ملفات وتقارير

2018.. هكذا أحكمت المخابرات المصرية قبضتها على الإعلام

خبراء: المخابرات المصرية نجحت في الاستحواذ على وسائل الإعلام لكنها فشلت في امتلاك الجمهور- جيتي
خبراء: المخابرات المصرية نجحت في الاستحواذ على وسائل الإعلام لكنها فشلت في امتلاك الجمهور- جيتي

شهد عام 2018 إحكام المخابرات المصرية سيطرتها على مفاصل الإعلام المصري دون منافس، وإزاحة جميع رجال الأعمال من على سدة قنواتهم الفضائية، من خلال شراء شبكات تلفزيونية، ثم إغلاق بعضها وتغيير إدارة البعض الآخر.

وأنفقت المخابرات مليارات الجنيهات في سبيل تحقيق رؤية رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في 2014 بامتلاك "أذرع إعلامية" عبر امتلاك شركات إعلامية وإعلانية كبرى لشراء مجموعة القنوات التي انطلقت سواء قبل ثورة 25 يناير، أو بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013.

وهيمنت قنوات "أون تي في" و "سي بي سي" و"الحياة" على الساحة الإعلامية ما بين تلك الفترتين كأبرز مجموعة قنوات، وأكثرها مشاهدة، وكلها كانت تابعة لثلاثة رجال أعمال معروفين هم رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس، ورجل الأعمال محمد الأمين، ورجل الأعمال السيد البدوي.

وهي الخطوة التي انتقدتها منظمة "مراسلون بلا حدود"، ومقرها باريس، في أيلول/ سبتمبر 2017، واعتبرتها خطوة مقلقة نحو سيطرة المخابرات على الإعلام المصري، وذلك في تقرير بعنوان "مصر: حينما تبسط المخابرات سيطرتها على الإعلام".

خطوة للخلف

لكنها وفق إعلاميين وخبراء تحدثوا لـ"عربي21" لم تكن خطوات موفقة، على الرغم من إنفاق مليارات الجنيهات، بل فشلت في تحقيق أهدافها، ودفعت الجمهور إلى متابعة قنوات الثورة في الخارج مثل قناة مكملين والشرق ووطن التي تبث من الخارج، وتحظى بمتابعة واسعة.

وفي آيار/ مايو 2017، كشف تقرير شركة "إبسوس" العالمية لأبحاث التسويق، عن تصدر قنوات الثورة بالخارج، قائمة الأعلى مشاهدة مقابل تراجع قنوات مصرية تبث من الداخل موالية، وهو ما اعتبره مراقبون انتكاسة لجهود السيسي في صنع "أذرع إعلامية" ذات مصداقية.

وهو ما جاء على لسان السيسي نفسه في أكثر من مناسبة، كان آخرها في منتصف الشهر الجاري، خلال مداخلة هاتفية له مع الإعلامي شريف عامر على قناة إم بي سي حين اتهم الإعلام بتقديم صورة غير الواقع الموجود في مصر.

المخابرات المالك الجديد

وكشف أحد المحاسبين في أحد البنوك التي يصرف العاملون في بعض القنوات المملوكة للمخابرات رواتبهم لـ"عربي21" ، أن الحساب مسجل لديهم تابع "للقوات المسلحة"، وهو ما يؤكد امتلاك المخابرات لتلك القنوات فعليا.

وقال مصدر مطلع لـ"عربي21" أن ملف الإعلام كان في يد "الرئاسة" إبان فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، ولكنه انتقل إلى المخابرات الحربية في عهد وزير الدفاع المصري آنذاك، عبدالفتاح السيسي، في أعقاب الانقلاب العسكري، وتحديدا في يد رئيس مكتبه اللواء عباس كامل، ثم انتقل معه إلى المخابرات العامة في تموز/ يوليو الماضي، عندما انتقل رئيسا للجهاز الأهم في مصر.

 

وخلال عام 2018 أغلقت عدة قنوات من بينها قناة أون لايف الإخبارية، ودي إم سي سبورت، وسي بي سي العامة، وقناة "إل تي سي"، و"العاصمة" واستقال عدد كبير من المديرين التنفيذيين والفنيين، وتم منع ظهور إعلاميين آخرين ووقف برامجهم من بينهم إبراهيم عيسى، ويوسف الحسيني، وأماني الخياط، تامر عبد المنعم، وغيرهم من الوجوه.

هيمنة لا مهنية

وتعليقا على ما شهدته الساحة الإعلامية من تغيرات، قلل الخبير الإعلامي، حازم غراب، من شأن سيطرة الجيش على الإعلام، قائلا: إن "التجربة فشلت بشهادتهم، ومحاولة امتلاك القنوات بدل امتلاك أصحابها هو الطريق المختصر ولكن تناسوا أن هناك فضاء مفتوحا لا يقدرون على حظره، أو ملكه حيث يقدر المصريون على مشاهدة وسماع ما يريدون ".

وأضاف لـ"عربي21" أن أكبر دليل على فشل إعلامهم العسكري "هو الهجوم على شركة "إبسوس" لأبحاث التسويق وإغلاقها بعد كشفها عن تراجع تأثير قنوات الإعلام لصالح قنوات الثورة؛ فالناس باتت تدرك تدليس وكذب إعلام النظام، وفقدوا المصداقية في كل أحاديثهم".

وأكد أن "أذرع السيسي الإعلامية خسرت شرف المهنة من أجل السلطة أو الشهرة وتحولوا إلى مطايا إلى أسيادهم يملون عليهم ما يقولون، وضللوا المصريين بتدليس الحقائق، وأهانوا مهنة الإعلام والصحافة، ولذلك فشلوا مع ماليكهم الجدد في تقديم مادة حقيقية تعبر عن الواقع والحقيقية".


امتلاك الإعلام لا الجمهور

من جهته؛ أكد مدير عام قناة مكملين التي تبث من تركيا، أحمد الشناف، لـ"عربي21" أن "كل مساعي نظام السيسي من خلال الجيش لامتلاك الإعلام نجحت، ولكنها فشلت في امتلاك الجمهور، الذي أدرك أن هناك جهودا من أجل صرف نظره عن قضاياه الحقيقية، ومشاكله اليومية".

وأبرَزَ مدى قدرة قنوات الثورة في الاستحواذ على مشاهدات المصريين بالقول: "لعل أكبر دليل على إنفاق مليارات الجنيهات دون طائل هو انصراف الجمهور عن القنوات الموالية للنظام، ومتابعة قنوات الثورة في الخارج، كما أكد على ذلك كتابهم ومفكروهم في أكثر من مقال ومناسبة".

واستبعد الشناف قدرة النظام على استيعاب الحقائق ونقلها، وبالتالي نيل مصداقية المصريين، قائلا: "لا شيء يمكن أن يقدمه الإعلام أفضل من الحقائق، وافتقار النظام لها يؤكد بلا شك أنه غير قادر على مواجهة الشعب بمشاكله وهمومه، وطريقة معالجتها فيلجأ إلى قضايا فرعية فنية كانت أو رياضية، المهم أنها لا تعبر بشكل من الأشكال عن واقع الناس".

 

التعليقات (0)

خبر عاجل