ملفات وتقارير

ما حقيقة الموقف الأمريكي من تمدد إيران في المنطقة؟

الشلبي: إيران استفادت من ضعف الدول العربية من جهة، كما استفادت من التراجع الأمريكي في المنطقة- جيتي
الشلبي: إيران استفادت من ضعف الدول العربية من جهة، كما استفادت من التراجع الأمريكي في المنطقة- جيتي

تتباين الآراء والتحليلات في تفسير موقف الولايات المتحدة الأمريكية من التمدد الإيراني في المنطقة، بين من يرى أنه إنجاز إيراني يتناسب مع قدرات إيران ونفوذها الإقليمي، وبين من يفسره على أنه يأتي في سياق تفاهمات أمريكية إيرانية، حددت سقوف التمدد الإيراني في المنطقة، وتوظفه أمريكا كورقة ضغط لاستنزاف ثروات دول الخليج العربي.


وثمة رأي ثالث يفسر سكوت أمريكا عن زيادة النفوذ الإيراني بتمددها في المنطقة إلى وجود توجهات أمريكية تهدف إلى توريط إيران في حروب مكلفة؛ لاستنزافها على المدى الطويل، ويعزز أصحاب ذلك الرأي تفسيرهم بما يقال عن إرهاصات انهيار النظام الإيراني من داخله.  


أمريكا وإيران: عداء وتعاون


ووفقا للكاتب والباحث المصري أسامة الهتيمي، فإن "العلاقة بين أمريكا وإيران تتخذ وجهين؛ أحدهما ظاهر يتسم بالعداء، والآخر خفي يتسم بالتعاون وتبادل المصالح، غير أن الوجه الأول من هذه العلاقة يطغى على الثاني عندما تتعارض المصالح، وتسعى إيران للتمرد على بيت الطاعة الأمريكي".


وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "وحينذاك لا يكون أمام واشنطن إلا ممارسة حزمة من الضغوط؛ بهدف إعادتها مجددا دون رغبة حقيقية في انهيار النظام الإيراني، الذي كان ومنذ وجوده في نهاية السبعينيات من القرن الماضي ورقة وظيفية نجحت أمريكا عبرها في تحقيق الكثير من الأهداف الإستراتيجية والأمنية والاقتصادية في المنطقة".

 

اقرأ أيضا: رئيس الأركان الإيراني يزور جزيرة أبو موسى الإماراتية ويهدد

وتابع: "ويبرز في مقدمة تلك الأهداف توفير الأمن للكيان الصهيوني، بعد أن تم استنزاف طاقات دول المنطقة في مواجهة المشروع الفارسي بدلا من التركيز على القضية المركزية وهي القضية الفلسطينية".


ووصف الهتيمي "التمدد الإيراني في المنطقة بأنه أحد أهم الأدوار المهمة التي تقوم بها إيران رغم الادعاء الأمريكي بمحاربته، كون ذلك التمدد أصبح فزاعة تبتز بها أمريكا ثروات المنطقة، وهو في نهاية الأمر يخدم المصالح الأمريكية".


ورأى الهتيمي أن "السماح لإيران بهذا التمدد في المنطقة يحقق هدفا آخر، يتعلق بإبقاء إيران في دائرة الاستهداف العربي لأسباب كثيرة، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو قومي، ومنها ما عقدي وهو الأهم بسبب تبني المشروع الإيراني للمذهب الشيعي الإثني عشري الذي يصطدم مع عقيدة الأغلبية في المنطقة، الأمر الذي يديم حالة الصراع ويجعلها مفتوحة".


صعود إيران نتيجة الضعف العربي


من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الهاشمية في الأردن، الدكتور جمال الشلبي، "إن صعود إيران وتمددها في المنطقة العربية يأتي نتيجة الفراغ الذي تعيشه المنطقة منذ 2003، وهو يزداد ويتوسع، فإيران بما تمتلكه من مشروع إقليمي استغلت ذلك، ووظفته لصالحها". 


ونفى الشلبي في حديثه لـ"عربي21" "وجود توافقات أمريكية إيرانية في المنطقة العربية"، واصفا ذلك بأنه "لا يعدو أن يكون جزءا من الدعاية العربية لتبرير حالة الضعف السائدة لدى الدول العربية، وهي بمثابة كلمة حق يراد بها باطل"، على حد قوله.


ولفت الشلبي إلى أن إيران استفادت من ضعف الدول العربية من جهة، كما استفادت من التراجع الأمريكي في المنطقة والعالم من جهة أخرى، فأمريكا لم تعد "شرطي العالم" كما أكدّ ذلك قبل أيام الرئيس الأمريكي ترامب من بغداد، لأنها تمر بأزمات داخلية، وهي في حالة تراجع دائم". 


وأشاد الشلبي بقدرة الإيرانيين على امتصاص الضربات القوية الموجهة لهم، ومرونتهم العالية في التكيف الإيجابي مع العقوبات المفروضة عليهم، وهو ما يقوي اعتمادهم على أنفسهم، اقتصاديا وعسكريا، مستبعدا أن تتمكن أمريكا من استنزاف إيران على المدى الطويل، بسبب التراجع الأمريكي من جهة، وذكاء الإيرانيين السياسي وبراعتهم في إدارة الأزمات من ناحية أخرى".

 

وطبقا للشلبي، فإن "إيران بنفوذها وقوتها أصبحت حجر الأساس في المحور الدولي الذي يتشكل حاليا، والممتد من بكين وموسكو، وأنقرة.. حتى ولو كبدها ذلك أموالا كبيرة من ثروتها جراء صعودها الحالي". 

 

اقرأ أيضا: إيران تكشف عن محادثات أجرتها مع وفد من طالبان بطهران

يُذكر أن من الآراء المتداولة في تفسير حقيقة الموقف الأمريكي من التمدد الإيراني افتراض وجود توجهات أمريكية تسعى لاستنزاف إيران على المدى الطويل، وهو ما عبر عنه القيادي السابق في جبهة النصرة السورية، صالح الحموي، صاحب الحساب المشهور "أس الصراع في الشام" على تويتر.

 

ففي تغريدة له، نشرها الخميس الماضي عبر الحساب المذكور، قال الحموي: "الذي ينظر بعمق وراء الأحداث يعلم أن السبب الأول لسماح أمريكا لإيران بالتمدد في سوريا ولبنان واليمن هو استنزافها طويل الأمد، واليوم تقول فائزة بنت علي أكبر هاشمي رفسنجاني: النظام الإيراني ينهار من الداخل"، وهناك احتمال انهياره بشكل كامل فاصبروا وتفاءلوا"، واصفا ذلك الصبر بـ"الصبر الاستراتيجي". 

 

إيران فرضت تمددها

 

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي الأردني، حازم عياد، "إن الموقف الأمريكي من تمدد إيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان يتسم بالتخبط والعجز، ويبرز مدى فقدان الإدارات الأمريكية المتعاقبة للاستراتيجيات الثابتة، يضاف إلى ذلك كله ضعف حلفاء أمريكا في المنطقة، ما أتاح لإيران بسط النفوذ وسهولة التمدد". 

 

وأشار عياد إلى أن "تباين وجهات نظر مؤسسات صنع القرار في أمريكا بخصوص الشأن الإيراني انعكس سلبا على الموقف الأمريكي من التمدد الإيراني في المنطقة، وجعلها عاجزة وقاصرة عن احتوائه، أو مواجهته مواجهة قوية وفاعلة".

 

وتعليقا على ما يقال من أن التمدد الإيراني في المنطقة يأتي في سياق تفاهمات أمريكية إيرانية، أوضح عياد لـ"عربي21" أن تلك التفاهمات محدودة، وليست دائمة ومفتوحة، ففي أفغانستان تعاونت أمريكا مع إيران، ثم وقع الصراع بينهما فيما بعد، وكذلك كان الحال في العراق".

 

وختم حديثه بالتنبيه إلى "ضرورة ملاحظة وجود تضارب استراتيجي كبير بين أمريكا وإيران؛ لأن إيران لديها مشروعها الخاص بها، وهي تسعى بكل إمكاناتها وقدراتها لفرضه على المنطقة، وبالتالي فمن السذاجة القول بأن أمريكا سمحت لإيران بالتمدد في المنطقة؛ لأن إيران فرضته بقوتها نتيجة التخبط الأمريكي والضعف العربي".

التعليقات (1)
رائد خير
الثلاثاء، 01-01-2019 11:34 ص
الأسرة البهلوية التي حكمت إيران كانت صناعة بريطانية . بعد خروج أمريكا من عزلتها عقب الحرب العالمية الثانية ، تقدمت لترث "ممتلكات" الإمبراطورية البريطانية و من ضمن ذلك إيران . أدركت أمريكا أن سيطرة الشاه محمد رضا بهلوي راسخة و أن بلاده هي مركز مهم للماسونية و أن لديه جهاز مخابرات قوي "السافاك" و أن ضباط الجيش موالون له. عملت باتجاهين : مساعدات عسكرية جزء منها مجاني و اختراق لرجال الدين الشيعي . في مطلع ستينات القرن الماضي ، انتقد الخميني الوضع في إيران فاخطأ الشاه و أعطاه "كما اعترف" تذكرة سفر باتجاه واحد لأن أمريكا جعلته بؤرة جذب لاصطياد غيره. المساعدات العسكرية اقتضت دورات تدريب و أركان للضباط في أمريكا و فيها جرى تجنيد ضباط كثيرون من سلاح الطيران على الأخص. في نهاية السبعينات ، نضج الوضع و حصلت احتجاجات شعبية واسعة و صار الخميني يرسل أشرطة "كاسيت" لتأجيج الوضع . السفير الأمريكي في طهران ، حينئذ ، نصح الشاه نصيحة شيطانية و هي تقوية السافاك أي زيادة القمع فسقط قتلى كثيرون. من دون سابق إذن ، طار الجنرال "روبرت هايزر" قائد القوات الأمريكية إلى طهران و توجه من المطار إلى قصر الشاه في عام 1979 ليطلب منه تحديد موعد مغادرته لإيران و تحدث الشاه عن ذلك في مذكراته. غادر الشاه مطار طهران و هو يبكي ، و طار الخميني من باريس إلى طهران و أثناء نزوله من الطائرة ، أحاط به ضباط سلاح الجو عملاء أمريكا حتى لا يتم اغتياله. في بداية الانقلاب ، لعب (مهدي بزارجان) عميل أمريكا المعروف دوراً أساسياً في تسيير الحكم و في منح المناصب فأصاب في جزء و أخطأ في جزء . خدم الخميني أمريكا خدمات جليلة تمثلت في : 1) تحويل التشيع من مذهب إلى دين . 2) تعزيز القومية الفارسية . 3) ترسيخ كراهية العرب . هذه الأمور أدت إلى أمر بعدها ، و هو "تصدير الثورة" الذي تبنته عباءات الدجل الكهنوتي و هذا يعني تخريب بلاد العرب و إثارة الفوضى و الفتن . لقد كان هذا هو الدور الوظيفي الذي أوكلته أمريكا للفرس فقاموا بضرب العراق ثم ساعدوا الأمريكان على احتلاله و منحتهم أمريكا العراق ليحكموها نيابة عنهم. تمددت إيران إلى لبنان و إلى اليمن و إلى سوريا خدمة لسيدها الأمريكي . كل ما ينشر عن خلاف بين أمريكا و إيران هو كذب و هراء ، فأثناء الحرب العراقية الإيرانية أمدت أمريكا إيران بالسلاح ضمن ما يغرف بفضيحة "إيران كونترا أو إيران غيت". من أجل تحليل جيد لسلوك بلد معين ، ينبغي أن تكون هنالك معرفة حقيقية بالجذور و أن لا يقوم المرء بترديد تضليل الآلة الإعلامية الضخمة التي تخدم الأمريكان . عندها ستعلم ، أخي القارئ ، حجم الخداع و الدجل الذي يمارسه صناع القرار في أمريكا.