كتب

"لأنني أحبّك".. هكذا يستطيع الانسان أن يتجاوز أبشع مآسيه

رواية لأنني أحبك
رواية لأنني أحبك

لأنني أحبك (رواية)
المؤلف: غيوم ميسو
ترجمة: محمد عثمان
الناشر: المركز الثقافي العربي/ الدار البيضاء - المغرب
الطبعة الأولى (2012)
عدد الصفحات: 320


تمثل رواية "لأنني أحبك" لمؤلفها الفرنسي غيوم ميسو محاولة جادة لإقناع الانسان بأن لديه القدرة الكامنة التي يستطيع بفضلها أن يتجاوز أبشع المآسي وأكبر الخسائر في حياته، وأن بمقدوره تحمل هذه الخسارات والمآسي على عظمها وعمق تأثيرها، ولديه القدرة على إكمال حياته بعدها، لأن قطار الحياة لا يمكن أن يتوقف عند محطة بعينها.


يفقد مارك أغلى وأثمن ما في حياته، وهو ابنته الوحيدة ليلى التي تختفي ذات يوم في مركز تجاري ضخم بمدينة "لوس أنجلوس" الأمريكية التي تضج بالبشر والسيارات والتلوث، فتتوقف عند ذلك عجلة الحياة فيقضي سنوات عمره باحثا عنها، وعندما يدب فيه اليأس يلجأ للعيش في العالم السفلي بمدينة نيويورك فيقضي بين المشردين والمدمنين سنوات طويلة من عمره دون أن تتمكن زوجته نيكول من الوصول اليه أو الاستدلال على مكانه، والسبب في ذلك ببساطة أن منزله لم يعد مكانا صالحا للعيش بدون طفلته ليلى التي هي محبوبته الأولى والأخيرة.

 

لم يكن مارك ليقبل مطلقا فكرة أن طفلته الوحيدة قد ماتت وأنه فقد أغلى ما يملك في هذه الحياة، فما كان من زوجته نيكول وصديقه الطبيب النفسي الدكتور كونور إلا ان حاكا مؤامرة لإعادته الى الحياة، وذلك عبر جلسة علاج جماعي خضع لها مارك وأليسون وإيفي.. كان الثلاثة يعيشون خارج إطار الحياة، وكانت مهمة كونور صاحب كتاب (البقاء على قيد الحياة) هو إعادتهم الى الحياة من جديد. 

 

نجحت الزوجة ومعها الطبيب الذي هو صديق الطفولة لمارك في إقناعه بأن الطفلة قد ماتت، وأنها لن تعود الى الحياة مجددا وأن عليه تقبل الخسارة، أما أليسون فنجح كونور في إعادتها الى الحياة ولكنها أصبحت شخصا آخر غير ذلك اللامبالي المتهاوي الذي قام بدهس الطفلة وقتلها، أما إيفي فتخلت أخيرا عن فكرة الثأر التي كانت تهيمن عليها، لأن الثأر ببساطة لن يعيد لها أمها التي ووريت الثرى وأصبحت في الدار الآخرة. 

 

في رواية "لأنني أحبك" تتجلى أيضا العدالة الغائبة في هذا العالم، وكيف يفقد الفقراء أهم حقوقهم بسبب العوز وقلة المال، فالفتاة المراهقة إيفي فقدت أغلى ما تملك في هذه الحياة وهي أمها بسبب أن الأم كانت بانتظار متبرع بالكبد، وعندما عثرت على بصيص الأمل بالحياة جوبهت بطبيب منعدم الضمير قبض 200 ألف دولار كرشوة من أجل أن يقدم الكبد لسيدة أخرى مريضة، لكن إيفي علمت بذلك بعد وفاة والدتها ودفنها.. فقررت الانتقام من الطبيب بقتله. 

 

المفارقة أن كونور ذاته كان في طفولته قد تعرّض لجريمة بشعة كادت تودي بحياته في أحد الأحياء الفقيرة بشيكاغو، وعندما أفلت من الموت انتقم من الفاعلين، واستولى على أموالهم وفر هاربا الى نيويورك التي ابدع فيها وأسس فيها عيادة كبيرة لعلاج المرضى النفسيين، ومن بينهم أولئك المولعين بشهوة الانتقام.

 

"لأنني أحبك" رواية محكمة الأحداث بدأت فصولها في ليلة عيد الميلاد المثلجة بأحد شوارع نيويورك في العام 2005، وانتهت في آذار/ مارس من العام التالي بعودة الأبطال الثلاثة الى الحياة، عودتهم الى الحياة الطبيعية، بعد أن اقتنعوا بأن أحبابهم الذين فقدوهم لا يمكن أن يعودوا، أما الحياة فيمكن أن تستمر على الرغم من هذه الخسارات القاسية.. عاد مارك الى منزله وزوجته وأنجب منها أطفالا آخرين أحبهم مثلما أحب ليلى تماما.. وتزوجت أليسون وعادت الى حياتها.. أما إيفي فأصبحت سيدة جميلة بعد أن تخلت عن شهوة الثأر والانتقام والقتل المجنون.

التعليقات (1)
مصري جدا
الخميس، 27-12-2018 09:56 ص
نحتاج دوما لحطات استراحة في حياتنا المتعبة ،،، نقرأ او نشاهد او نسمع شيئا آخر غير السياسة والإقتصاد والإعلام ،،، قد تكون رواية مليئة بالأفلام والآمال معا ،، تحرك المشاعر التي جمدتها لعنة السياسة ،، وتنير العقل الحائر بضباب المشهد ،،