أفكَار

كيف تتحقق الوحدة الإسلامية في ظل سياسات الأنظمة التصادمية؟

هل تتحق وحدة إسلامية في يوم من الأيام في ظل الأنظمة الحالية؟ - جيتي
هل تتحق وحدة إسلامية في يوم من الأيام في ظل الأنظمة الحالية؟ - جيتي

عقدت رابطة العالم الإسلامي الأربعاء الماضي مؤتمرها الدولي بمكة المكرمة، تحت عنوان "الوحدة الإسلامية.. مخاطر التصنيف والإقصاء"، والذي شارك فيه 1200 شخصية إسلامية من 127 دولة يمثلون 26 مكونا إسلاميا بحسب بيانات الرابطة.

وركز المتحدثون في كلماتهم على أهمية "الوحدة الإسلامية التي أولتها الشريعة الإسلامية أهمية كبرى، لأن الاجتماع أصل من أصول الدين، والحث على التعايش وتكريم الإنسان والوقوف بحزم في وجه دعاة الغلو والتطرف، وضرورة كشف الشبهات وبيان الحق للجماعات المتطرفة فيما تمارسه من تفجير وتكفير ومخالفات شرعية جسيمة".

كما شدد المتحدثون على أن "الوحدة الإسلامية لا تعني الاندماج، بل تعني التعايش والانسجام، والتعايش هو الاعتراف بحق العيش في بلد واحد بين جميع مواطنيه، والدعوة إلى تعزيز روح التسامح والتعايش بين المسلمين في كل مكان، وتجاوز الأطر الضيقة وفهم الآخر".

لكن وبحسب مراقبين فقد غاب عن كلمات المشاركين دور الأنظمة السياسية في تحقيق الوحدة الإسلامية أو إعاقتها، إذ كيف تتحقق الوحدة الإسلامية في ظل سياسات صدامية تنتهجها دول عربية وإسلامية في المنطقة كالسعودية وإيران والإمارات الأمر الذي يفسد كل مشاريع الوحدة الإسلامية.

عن أي تعايش يتحدثون؟

ووفقا للأكاديمي السعودي، أستاذ الشريعة السابق في جامعة الإمام محمد بن سعود، الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي فإن "قضية التعايش التي يطنطون حولها تستثمر سياسيا بامتياز، ولو كانت تهمهم فعليا لما رموا اتحاد علماء المسلمين بالإرهاب، الذي يضم آلاف العلماء، ولما رموا الإخوان وحماس كذلك بالإرهاب".

وأبدى الغامدي لـ"عربي21" تخوفه من تلك التوجهات، والتي باتت تصب بشكل واضح نحو مزيد من التصهين والتقارب مع الأقباط والكنيسية الإنجيلية، وقد تولى أمين رابطة العالم الإسلامي محمد العيسى مهمة ذلك بزياراته وكلماته، وبما تسطره مجلة رابطة العالم الإسلامي التي تحولت إلى منبر دعاية لهذا التعايش". 

وتساءل الغامدي: "كيف تتحقق الوحدة الإسلامية وهم يتبنون سياسة صدامية مع الأشقاء مثل قطر والمغرب والكويت وعمان وباكستان وماليزيا وتركيا" واصفا ذلك بـ"التناقضات"، ذاكرا أن "هذه المؤتمرات التي تقام لأغراض غير التي أعلن عنها، هي مؤتمرات مغرضة ولا نفع فيها، لأن الله لا يصلح عمل المفسدين" على حد قوله.

من جهته دافع أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، الدكتور محمد السعيدي عن المؤتمر وعن السعودية وسياساتها في المنطقة، فهي " صاحبة أفضل وأنجح تجربة تعايش مذهبي في العالم الإسلامي، وقد ضمت في حدودها في طورها الأول والثاني والثالث الغالبية".
السعودية والتعايش المذهبي.

وتابع حديثه لـ"عربي21" مثنيا على النظام السلفي في السعودية في تعامله مع الأقليات الاثني عشرية، والإسماعيلية والزيدية والصوفية، إضافة إلى وجود الأشاعرة من المالكية والشافعية والحنفية، كان منهم أعضاء في هيئة كبار العلماء".

ولفت إلى أنه "لم يظهر أي تمايز مذهبي حتى عام 1400، حين بدأت الدعاية الخمينية والتحريش السياسي من هنا وهناك، لهذا فالسعودية في مثل هذا المؤتمر ما عليها إلا أن تنقل تجربتها، وتبين السبب الأصيل للمشكلات المذهبية وتحذر من التدخل الإيراني، وزرع فكرة الأقليات داخل أي مجتمع".

 

اقرأ أيضا: "فقه المشاركة السياسية": الحكم والوقائع

وأكدّ السعيدي على أن "نقل التجربة السعودية فيما قبل الألف والأربعمائة يحقق حتما قربا نحو الوحدة، ليس بمفهومها السياسي ولكن بمضمونها الاجتماعي".

ونفى السعيدي أن تكون "السعودية تنتهج أي سياسات صدامية سواء في عهد الملك سلمان وولي عهده أم قبل ذلك، فكل ما في الأمر أنها أصبحت أكثر سرعة في الحركة تجاه من يتصادم معها".

وأوضح السعيدي أن "السعودية في نهاية الأمر تواجه إيران وكل من يقف مع إيران، تركيا، قطر والحوثيين، أما ماليزيا والكويت فليس بينهما وبين السعودية سوى مشكلات طفيفة عادية، وهذا من افتراض نوع من التصادم غير موجود أصلا، ويمكن لتركيا أن تترك التصريحات العبثية، التي تحاول بها استفزاز السعودية وينتهي الأمر" بحسب عبارته.

لا وحدة في ظل الصراعات

بدوره رأى أستاذ الإعلام في الجامعات العراقية، الدكتور فاضل البدراني أنه "كي تتحقق الوحدة الإسلامية، ينبغي أن تتوفر لها شروط أساسية، منها أن لا يكون البعد السياسي للدول يمثل البناء الذي تستظل تحته النقاشات والاجتماعات المتعلقة بتقريب وجهات النظر العقدية والمذهبية".

ولاحظ البدراني في حديثه لـ"عربي21" أن "جميع اللقاءات الإسلامية تحكمها توجهات الدول، وليس المؤسسات المعنية بالأمر"، نافيا وجود طرف يكترث بالمخاطر المحدقة، ومن ثم يبحث عن حلول حقيقية للأزمات الراهنة، وهي قضية جدلية يتحملها الجميع، وترجع إلى غياب الشعور لدى الأنظمة الإسلامية ومنها العربية، في البحث عن الحلول المنطقية، ومعرفة كل طرف لدوره الحقيقي".

من جانبه قال أستاذ علم الاجتماع السابق بجامعة صنعاء، الدكتور عبد الباقي شمسان "إن الحديث عن وحدة إسلامية في بيئات عربية وإسلامية لم تكتمل فيها أركان الدولة الوطنية بعد لوجود هويات أولية مختلفة غير واقعي، وبلا ثمرة حقيقية".

وأضاف "لقد تحولت السعودية للأسف من دولة قائدة للأمة الإسلامية بحكم موقعها الديني، ورمزيتها الإسلامية إلى دولة قطرية تابعة للإمارات العربية، وخانعة للاستراتيجيات الأمريكية في المنطقة".

وردا على سؤال "عربي21" عن موانع وعوائق تحقيق الوحدة الإسلامية المتحدث عنها، لفت شمسان إلى أن "الاستقطاب السياسي الحاد، والصراعات الاستراتيجية القائمة بين دول كبرى في المنطقة كتركيا والسعودية وإيران من أبرز تلك الموانع والمعوقات".


وتساءل عن أي وحدة يتحدثون ودولة كبرى كالسعودية تحاصر دولة أخرى من دول مجلس التعاون الخليجي، وهي طرف حرب بالوكالة في سوريا والعراق، وهي تابعة وخانعة للسياسات الأمريكية في المنطقة؟

ودعا الأكاديمي اليمني في ختام حديثه إلى ضرورة تعزيز سبل الالتقاء والتعاون بين قطبي المنطقة تركيا والسعودية، وفي الوقت نفسه البحث عن القواسم المشتركة مع إيران، خوفا من ترسيخ المحاور المذهبية في المنطقة، وتكريس المحاور الاقتصادية في العالم الإسلامي والتي ستفضي حتما إلى مزيد من الصراعات والصدامات".

التعليقات (0)

خبر عاجل