا بحوافز وتشجيع من الطرف الآخر لاجتذاب المهاجرين من ذوي الكفاءات والمهارات الخاصة، حيث تقدم الدول الغربية العديد من المميزات المادية والمعنوية لتجعل المهاجر حريصا على الانتقال إلى هذه المجتمعات.

وأشار إلى أن "بقاء أصحاب الكفاءات الخاصة داخل بلادهم، ورفضهم إغراءات الهجرة إلى الغرب، يتم إما عبر توفر الوازع الوطني لديهم، أو تقديم محفزات مالية ومعنوية مناسبة لهم، وهذان الأمران، للأسف الشديد، غير موجودين في مصر".

وشدد أن "مسؤولية توفير هذه العوامل يقع على عاتق الأنظمة الحاكمة، التي يجب عليها أن تفتح للشباب نافذة أمل، وأن تتخذ خطوات حقيقية تشعرهم بأنهم يمكن أن ينجحوا ويحققوا طموحاتهم في بلادهم"، موضحا أن "الحكومة تكتفي حتى الآن بترديد الشعارات الجوفاء التي أصبحت لا تقنع أحدا، أو تطالب الشعب بالصبر والتضحية من أجل بلاده، بينما يتم احتكار الثروة والنفوذ والوجاهة الاجتماعية في يد قلة قليلة من المقربين للسلطة".

التعليقات (0)