مقالات مختارة

أين الأمير سلمان بن عبد العزيز.. أفضل طلابي وأصحابي؟

أحمد القديدي
1300x600
1300x600

صدمني خبر اختفاء سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز بن سلمان آل سعود مع والده الذي تداولته وسائل الإعلام هذا الأسبوع من خلال تكليف أحد المحامين في فرنسا بمتابعة هذا الاختفاء، وقيام الرئيس ماكرون بتحويل الملف إلى وزارة الخارجية الفرنسية للمتابعة والتقصي، قلت صدمني الخبر لأن صداقة طويلة وعلاقة أكاديمية تربطانني بالأمير الشاب الذي عرفته في باريس سنة 2007 حين كان يسعى لتسجيل رسالة دكتوراه دولة في جامعة السربون، وكنت باحثا في قسم التاريخ السياسي الحديث مع أستاذي القدير المستشرق الراحل (دومينيك شوفالييه)، الذي سبق أن أشرف على رسالتي أنا لدكتوراه الدولة حول موضوع صعود الإسلام السياسي وانعكاساته في الإعلام الفرنسي. تيقنت منذ أولى جلساتي مع الأمير سلمان من أن هذا الشاب السعودي يتمتع بثقافة واسعة وتواضع جم وعلاقات وطيدة مع النخبة السياسية الفرنسية والأوروبية.

عموما تلك العلاقات التي كان الأمير يوظفها لخدمة بلاده المملكة السعودية والعالم الإسلامي وعرفته أنا على أفضل الأساتذة الفرنسيين ومنهم رئيس جامعة السربون الأستاذ (جون بيار بوسو) كما عرفني هو على أشهر المسؤولين الفرنسيين أمثال (لورون فابيوس رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ثم وزير الخارجية) و(جاك لانغ وزير الثقافة ثم رئيس معهد العالم العربي وسواهما) كان الأمير يستشيرني في شأن أنسب الخيارات لموضوع رسالته ويتردد بين العلوم السياسية والقانون ثم استقر رأيه على القانون في علاقة مع الخليج والمؤسسات الدولية ثم منذ حوالي سنة تعجبت من فقدان أثره، حيث لم يعد يرد على مكالماتي على جواله الفرنسي والسعودي.

وكان آخر لقاءاتي بالأمير في مأدبة عشاء أقامها على شرفه أحد الأصدقاء القطريين المشتركين بيني وبينه في بيته بالدوحة، ثم قابلته في باريس في أحد الفنادق التي يختار مواعيده فيها، وتقابلنا عديد المرات في مطاعم باريسية مع بعض الأساتذة الفرنسيين وبعض مرافقيه من الشباب السعودي.

كان الأمير سلمان ينال إعجاب وتقدير كل من يتصل به من النخبة الأكاديمية والسياسية الفرنسية؛ لأن الرجل متعدد الأبعاد الفكرية شديد النهم على تحصيل المعرفة، وكان صاحب مشروع يعز عليه، بل يمثل غاية دراسته وتواجده في باريس، وهو مشروع الإصلاح والتحديث لمنظومة الحكم في المملكة، لكن من داخل الأسرة وباحترام شديد للقيم التي تأسست عليها المملكة فهو من الجيل الثالث من الشباب المتعلم المتفتح الطموح بعد جيل المؤسسين مع الملك عبد العزيز جده ثم جيل أبناء عبد العزيز وأبناء عمومتهم وأخيرا جيله هو الذي ولد في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات.

وبالنظر إلى ثقافته الفرنسية وإتقانه للغتها وتعرفه على أبرز شخصياتها السياسية والأكاديمية وشحت الدولة الفرنسية صدر الأمير سلمان بوسام الشرف كما تفعل مع أصدقاء حضارتها كان يعتز بهذا الشرف كما يعتز بعلاقاته الوطيدة مع أقطاب الأسرة الحاكمة في المملكة من أعمامه وأطلعني على رسالة من الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز حين كان ولي عهد للملك عبد الله وهي رسالة تقدير باسم الأسرة السعودية كلها لهذا الشاب الذي (حسب عبارات الرسالة ذاتها) قدم لوطنه أفضل الخدمات ورفع راية المملكة في الاتحاد الأوروبي ويختم الأمير سلمان آنذاك رسالته بالتمنيات للأمير الشاب أن يوفق في مسعاه، وكنت أنا أقول للأمير سلمان إنك وسمو ولي العهد تحملان نفس الاسم واسم الأب وأنك تؤدي رسالة الدبلوماسية الشعبية والثقافية وهي سند للدبلوماسية الرسمية (كان السفير السعودي في باريس آنذاك من أسرة آل الشيخ) ومما يدعو للخشية على الأمير الذي أكن له كل المحبة والاحترام أن يكون معرضا للحسد والانتقام لأن المعلومات الواردة علينا من محاميه الفرنسي تقول إنه تمت دعوته للقصر الملكي ليلة 4 يناير الماضي بعد منتصف الليل وأنه لم يخرج منه ويشاع أنه أسيئت معاملته ولم يصدر أي بيان يوضح أسباب هذه (الدعوة) ومصير الأمير بل إن الأنباء تفيد أن قوة خاصة اقتحمت منزل والده الأمير عبد العزيز بن سلمان واعتقلته يبدو بعد تكليفه للمحامي الفرنسي وانشغاله بمصير ابنه.

ثم بلغ إلى علم هذا المحامي والى السلطات الفرنسية المهتمة بملفه أن القضاء السعودي بصدد البحث في قضية تتعلق بتجاوزات مالية للأمير سلمان وعدم تسديد فواتير! وهو ما لم يكن مطروحا عدليا كقضية عادية من قضايا الحق العام ؟ والأمير سلمان يلقب ب(غزالان) نسبة إلى الأمير محمد بن سعود بن فيصل بن تركي آل سعود المعروف ب(غزالان) نظرا لوسامته وطول قامته وهو ينحدر من فرع الإمام تركي بن عبد الله آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثانية. ونحن وكل من عرف الأمير الشاب نعول على رسالة الرئيس ماكرون الموجهة لسلطات المملكة بتاريخ 18 أبريل 2018 التي تطالب بتوضيحات حول مصير الأمير سلمان ووالده.

عن صحيفة الشرق القطرية

1
التعليقات (1)
متفائل
الجمعة، 16-11-2018 06:06 م
العلاقة الوطيدة بين الأمير الشاب ، والنخبة السياسية الفرنسية ، هي علاقة خاصة ، حدودها مضبوطة و مؤطرة وفق سيكولوجية هؤلاء الفرنسيين ، خصوصا صناع السياسة ، الذين تعرف إليهم الدكتور أحمد القديدي عن طريق الأمير الشاب ، هذه واحدة ، أما الثانية فهي ثقافة الأمير الفرنسية ، التي أعجب بها الكاتب أيما إعجاب ، من دون أن يدلنا على أهم ما تأثر به الأمير الشاب في حدود هذه الثقافة . أما الثالثة فهو مشروع الأمير الإصلاحي والتحديثي الذي لم يخبرنا الكاتب عن مبادئه و خطوطه العريضة ، هذا هو الأهم . أما سلامة الأمير فلا نختلف بخصوصها مع الأستاذ القديدي ، كسلامة كل المعتقلين داخل سجون السعودية .

خبر عاجل