ملفات وتقارير

الكنيسة المصرية في 2018 .. مكاسب وأزمات وحقول ألغام

متخصصون في الشأن الكنسي: الكنيسة المصرية تسير فوق حقل ألغام يمكن أن ينفجر في وجهها- جيتي
متخصصون في الشأن الكنسي: الكنيسة المصرية تسير فوق حقل ألغام يمكن أن ينفجر في وجهها- جيتي

عاشت الكنيسة المصرية أكثر أعوامها تأزمنا خلال 2018، الذي شهد أحداثا كادت أن تعصف بها، وتفجر أوضاع الأقباط الملتهبة من الأساس، ما جعل هذا العام بمثابة عام الألغام الكامنة داخل الكنيسة العتيقة.


ورغم أن 2018 بدأ في لملمة أوراقه إلا أن البابا تواضروس الثاني رأس الكنيسة المصرية، لم يشأ أن يغادره قبل أن يبعث برسالة أعادت الأوضاع للاشتعال مرة أخرى داخل الكنيسة، عندما رحب بتعديل الدستور بما يسمح باستمرار رئيس الإنقلاب عبد الفتاح السيسي في الحكم متجاوزا المدد والفترات التي أقرها دستور 2014، الذي شاركت الكنيسة في صياغته بفاعلية.


وفي استعراضه لأهم الأحداث الكنيسة خلال 2018 يؤكد الباحث بالشؤون الكنسية جرجس فهمي لـ "عربي21" أن الكنيسة شهدت هذا العام تطورات بارزة على المستوى الداخلي، كان أكثرها خطورة حادث مقتل الأنبا ابيفانيوس كاهن دير الأنبا ابي مقار، على يد رهبان داخل الدير في شهر تموز / يوليو، ثم انتحار الراهب زينون المقارى في شهر أيلول/ سبتمبر، بعد نقله من دير ابي مقار على خلفية مقتل الأنبا ابيفانيوس، وأخيرا إعلان الراهب المشلوح يعقوب المقاري انفصاله عن الكنيسة الأم، واتخاذه دير الأنبا كاراس السائح بوادي النطرون مقرا له.

 

قرارت صارمة


ويضيف فهمي أن الكنيسة حاولت معاجلة الآثار المترتبة على هذه التطورات بقرارات صارمة من لجنة الرهبة بمنع الظهور الإعلامي، ووقف الترسيم وإعادة هيكلة الأديرة والكنائس، ووقف التعاملات المالية مع الآباء والكهنة، إلا أنها سرعان ما واجهت أزمة جديدة في حادث الهجوم على حافلة أقباط المنيا في تشرين الثاني/ نوفمبر.


ووفقا للباحث بالشؤون الكنسية فإن 2018 كان الأقل في عمليات الهجوم المسلح ضد الأقباط بالمقارنة بالأعوام السابقة، حيث شهد حادثين فقط أحدهما لم يكتمل ضد كنيسة مار جرجس بمنطقة مسطرد بالقاهرة، والآخر حادث المنيا الذي أدى لوفاة 7 مسيحيين، إلا أنه في المقابل فإن المشاكل الداخلية التي واجهها مسؤولو الكنيسة نتيجة علاقاتهم بنظام السيسي وضعتهم في موقف سيء أمام شعب الكنيسة.

 

اقرأ أيضا: هكذا استغل السيسي الكنيسة المصرية لصالح ابن سلمان

ويوضح فهمي أن رحيل الأنبا بشوي الذي يعد من صقور الكنيسة منح المعارضين فرصة للضغط على البابا تواضروس من أجل إعادة الكنيسة لسابق عهدها في رسم سياستها بالنظام السياسي، وخاصة الوضع الذي كانت عليه خلال حقبة مبارك، إلا أن شخصية تواضروس نفسه وسياسته التي يسير عليها، تقف حائلا دون تحقيق ذلك.


ويرى فهمي أن التصريح الذي أطلقه تواضروس خلال تدشين كاتدرائية الأنبا برسوم العريان بمنطقة المعصرة بجنوب القاهرة مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2018، حول تعديل الدستور في المواد المتعلقة بفترة ومدد الرئاسة، تعبر عن توجه الكنيسة في استمرار دعم السيسي، لأنها أولا تعتبر نفسها شريكا في انقلابه الذي نظمه بتموز/ يوليو 2013، ولأنها ثانيا حصلت منه على دعم لن تستطيع الحصول عليه من أحد غيره.

 

مكاسب


وحول تقييمه لعام 2018 بالنسبة للكنيسة يؤكد خبير التنظيمات الدينية عبد الرحمن الحمادي لـ "عربي21" أنها حققت خلال العام مكاسب وأصابتها نكسات، وهو ما يمكن أن يمتد معها خلال العام المقبل، إذا استمرت على دعمها للسيسي وخاصة في التعديلات الدستورية المرتقبة.


ويوضح الحمادي أن أهم المكاسب التي حققتها الكنيسة هو تقنين أوضاع أكثر من 170 كنيسة ومبنى خدميا خلال عام واحد، وهو رقم ضخم جدا لم يحدث من قبل، كما أنها رسخت مكانتها لدى النظام السياسي بما يجعل الاستغناء عنها مستقبلا في غاية الصعوبة، باعتبارها الكتلة الصلبة المضمونة للسيسي في الاستحقاقات الانتخابية التي يخوضها.

 

اقرأ أيضا: حوادث الأديرة بمصر.. صراع ديني أم على "البيزنس"؟

ويشير إلى أن الكنيسة مقابل ذلك حصلت على المزيد من المكاسب والأراضي والتراخيص، والاستقلالية الكاملة في إدارة أوقافها، بما يعني غض طرف الأجهزة الرقابية عن الأموال الداخلة والخارجة منها وإليها، وهي ورقة الضغط التي كان يستخدمها نظام مبارك من فترة لأخرى.

 

حقل ألغام


ويضيف خبير التنظيمات الدينية أن السيسي فتح الباب أمامها نحو السعودية التي كانت في السابق من المحرمات، وقد استغلت الكنيسة حاجة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لدعمها أمام أمريكا وأوربا في قضية مقتل خاشقجي، فمارست سياستها في استغلال الفرص، وبدأ الحديث يتصاعد حول إمكانية تدشين أول كنيسة للأقباط بالمملكة، كما لم يدخر البابا جهدا في دعم ملف التطبيع مع إسرائيل بالسماح للأقباط بالحج للأماكن المقدسة بالقدس الشريف في مخالفة لقرارات المجمع المقدس عام 1980.


ويرى الحمادي أنه رغم كل ما حققته الكنيسة، إلا أنها تسير فوق حقل ألغام يمكن أن ينفجر في وجهها، خاصة وأن العلاج الذي قدمته في أحداث دير أبي مقار، لم ينه الأزمة، وإنما كان مجرد مسكنات، في ظل خروج مشاكل الكنيسة عن جدرانها الغليظة للإعلام، وخاصة الفضاء الإلكتروني الواسع الذي عمق من أزمة الكنيسة القديمة، والمتجددة حول دورها وهل هو ديني روحي فقط، أم أن دورها سياسي كذلك.

التعليقات (1)
واحد من الناس... هذا هو زمن الضباع سواء في حكم مصر او حكم الكنيسة
الثلاثاء، 18-12-2018 07:25 ص
......