سياسة عربية

وثائق تكشف تذمر وغضب قضاة مصر من ارتفاع الأسعار (شاهد)

قضاة المحاكم الابتدائية طالبوا بمساواتهم بعلاوات باقي القضاة- جيتي
قضاة المحاكم الابتدائية طالبوا بمساواتهم بعلاوات باقي القضاة- جيتي

في مفارقة مثيرة، اشتكى قضاة مصريون من تدهور أحوالهم المعيشية وتذمرهم من زيادة الأسعار بالبلاد، وغضبهم من عدم المساواة مع قضاة آخرين، وتمييز قضاة "مجلس الدولة" و"النيابة الإدارية" و"محاكم النقض"، عن قضاة "المحاكم الابتدائية".

وطالب القضاة من "المجلس الأعلى للقضاء" في خطاب وصل "عربي21"، نسخة منه؛ دعمهم بإعانة عاجلة اعتبروها للضرورة القصوى، وداعين المجلس لتحقيق ما أسموه بـ"المساواة الإيجابية" بينهم، وبقرار حاسم بشأن فروق العلاوات بين بعض القضاة، محذرين من أزمة محتملة واستياء عام وفتنة داخلية تهدد وحدة القضاة.

وفي الوقت الذي يشكو فيه القضاة من سوء أوضاعهم وعدم المساواة؛ يعاني ملايين المصريين من أزمات معيشية طاحنة بسبب سياسات النظام العسكري الحاكم السياسية والاقتصادية والتي أدت خلال السنوات الماضية لزيادة نسب الفقر بالبلاد لأكثر من 30.2 بالمئة من الشعب الذي يبلغ تعداده نحو 98 مليون نسمة بالداخل.

والمثير أن ذلك التذمر بأوساط القضاة في مصر يأتي رغم ما يميزهم به النظام العسكري الحاكم من مكافآت وعلاوات وبدلات ومخصصات شهرية وسنوية، حيث دأب على زيادة رواتب القضاة منذ الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو 2013. ومنتصف 2018، حصل قضاة الاستئناف على زيادة برواتبهم 5 آلاف جنيه بأثر رجعي لمدة عام، مع مساواتهم بقضاة محكمة النقض، إلى جانب العلاوة السنوية.

وفي منتصف 2017، قرر مجلس القضاء الأعلى زيادة رواتبهم ما بين 2600 و4200 جنيه، وفي نيسان/ أبريل 2016، زادت رواتب القضاة ما بين 5 آلاف و7 آلاف جنيه شهريا، فيما زادت في منتصف 2015، بنسبة 30 بالمئة.


ويتقاضى القضاة أيضا، مكافآت سنوية مع "المولد النبوي" و"عيد الأضحي" و"عيد الفطر" وبداية "العام الدراسي"، مع بذل مجهودات إضافية في يناير ومارس وأغسطس من كل عام، بجانب ما يحصلون عليه من مكافآت أثناء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وتذمر القضاة، كشفه خطاب مؤرخ بتاريخ 4 كانون الثاني/ يناير الجاري، أرسله رئيس نادي قضاة مصر ونائب رئس محكمة النقض، المستشار محمد عبدالمحسن، إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة النقض، المستشار مجدي أبوالعلا، ملتمسا من مجلس القضاء الأعلى "رفع المعاناة عن القضاة فيما يتعرضون له في الفترة الأخيرة بسبب الغلاء".

عبدالمحسن طالب بخطابه استعادة "ما انتقص من حقوقهم من فروق الترقيات والعلاوات"، إضافة إلى إزالة "شعورهم بعدم المساواة مع بعض الهيئات القضائية الأخرى"، مشيرا إلى أنه استشرى أخيرا بين القضاة شعور بعدم المساواة داخل السلطة القضائية ذاتها".

وحذر رئيس نادي القضاة، مما أسماه بخطابه "بوادر أزمة، واستياء، وفتنة داخلية، تهدد وحدة القضاة وحسن سير العدالة"، مضيفا بقوله: "بحكم تواصلنا كناد للقضاة مع جموع القضاة وما استشعرناه من بعض الضيق لديهم نرفع الأمر للمجلس الأعلى للقضاء".

وحدد القضاة 3 مطالب على لسان رئيس ناديهم داعين أولا: لـ"تحقيق المساواة الإيجابية بين الجميع"، مؤكدين أن ذلك "لا يتأتى للقضاة في ظل نظام قضائي يحتاج إلى الإصلاح إلا عن طريق عقد جلسات مسائية كعمل إضافي تحقيقا للعدالة والمساواة ومضاعفة الفترات المسائية لأعضاء النيابة العامة أو بالآلية الأفضل التي يراها مجلس القضاء الأعلى".

كما طالبوا ثانيا عبر خطابهم مجلس القضاء الأعلى بـدعمهم بإعانة عاجلة للضرورة القصوى بجلسة المجلس الأعلي للقضاء يوم 6 كانون الثاني/يناير الجاري، لحين إقرار تسوية.

القضاة دعوا أخيرا لاتخاذ "قرار حاسم بشأن فروق العلاوات"، مؤكدين أن ذلك "يعيد حقوق القضاة"، موضحين أن ذلك المطلب يأتي "أخذا بمضمون فتوى الجمعية العامة للفتوى والتشريع بمجلس الدولة والتي انتهت لعدم انطباق قوانين الموازنة العامة للدولة وقانون الخدمات المدنية على الفئات المستثناة ومنها السلطة القضائية".

وختم رئيس نادي قضاة مصر، المستشار محمد عبدالمحسن خطابه قائلا: "نحن على يقين من أن جميع السادة القضاة ورجال النيابة العامة سيتفهمون ما تتخذونه من قرارات".

وفي تعليقه على ما وصفه الخطاب من حالة استياء بين القضاة وغضبهم من ارتفاع الأسعار وحاجتهم لإعامة مالية عاجلة، قال القاضي المصري محمد سليمان، إن "القضاة ما أيدوا الانقلاب العسكري الحاكم وساندوه ودعموا الباطل واستشرى الظلم على أيديهم إلا خشية الفقر؛ فجعل الله فقرهم بين أعينهم وجاء اليوم الذي يعلنون فيه جهارا نهارا أنهم يلتمسون إعانة عاجلة اليوم قبل الغد".

وأوضح المستشار سليمان، أن حديثهم عن عدم المساواة بين القضاة وشكوى بعضهم من تمييز قضاة آخرين بالبدلات والعلاوات، "يقصدون أن قضاة مجلس الدولة والنيابة الإدارية تقرر لهم مكافآت في مناسبات معينة مثل المولد النبوي ولم تصرف لهم".

وأكد أن "قضاة محكمة النقض كذلك تصرف لهم مكافآت لا تصرف لغيرهم، ومن يشكون الآن هم رجال القضاء العادي"، مشيرا إلى أن "المستحقات الشهرية للقاضي العادي بالمحاكم الإبتدائية في حدود 18 ألف جنيه، وإذا احتسبت بالمكافآت التي تصرف على فترات على مدار العام سيكون المتوسط الشهري 25 ألف جنيه".

وأضاف أن رواتب قضاة محاكم النقض ومجلس الدولة أعلى بكثير من القاضي العادي، كما أن رواتب قضاة مجلس الدولة تتدرج حسب الدرجة لكنهم يصرفون مكافآت مالية ودورية أكثر من رجال القضاء العادي".

وقال سليمان، إن الخطاب موجه من نادي القضاة لمجلس القضاء الأعلى لما له من صلاحيات مالية، مبينا أن "المجلس هو القائم على ميزانية القضاة ورئيس مجلس القضاء له صلاحيات وزير المالية بشأن ميزانية السلطة القضائية، ومن صلاحياته صرف مكافآت للقضاة خلاف رواتبهم".

 

 

التعليقات (0)