ملفات وتقارير

تصفية أم اشتباك؟ حقيقة ما يجري في شمال سيناء بمصر

هناك تعليمات أمنية بعدم صدور أي تقرير طبي من المشرحة به ذكر مثل تلك الأدلة التشريحية- جيتي
هناك تعليمات أمنية بعدم صدور أي تقرير طبي من المشرحة به ذكر مثل تلك الأدلة التشريحية- جيتي
أكد مصدر طبي لـ"عربي21" أن جثث قتلى العمليات الأمنية في شمال سيناء، التي تصل لمشرحة مستشفى الإسماعيلية، قتلت بإطلاق الرصاص عليها من مسافة قريبة في الرأس والصدر، وأنها في العديد من الحالات تكون نافذة وخارقة.

وكشف أن "العديد من الجثث التي تم تشريحها ظهرت عليها آثار تعذيب في أماكن متفرقة، وأخرى ظهرت عليها آثار قيود، خلافا لما قيل إنهم قتلوا في اشتباكات مباشرة مع قوات الأمن أو الجيش"، مشيرا إلى أن آخرها كانت جثث سبعة قتلى في أبريل الماضي".

وشدد المصدر أن "هناك تعليمات أمنية بعدم صدور أي تقرير طبي من المشرحة فيه ذكر مثل تلك الأدلة التشريحية، التي تثبت قطعا أن قتلهم كان مقصودا ودون مقاومة تذكر، كما أن العديد من الجثث لم تكن بها أي تشنجات نتيجة حمل السلاح".

وأكد المصدر أن "بعض الجثث التي يتم تسلميها إلى ذويهم يحظر عليهم إقامة أي جنازات، أو طلب أي تقرير جديد لتشريح الجثة، ويفرض عليهم إجراءات أمنية مشددة، وغاليا ما يتم تسليمها فجرا أو قبل ذلك بقليل؛ لضمان سرية الاستلام"، واصفا أجواء تسليم الجثث "بالمرعبة".

ضحايا الاختفاء

وعلق مدير مركز إنسانية العالمي في إسطنبول، أشرف عبد الغفار، بالقول: "للأسف الشديد هذه هي الحقيقة المُرة، حتى الآن نعرف 2300 شخص مختف قسريا، لا يعرف أحد مكانهم إلا عند حدوث طارئ أمني، فيظهرون كقتلى؛ للتغطية على موقف أو اصطناع موقف، ثم يصدر بيان أمني عن مواجهات وهمية تمت وسقط فيها عدد تلو الآخر".

وأضاف لـ"عربي21" أن "العجب الآن أن السلطات باتت تمتنع عن ذكر أسماء من تمت تصفيتهم خلال المواجهات الوهمية، ويضطر أهالي أغلب المختطفين أن يذهبوا إلى المشارح في كل مرة للتعرف على الجثث، حتى أن المشرحة تدعي أنها لا تعرف الأسماء".

ولم يستبعد أن تكون "أغلب الجثث في مستشفى الإسماعيلية أو مستشفيات القاهرة هي لهؤلاء المختطفين، تحت زعم سقوطهم في اشتباكات مع الأمن أو الجيش، وقد تأكد لنا أن قتلى هذه العمليات من المختطفين قسريا، أي أنهم كانوا في حوزة داخلية الانقلاب".

أدلة تدين النظام

من جهتها، قالت الصحفية المهتمة بالشأن الحقوقي، مي الورداني، لـ"عربي21"، إنها "ليست الواقعة الأولى التي تقوم الداخلية بفبركتها؛ فقد اعتاد الأمن المصري خلال السنوات الخمس الماضية إصدار بيانات صحفية تكاد تكون متطابقة، تؤكد أن قتل المطلوبين تم بعد اشتباكات معهم، ما اضطرها إلى قتلهم جميعا".

وكشفت أن "الصور التي تتداولها وزارة الداخلية خير دليل على أن الضحايا قتلوا بعيدا عن موقع التصوير، وتم إحضار الجثث إلى هذا المكان؛ للإيحاء بوقوع اشتباك مسلح، ولا ننسى أيضا الفيديو الذي أذاعته قناة "مكملين" عام 2017، الذي يظهر جنودا في الجيش المصري يقتلون معتقلين معصوبي الأعين في سيناء، ثم يضعون بجوار جثامينهم أسلحة آلية، وتم نشر صورهم لاحقا في بيان رسمي للمتحدث العسكري، باعتبارهم مسلحين تم قتلهم في اشتباك، وقد أكدت منظمة العفو الدولية صحة هذا الفيديو".

وأردفت: "وهنا لا بد أن أستشهد ببيان لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، الذي أكدت فيه أن العديد من حوادث التصفية الجسدية في مصر بدا أنها عمليات قتل خلال إطلاق نار مُدبر خارج إطار القانون، شملت أشخاصا كانوا قد احتجزوا سابقا على أيدي قوات الأمن".

وحذرت الورداني من أن "مصر أصبحت أمام واقع مرير؛ فأهالي المعتقلين باتوا يخافون الآن من مصير ذويهم إذا ما تم الإعلان عن الإفراج عنهم، فيختفون قسريا، ثم يظهرون "جثث" عليهم الاستدلال عليها، مثل ما حدث مؤخرا في مصير الـ40 الذين تم تصفيتهم بدعوى تورطهم في تفجير المريوطية، وقبلهم في تفجير المنيا".

وتابعت: "ما أراه أن الأجهزة الأمنية ترتكب جرائم التصفية الجسدية للتغطية على فشلها من ناحية، ولتقديمهم كبش فداء لبعض العمليات المسلحة من ناحية أخرى، محاولة انتزاع دور البطولة في القضاء على ما يسمى "الإرهاب"، الذي يصنعونه يوما بعد يوم بأفعالهم وبشلال الدم، الذي لم يتوقف منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013.
التعليقات (1)
محمد يعقوب
الخميس، 10-01-2019 07:03 ص
تسليم الجثث يتم فجرا ويحظر على ألأهل إقامة جنازات ، أو طلب تشريح الجثة!!! تماما كما تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية!!! هذا هو التنسيق ألأمنى بين السيسى ونتنياهو لإفراغ سيناء من أهلها وتحضيرها وطنا بديلا للفلسطينيين!