حول العالم

تعرف على جزر بريطانيا المجهولة التي تستمد منها هيمنتها

هذه الجزر تسمح لبريطانيا بالحفاظ على استراتيجية السيطرة على جنوب المحيط الأطلسي، من خلال قواعدها العسكرية-  موقع "الأوردن مونديال" الإسباني
هذه الجزر تسمح لبريطانيا بالحفاظ على استراتيجية السيطرة على جنوب المحيط الأطلسي، من خلال قواعدها العسكرية- موقع "الأوردن مونديال" الإسباني

نشر موقع "الأوردن مونديال" الإسباني تقريرا، تحدث فيه عن جزر سانت هيلينا، وأسينشين، وتريستان دا كونا، وهي ثلاث جزر غير معروفة، ولكنها لعبت دورا حاسما في البناء والتطور التاريخي للإمبراطورية البريطانية.

وصرحت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أنه اليوم تعد هذه المستعمرات جزءا من استراتيجية السيطرة البريطانية في جنوب المحيط الأطلسي.

 

وقد كانت هذه الجيوب نقاطا استراتيجية بالنسبة لها على الصعيدين العسكري والتجاري، وأيضا لاستغلال وجلب العبيد من شرق أفريقيا ومدغشقر؛ وهو نشاط لا يزال متواصلا إلى حد الآن.

في خضم النقاش المحتدم بين إسبانيا وبريطانيا حول مستقبل منطقة الحكم الذاتي جبل طارق، وتأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على وضعها القانوني، تبرز أيضا جزر أخرى تابعة لبريطانيا، وهي سانت هيلينا وأسينشين وتريستان دا كونا، التي لا تزال أهميتها التاريخية والجيوستراتيجية قائمة إلى حد الآن.

وأوضحت الصحيفة أن هذه الجزر الموجودة في المحيط الأطلسي، كانت تمثل مراكز للتجارة الدولية بين أوروبا والهند، ونقطة لنقل الآلاف من العبيد.

 

وفي الوقت الراهن، تؤمن هذه الجزر الثلاث لبريطانيا، فرصة التموقع في نقطة استراتيجية بين القارتين الأمريكية والأفريقية.

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من تعدد المعارك البحرية من أجل السيطرة على الشرق خلال القرن الثامن عشر، وتتالي الأحداث في أوروبا؛ على غرار الثورة الفرنسية وحروب نابليون، وتراجع القوة الهولندية، وانهيار الاتحاد الإيبيري الذي كان يشمل إسبانيا والبرتغال، تمكنت بريطانيا الاستعمارية من فرض سيطرتها على المنطقة.

 

وقد لعبت هذه الجزر الثلاث دورا، لا يزال الكثيرون يجهلون أهميته، من أجل تعزيز هيمنة بريطانيا على العالم.

وأوردت الصحيفة أن جزيرة سانت هيلينا التي عرفت على أنها منفى نابليون بونابرت في القرن التاسع عشر، هي ثاني أقدم مستعمرة بريطانية بعد برمودا، اكتشفت في 1502، أثناء رحلة استكشافية برتغالية.

 

وقد اعتبرها البرتغاليون نقطة مثالية لمرور البحارة والحصول على الراحة والعلاج بالنسبة لمن يعانون من مشاكل في الإبحار.

 

وخلال القرن السادس عشر، أصبحت هذه الجزيرة الصغيرة نقطة رئيسية للتزود بالطعام والماء، ومركزا للسفر بين البرتغال وآسيا.

 

اقرا أيضا :  17 لغزا مثيرا عجز العالم عن تفسيرها إلى الآن


وجعلتها هذه الشعبية التي حظيت بها محل أطماع من البريطانيين والهولنديين. وانتهى هذا الصراع بفرض الحكم البريطاني على هذه الجزيرة في 1658، عندما قررت شركة الهند الشرقية تحصين الجزيرة وتوطين المزارعين فيها.

أما جزيرة أسينشين، فقد أعاد اكتشافها البحار جواو دا نوفا في 1671، بعد أن اكتشفها لأول مرة الرحالة البرتغالي ألفونسو دي ألبوكيرك في 1503.

 

وقد قرر التاج البريطاني احتلال هذه الجزيرة نظرا لاعتبارات جيوستراتيجية، حيث أراد البريطانيون حماية سانت هيلينا وتجنب هروب نابليون بونابرت.

 

وقد كانت هذه الجزيرة تحت إدارة البحرية الملكية، واستخدمت على اعتبارها منطقة لعمليات التدريب والإقامة التي كانت تجرى سابقا على متن سفن عائمة كانت في وضعية خارج الخدمة.

وأكدت الصحيفة أن الغرض الأساسي من جزيرة أسينشين كان دائما عسكريا. وأثناء الحرب العالمية الثانية وحرب جزر الفوكلاند، استغلت القاعدة العسكرية الموجودة في هذه الجزيرة، من قبل القوات البريطانية وأيضا الأمريكية.

وذكرت الصحيفة أنه بعد خمس سنوات من اكتشاف أسينشين، تمكن البحار البرتغالي تريستان دا كونا من اكتشاف الجزيرة الثالثة في هذه المنطقة، التي سميت تيمنا باسمه. لكن تمركز البحرية البريطانية فيها، لم يبدأ إلا في 1816، عندما تم بعث إقامة دائمة في الجزيرة.

 

وقد جاءت هذه الخطوة أيضا بناء على حسابات استراتيجية، بما أن البريطانيين أرادوا منع استخدام الجزيرة كقاعدة لإنقاذ نابليون من سجنه في سانت هيلينا.

 

وقد مثلت جزيرة تريستان دا كونا قاعدة عسكرية حتى بعد الحرب العالمية الثانية، وقد كان عدد سكانها في 1832 يبلغ 34 ساكنا فقط.

وذكرت الصحيفة أن الخصائص المناخية والجغرافية والفيزيائية لهذه الجزر الثلاثة، وبشكل خاص سانت هيلينا، كانت محل اهتمام كبير خلال القرن السابع عشر.

 

ولكن بحلول القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وبسبب الفشل في تحويلها إلى مستوطنة ذات نشاط اقتصادي ناجح والصعوبات التي شكلتها بيئة هذه الجزر، فقدت أهميتها لدى الكثير من السياسيين والتجار والجيوش، الذين وجهوا أنظارهم نحو جزر موريشيوس والرأس الأخضر.

وبعد حرب السنوات السبع التي دارت بين عدد من الدول الأوروبية، ركزت البعثات الاستكشافية البريطانية في جنوب المحيط الأطلسي على العثور على جزر غير مأهولة، تستجيب لاحتياجات السفن، وبإمكانها توفير المؤن وتأمين السفن التجارية. ولكن تغيرت أوضاع هذه الجزر، وتراجعت أهميتها.

وأكدت الصحيفة أن هذه الجزر الواقعة في أعالي البحار، التي يعود لها الفضل في نجاح البحرية البريطانية في اكتساب نفوذ كبير، لا تزال إلى اليوم تحافظ على أهميتها وارتباطها الاستراتيجي بالمملكة المتحدة.

 

ويعود ذلك بالأساس إلى أنها تسمح لبريطانيا بالحفاظ على استراتيجية السيطرة على جنوب المحيط الأطلسي، من خلال قواعدها العسكرية ونطاقاتها الاستعمارية.

 

واليوم تندرج هذه الجزر الثلاثة ضمن قائمة 17 إقليما لا يتمتع بالحكم الذاتي، وينتظر السماح له بتقرير مصيره.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى الضرر الكبير الذي تعرضت له هذه الجزر على المستوى الإيكولوجي منذ أن استوطنها الإنسان، بسبب الاستغلال الزراعي المفرط، وعمليات قطع الأشجار، وجلب كائنات غريبة من حيوانات ونباتات.

 

وقد دفع ذلك الحكومة البريطانية لاتخاذ إجراءات لحماية البيئة وترشيد استغلال الجزر، من أجل الحفاظ على استمرارية الحياة فيها.

 

في المقابل، تواجه بريطانيا حاليا، تحديات جديدة في هذا الصدد، باعتبار تفاقم مشكلة تغير المناخ، التي تهدد الحياة على هذه الجزر.

0
التعليقات (0)