مقالات مختارة

معادلة بأكثر من مجهول في “ثورة” السترات الصفر

حبيب راشدين
1300x600
1300x600

تشهد العاصمة الفرنسية باريس اليوم، فعاليات الاستعراض الرابع لـ"السترات الصفر" من غلابة فرنسا تحت أكثر من راية مجهولة، في مواجهة يسعى أكثر من طرف خفي يحرك خيوط لعبتها، ووكلاء يعملون بوجه سافر حتى من داخل الحكومة الفرنسية إلى تطوير الاحتجاج إلى صاعق لحرب أهلية، يجب أن نستبقها بتحذير الجالية المسلمة في فرنسا من مغبة الانخراط فيها حتى لا تكون حطب محرقتها الأولى.

حتى الساعة لم نلمس أي حراك من حكومات دول المغرب العربي في اتجاه الجالية المغاربية لتوعيتها بما هو على المحك، ونصحها بالوقوف على الحياد في مواجهة نراها تتطور نحو المجهول، وقد بدت فيها واضحة للعيان أساليب إدارة الفوضى الخلاقة للحروب الأهلية كما عهدناها في "ميادين" الثورات المخملية وربيع الشعوب تحت رايات اجتماعية تختلف في المطلب عن الرايات الكاذبة التي رفعت في الربيع العربي أو في ساحة "ميدان" الأكرانية لكنها تتقاطع معها في أدوات التحشيد والشحن وقيادة القطيع إلى المذبحة.

إلى هنا يبقى الحدث فرنسيا صرفا، قد يفسر بضيق صدر غلابة فرنسا وشعب جغرافية الفقر فيها من سلوك نخبة نيوليبرالية متعجرفة، تعمل تحت إملاءات خدمة الأوليغارشية المالية في الاتحاد الأوروبي، قد ضربت عرض الحائط بمبادئ الديمقراطية وراياتها الكاذبة الخاطئة ، وتريد الانتقال إلى ما سبق للأديب الأمريكي جاك لندن أن وصفه بـ "دكتاتورية العقب الحديدي" على يد الأوليغارشية من آل روتشيلد روكفلر وسوروس، لولا أننا معنيين بمآلات هذا الحراك الموجه عن بعد، وواجب استشراف فرضية توريط الجالية المسلمة من شباب الضاحية في مواجهة مرشحة للانتقال السريع إلى حرب أهلية تنفذ فيها محرقة فظيعة لأبناء الجالية.

أكثر من شاهد في الطريقة التي سيرت بها الحكومة الفرنسية المواجهة حتى الآن، يؤكد وجود مناورة غامضة تعمل على تصعيد الاحتجاج ونقله إلى صدام دام  تتصاعد وتيرته من أسبوع إلى آخر، وتحضير المجتمع الفرنسي للدخول في ما يشبه الثورة، التي تبدأ بالاحتجاج على الضرائب (كما كان الحال في الثورة الفرنسية الأولى) لتنتقل إلى حرب شوارع ونصب للمتاريس وأخيرا الدخول في مرحلة قطع الرؤوس، ويراد لانخراط الجالية المسلمة فيها أن يكون صاعقها الأكبر، من جهة توظيف حجم العنف المتراكم عندها الذي قد يساعد بقية المجتمع الفرنسي الأبيض على الانخراط في العنف الكامن فيه منذ الثورة الفرنسية.

إلى جانب ذلك هنالك عامل خارجي يشتغل منذ عقود على التهيئة لمواجهة بين المجتمع المسيحي الأبيض ومجتمع التنوع من المهاجرين بأغلبيته المسلمة، كانت قد اشتغلت عليه النخبة الفرنسية المتصهينة في الإعلام ورواد الرأي في حملات إعلامية متواصلة زرعت بذور الكراهية للمسلمين، وتغذي في المقابل مشاعر الغضب وروح الانتقام عند أبناء الجالية المسلمة في أوروبا، حتى أن بعض حاخامات التيار التلمودي الصهيوني لا يتردد في القول إن أبناء إسماعيل (الجالية من  العرب المسلمين) هم مكنسة بني إسرائيل وأداتهم في تنفيذ الانتقام من "إيدوم" أي مجتمع المسيحيين البيض.

لأجل ذلك وجب على حكوماتنا خاصة في المغرب العربي أن تسارع إلى تأطير الجالية والاقتراب منها حتى لا تسقط في الفخ الذي تنصبه لها القوى الصهيونية المتحكمة في النخب الحاكمة خاصة مع رئيس فرنسي تخرج من دار آل روتشيلد الصهيونية التلمودية، وتعضه نخبة فكرية وإعلامية تدير على مدار الساعة حملة مسعورة على كل ما له صلة بالإسلام والمسلمين.

عن صحيفة الشروق الجزائرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل